كيف يبدو اللقاء الأول بعد الانتصار، كيف يمكن لحروف الضاد إسعافنا لنكتب عن مشهد أم أسير تشارك ابنها نصره بعد أنينٍ دام لــ 103 أيام!
عناقٌ واحد كان كفيلًا لأن ترد لروحه انتعاشها، مسحت بكفها على جبين ابنها ماهر الأخرس، أيادي الأمهات فيها مسحة شفاء وبركة، فكيف إذا كانت بعد معركة عناد لأسير لم يملك فيها سوى كرامته!
زغرودة نصر!
في ممر مستشفى النجاح في مدينة نابلس كان اللقاء، حين خرج ماهر من غرفة الفحص، فألقت أمه نفسها عليه، وكانت زغرودتها قد سبقتها لتكسر صمت الجنبات التي امتلأت فجأة بعدسات الكاميرا التي تهافتت لتوثيق اللحظات الأولى للإفراج عنه بعد أربعة أشهر من الاعتقال.
ماهر الذي علقّ إضرابه المفتوح عن الطعام في السادس من نوفمبر الجاري كان قد انتزع انتصاره انتزاعًا بعد اتفاق مع الاحتلال يقضي بالإفراج عنه في الـ 26 من الشهر الجاري.
مهاهاة فلسطينية رددتها أم ماهر كما تلك التي تتقنها النسوة خلال الأفراح، سرعان ما ذُيل بعدها أسفل اسمه عبر المنصات ووسائل الإعلام " أسير محرر"، نالها ماهر بعد صمود في معركة تفرد فيها بإضراب وصف بالأطول.
الأخرس (49 عاما) من بلدة سيلة الظهر في جنين شمال الضفة المحتلة كان قد شرع في إضرابه منذ تاريخ اعتقاله في الـ 27 من يوليو العام الحالي، رفضا لاعتقالهالإداري.
لا يمكن أن ننسى ما تلتقطه العدسات من ابتسامات لحظة الحرية، ابتسامة ماهر اتسعت رقعتها بعد حضن أمه رغم تلقيه العلاج في المشفى لإتمام الفحوصات اللازمة له.
العنيد ابني!
صوت تلك الأم قبل أشهر وشحوب وجهها يختلف عن صورتها اليوم وهي تستقبله حرًا منتصرًا، فهذا العنيد ابنها، تفتخر الآن بسنوات صبرها وكفاحها، لقد رفع رأسها هذا الرجل!
تلك الأم كانت قد ناشدت مرارًا لإنقاذ ابنها المضرب عن الطعام، كانت تؤكد من خلال تصريحات صحفية أنها "لن تسامح كل من سكت وكل من لم يتحرك لإنقاذ ماهر"، فما من مسؤول تواصل معهم من أجل قضية ابنهاوإنقاذه بحسب قولها سابقًا.
أدرك ماهر خلال معركته بأن الحرية تنتزع انتزاعاً من الاحتلال وليس عبر استجدائها من مجلس الأمن، صمم على استمراره في الإضراب عن الطعام، وكان جوابه الوحيد للاحتلال "حريتي أو الشهادة".
نال الحرية فعلًا مع زغرودة من قلب أمه، خرجت لتؤكد أن رجال فلسطين يستحقون النصر دومًا، فلا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل!