غزة / ديانا طبيل
"الله وكيلك بايعك برأس المال" ، "ما رح تلاقي أرخص من السعر بكل السوق"، " البضاعة علينا غالية بندفع للأنفاق " ، " والله العظيم مش ربحان منك غير خمسة شيكل " ، والكثير من العبارات التي يحفظها أصحاب المحلات التجارية عن ظهر قلب يرددونها كلما هم زبون بشراء بضاعتهم، بهدف إقناعه بالسعر الذي يطلبونه أملا في التخلص من عملية المفاصلة التي يتبعها الزبائن.
وفي حين يعتبر الكثيرون أن المفاصلة فن لا يتقنه إلا النساء ، يرى آخرون أن الرجال أيضا لديهم القدرة على المفاصلة ولكن ليس بالحد الذي تصل له النساء، " الرسالة " تجولت في أسواق مدينة غزة لتستطلع آراء المشترين والبائعين حول الظاهرة ، وهل هناك فائدة حقيقية للمفاصلة؟
اخذ وعطا
الحاجة أم محمود الصفدى " 55 عاماً " تقول لـ" الرسالة " : لا اشتري شيئا دون أن أفاصل في السعر فالدنيا على رأى المثل " اخذ وعطا " ولازم الواحد "يتنور" في أكثر من مكان حتى يحصل على السعر الذي يتناسب وإمكانياته .
وتتابع عادة ما أخفض من السعر الذي طلبه البائع بمقدار عشرة شواكل ، فأشعر بالرضا بان السعر مناسب وتضيف: عادة يضع البائعون فوق الأسعار الحقيقية من عشرة إلى عشرين شيكل لأنهم يتوقعون منا المفاصلة ، موضحة أنها ترفض الشراء من البائع الذي يطلب سعراً واحدا ولا يغيره وتعتبره أنه لا يريد البيع .
في حين تقول سمية حسنين " 28 عاما " أن المفاصلة بالأسعار احد صفاتها المشهورة بها إذ يعتبرني أفراد عائلتي " شاطرة بالشرية " ففي العادة أتعرف على سعر القطعة في أكثر من مكان واشتريها من أقلهم سعرا مع المفاصلة إلى أقصى حد حتى يقبل البائع بالسعر الذي أريده ، وتضيف عندما يرفض البائع السعر الذي عرضته فسرعان ما اخرج من المحل وابحث عن بائع أخر يمكنني إقناعه.
وتتابع: المفاصلة من مكان إلى أخر تختلف فعلى سبيل المثال في منطقة الرمال أفاصل بالأسعار في بعض المحلات ، لكن هناك بعض المحلات التي لا يمكن أن يفاصل فيها أحد وبالعادة لا ادخلها حتى وان اعجبتني بضاعتها فلا اقبل باقتناء شيء اعرف أني " مغلوبة فيه " موضحة أنها أحيانا قد تخفض 50% من السعر المطلوب .
النساء "شاطرات"
أما الحاج أبو ياسر عودة " 60عاما " فيقول لـ" الرسالة " : " النسوان شاطرات " فهن أكثر مفاصلة من الرجال ، فلا يمكنهن شراء شيء دون التخفيض بسعره قدر استطاعتهن ، لذلك عادة ما اصطحب زوجتي برفقتي إلى السوق عندما ننوى الشراء فأنا اعتبرها أكثر خبرة منى.
ويضيف: عندما اذهب وحدي واشترى لا استطيع إن أفاصل البائع وان اصريت على موقفي فإما أن اترك البضاعة أو اشتريها مضطراً ، مضيفاً وهو يضحك: أكثر مرة نزلت فيها بالسعر كان عند شرائي فستانا لزوجتي وقد استطعت تنزيل خمسة شواكل ، و تفاجأت عند عودتي إلى المنزل أن جارتنا اشترته بأقل من عشرين شيكلا.
بينما تقول داليا الشرفا " 22 عاما " (طالبة جامعية ) : أنها تتمنى أن تفاصل البائعين لأنها تشعر دائما أنها (مغلوبة) بالسعر، و تضيف: أمي لا تعرف المفاصلة وأخوتي أيضا , وأنا اعتدت على عدم مفاصلة البائع بالسعر فضلا عن أنني أخجل من مغالبة البائعين و خاصة إن لم يقبل البائع بتخفيض السعر".
وتتفق معها الموظفة أنوار العصار " 26 عاما " على عدم المفاصلة فهي تعتبر أن المفاصلة أمر قد يسيء إلى "البريستيج" الاجتماعي ، وتفضل الذهاب إلى الأماكن التي تحدد أسعار بضائعها مسبقاً ، حتى لا تشعر أنها مغلوبة بالسعر، مضيفة أنها كذلك ترفض الشراء من الأماكن المفتوحة " البسطات " .
في هذا السياق يقول أسامة عليوة " 36 عاما " صاحب محل لبيع الملابس النسائية أن المفاصلة عادة غزية يمارسها 99 % من سكان القطاع عند شرائهم اى شيء بغض النظر عن سعره ، ويضيف: لكن النساء أكثر مفاصلة من الرجال ، ففي احدى المرات كنت أبيع "بندانة ايشارب" وكان سعرها خمسة شواكل لكن لم تسعرها امرأة إلا وطلبت أن أبيعها إياها بثلاثة شواكل .
لا يحتمل ولا يطاق
أما الصيدلي حسام إسعيد فيقول أن المفاصلة بالأسعار ليس فقط على سعر الألبسة والمأكولات والاحتياجات الأخرى فشعب غزة يفاصل على أسعار الأدوية المحددة مسبقاً من الشركات ، رغم تأكدهم أن الأسعار موحدة في اغلب الصيدليات إلى أنهم يطلبون المراعاة وأحيانا يفاصلون بقيمة الشيكل الواحد خاصة إذا كانوا من زبائنك فتقع بالإحراج وفى كثير من المرات تضطر لان تبيع بسعر الجملة .
ويواصل: لا احد يشتري بدون مفاصلة حتى أنا عندما اذهب إلى السوق فاننى أفاصل من اجل تخفيض السعر .
بينما يقول أبو اسعد حرارة " 44 عاما" صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية أن المفاصلة من سلعة إلى أخرى مختلفة ، فقلة من تفاصل عند شراء الأجهزة الكهربائية على سبيل المثال أما الملابس والأدوات والمأكولات نادراً ما تجد مشتريا لا يفاصل فالجميع يفاصل والجميع لا يصدق سعرك حتى وان حلفت.