تصلنا وجوههم تباعًا عبر المنصات، ابتسامة وآخر ما كتب، ذُيل أسفلها "انتقل إلى رحمة الله بعد إصابته بفايروس كورونا"!
لا فرصة للوداع الأخير، أمام ثلاجة الموتى يقف إلى جانب جثمان مغلف بأكياس نايلون رجال الإسعاف، يصلون الجنازة عليه ثم يغادر المرحوم دون أي مراسم أخرى!
هذا الموت ثقيل على غزة، تلك المدينة التي تحاول التشبث دومًا بالحياة، هذه الصغيرة التي نجت من حروب ثلاث، وغيرها من المآسي التي تلتف حول خاصرتها، وتحاول الفتك بها في كل مرة!
موتى وإنذار!
كم حاربت غزة لتبقى صامدة رغم كل شيء، صوت صراخٍ حفظته شوارع المدينة لسيارة الإسعاف وهي تقل مسرعة مصاب كورونا جديد لمستشفى الأوبئة "غزة الأوروبي" جنوب القطاع.
الأنفاس الأخيرة، وصوت انذار ينبعث من جهاز آخر، المريض يفقد الأكسجين، ساعة واحدة بعد تركيب جهاز تنفس صناعي للمصاب الذي أمسى ضمن قائمة الوفيات.
غزة التي صرحت بأنها بحاجة إلى أكثر من محطة جهاز توليد للأكسجين وأكثر من 50 جهاز تنفس اصطناعي لمواجهة فيروس كورونا في غزة، تواجه اليوم عدوًا غير مرئي، بإمكانيات محدودة جدًا.
عضو العلاقات الدولية في حركة حماس، باسم نعيم، أكد في تصريح صحفي أن الأوضاع الصحية في القطاع خطيرة وصعبة جدا في ظل استمرار الحصار المفروض على القطاع منذ 14 عاما.
تصريحات نعيم جاءت بالتزامن مع اعلان وزارة الصحة في غزة عن تسجيل 4 حالات وفاة الأسبوع الماضي ومثلها اليوم السبت وتسجيل 827 إصابة جديدة بفيروس كورونا حتى كتابة هذه السطور.
وداع مختلف!
وداعٌ مختلف في حرب غزة الجديدة، لم تعتد هذه المدينة أن يكون الوداع فيها دون موكب، ففي كل كانت تفقد عزيزا من أبنائها، كانت تزفه لدار السلام بالورود!
أعداد الضحايا ترتفع بشكل كبير، حتى أن الوفيات ما عادت تقتصر على كبار السن، بعد أن قفزت في وجوهنا صور لابتسامات شباب بعمر الأربعين قد قتلهم الفيروس خلال الأيام الماضية!
وزارة الصحة وفي تقريرها اليومي أشارت إلى أن الإجمالي التراكمي للمصابين بلغ 19160 إصابة، مضيفة بأن إجمالي الحالات النشطة 8536 حالات واجمالي المتعافين 10534 حالة.
القطاع الصحي في غزة يصطدم بعقبتين في مواجهة فيروس كورونا حسب نعيم، أولهما كيفية شراء الاحتياجات اللازمة في ظل تصاعد وتيرة الإصابات بالفيروس ودخول أعداد كبيرة من المصابين للمستشفيات.
أما العقبة الثانية فهي مماطلة الطرف الاسرائيلي في إدخال احتياجات القطاع من الأدوية لمواجهة كورونا.
ويبقى رصيد الأدوية حوالي 42%، والباقي من قائمة الأدوية رصيدها صفر، وحوالي 62% من قائمة مستهلكات المختبرات رصيدها صفر!
تصرخ غزة من جديد، وحيدة مع وضع كارثي في المجال الصحي، يحرق قلبها دمعات ذوي الضحايا، ومرضى تزداد أعدادهم في مستشفيات لا جهاز تنفس فيها!