شكل نداء "نأسف لقد قصفت (تل أبيب)" بدايةً حقبة جديدة في صراع المقاومة الفلسطينية مع الاحتلال، عنوانها قوة الردع التي تؤثر في (إسرائيل)، والتي ظهرت في أولى ردود كتائب القسام على استشهاد قائد أركانها أحمد الجعبري في نفس هذا اليوم قبل ثمانية أعوام.
ولطالما تمنت (إسرائيل) ألا تسمع هذه العبارة، وحاولت قدر المستطاع منع وصول مضمونها إلى قلب الكيان، وفي واقع الصدمة أنكرت في بادئ الأمر، إلا أنها وجدت نفسها امام حقيقة لا يمكن إنكارها، بأن المقاومة باتت تدق أبواب تل أبيب وقتما شاءت.
ومنذ ذلك الحين، تعرضت "تل أبيب" وما خلفها من مدن لرشقات صاروخية طالت حيفا والقدس والخضيرة وكافة الأحياء الشمالية والجنوبية لتل أبيب، خلال صد العدوان (الإسرائيلي) على غزة صيف عام 2014، وتكرر ذلك الفعل خلال الفترة الماضية خلال التصعيد العسكري.
والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه في هذه الذكرى، إلى أين وصلت قوة الردع لدى المقاومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة، كمًا ونوعًا ودقةً؟ حيث تسعى (إسرائيل) بكل قوتها الاستخباراتية إجابة السؤال السابق وتداعياتها، حتى لا تقع في صدمة جديدة خلال أي عدوان جديد على غزة.
وبينما تهرب (إسرائيل) من ذكرى القصف الأول لتل أبيب، كانت الصواريخ التجريبية اتجاه بحر غزة صباح اليوم بعد ثمانية أعوام تذكرهم بأن القادم أشد، وأن الصواريخ تزداد طولًا وقوةً ودقةً مع مرور الأيام، إلى أن نصل ليوم استخدامها وقد بات كل واحد منها يحمل مفاجأة جديدة لقيادة الاحتلال.
وفي التعقيب على ذلك، يقول الخبير العسكري يوسف الشرقاوي إن المقاومة الفلسطينية قبل ثمانية أعوام صدمت (إسرائيل) بما فعلت من قصف لمركزها الحيوي المتمثل في تل أبيب، وخلال هذه السنوات التي مضت لا يمكن أن تكون المقاومة قد أوقفت تطورها للحظة، وهذا ما أظهر صد عدوان 2014، وما تبع ذلك من تصعيدات عسكرية.
وأوضح الشرقاوي في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن (إسرائيل) تستعد لتلقي ضربات صاروخية أكثر كثافة وأبعد مدى خلال أي عدوان مقبل على غزة، وهي تعي أكثر من غيرها أن المقاومة الفلسطينية لا تترك بابًا لتطوير قدراتها إلا وتطرقه مهما كلفها ذلك من ثمن.
وبيّن أن الصواريخ بعيدة المدى تمثل إحدى ركائز قوة الردع لدى المقاومة الفلسطينية وتضاف إليه القوة البحرية بما تشمل من تطورات تكثر (إسرائيل) من الحديث عنها، وكذلك القوة البرية بما تشمل من خطط وأدوات فاعلة يمكنها إحداث تغيير في معادلة الردع خلال أي معركة عسكرية مقبلة.
وأشار إلى أن كل يوم يمر على المقاومة الفلسطينية تزداد فيه قوةً، في ظل استمرارها في عمليات التطوير والإعداد، وهذا ما يظهر من استمرار عمليات إطلاق الصواريخ التجريبية، وكذلك الاستنفار الإسرائيلي في البحر، لوضع سلسلة خطوط دفاع لمنع أي اختراق للحدود المائية، بالإضافة إلى أن (إسرائيل) من الأساس تسعى لتجنب خوض غمار أي معركة من غزة؛ لعلمها أن التكلفة ستكون ثقيلة.
وفي نهاية المطاف، فإننا نستشف من تصريحات قيادة المقاومة أن ما لديها من قوة بات أضعاف عما كانت عليه في حرب 2014، وعليه فإنها باتت تملك المزيد من أوراق قوة الردع، التي من شأنها أن تؤثر على الاحتلال وتقصر من مدى أي حرب مقبلة، وكذلك تحقيق نتائج أكثر فاعلية لصالحها.