قال خبير عسكري "إسرائيلي"، إن "العلاقات بين صناع السياسة الأمنية الإسرائيلية تدهورت في الأشهر الأخيرة إلى أعماق منخفضة، بسبب انعدام الثقة ونقص التعاون"، لافتا إلى أن الاستراتيجية الأمنية والسياسة الخارجية، يديرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع رئيس الموساد يوسي كوهين ورئيس مجلس الأمن القومي مائير بن شبات.
وذكر الخبير تال ليف- رام في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، أن "رحلة نتنياهو السرية مع كوهين للقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دون إبلاغ المؤسسة العسكرية، وقرار وزير الحرب بيني غانتس بتشكيل لجنة تحقيق في فضيحة شراء الغواصات، تعتبر مؤشرات على عمق الأزمة الحاصلة في دوائر صنع القرار الإسرائيلي".
وأشار إلى أن "هذا الأمر دفع غانتس للإعلان أن تسريب رحلة السعودية خطوة غير مسؤولة، لكن ما يحدث اليوم هو عرض ترويجي لما قد يحدث في حالة الطوارئ، كالمواجهة العسكرية بقطاع غزة، لأن السلوك الإشكالي لمجلس الوزراء خلال حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد في 2014، وما شمله من اتهامات متبادلة، وتسريبات في الاتجاه المعاكس، وصعوبة في اتخاذ القرارات، سيبدو مثل لعبة أطفال في المواجهة القادمة".
وفسّر الخبير "الإسرائيلي" خارطة الانقسام الداخلي، ضمن ثلاث جبهات، الأولى يقودها نتنياهو ودائرته الضيقة مثل رئيس الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي، وعلى الجانب الآخر غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي، وفي الوسط رئيس الأركان أفيف كوخافي ورئيس الشاباك نداف أرغمان.
وأوضح أنه "من الصعب تجاهل الضرر التراكمي الذي أصاب مكانة الجيش، مع تقلص دوره في صنع القرار، لأن إخفاء اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج، وصفقة السلاح بين الولايات المتحدة والإمارات، وعدم إطلاع مطبخ كبار الوزراء، يجعل مثلث العلاقات بين رئيس الوزراء ورئيس الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي تجاوز منذ فترة طويلة الممارسة المقبولة في إسرائيل، فيما يتعلق بصنع القرار في القضايا السياسية والأمنية".
ولفت إلى أن "حزب أزرق- أبيض برر قراره بدخول حكومة الوحدة في ظل الحاجة الملحة لمواجهة وباء كورونا، والضرر الكبير الذي لحق بالاقتصاد، وعدم الاستقرار السياسي، والحملات الانتخابية التي لا تنتهي، وفي النهاية ستمر الجائحة، وسيكون من الصعب العثور على الغراء الذي سيستمر بربط أزرق-أبيض بالليكود، والآن سينضم للتوتر الحالي بين نتنياهو وغانتس، وجود لجنة التحقيق الحكومية في قضية الغواصة والسفينة".
وأكد أنه "حتى قبل تأسيس الحكومة، يرى الكثيرون أنها خطوة حزبية لوزير الحرب، الذي فهم أنه لا يمكن استعادة العلاقات مع رئيس الوزراء، ويتوقع أن تركز لجنته للتحقيق على القضايا المتعلقة بوزارة الحرب والجيش الإسرائيلي، ويرجح أن تطلب منه اللجنة المثول أمامها، ما سيجعل غانتس يجد نفسه بين المطرقة والسندان، أما نتنياهو فهو مجبر على إنهاء تحركاته السياسية، لأنه لا يثق بشركائه السياسيين".
ونوه إلى أن "رحلة نتنياهو إلى مدينة نيوم السعودية جاءت سرية للغاية، لدرجة أن الرقيب العسكري بعد يوم واحد فقط أكد وجوده هناك، وحقيقة أنه ذهب لاجتماع سري في دولة لا تزال تُعرف حسب البروتوكول على أنها معادية، دون علم المؤسسة العسكرية بذلك، دون تحديد صلاحيات لنائبه، وفي انتهاك صارخ للإجراءات الدستورية، بما في ذلك إجراءات الإنقاذ والاتصال بالسلاح الجوي، وهو أمر ضروري في حالة الطوارئ".
وأكد الخبير "الإسرائيلي" أن "نتنياهو ليس أول رئيس وزراء يفعل ذلك، لكن هناك أمثلة من الماضي البعيد، ففي السنوات الأخيرة، تم وضع إجراءات واضحة للسفر السري، وليس من الواضح لماذا مطلوب منه العمل بهذه السرية، فهل كان الهدف من إحراج وزير الحرب القيام بعمل انتقامي على إنشاء لجنة التحقيق في شراء الغواصات، ما شمل ضمنا إحراج العسكر الإسرائيلي".
وأوضح أن "عدم إبلاغ نتنياهو لوزير الحرب ورئيس الأركان ومؤسسات الجيش الإسرائيلي ذات الصلة، لا يعني انتهاكا لسرية الزيارة، وقد ينسفها، ما يتطلب منه التفكير مرة أخرى، فأسرار الدولة التي يحوزها هؤلاء أكبر بكثير من زيارة نتنياهو للسعودية، وقد أخذ معه سكرتيره العسكري الجنرال آفي بالوت دون إبلاغ قائد الجيش، ما شكل معضلة معقدة".
وأضاف أنه "كان من الصواب إبلاغ وزير الحرب وقائد الجيش برحلة السعودية، لتفادي الإحراج الذي وقع فيه، لكن الشعور السائد اليوم في أروقة صنع القرار الإسرائيلي أنه تم استخدام السخرية السياسية، واللدغة الصارخة تجاه المؤسسة العسكرية".
عربي21