يبدو أن رئيس سلطة حركة فتح محمود عباس لا يسأم من استجداء السلام من (إسرائيل) التي لا ترى بعينيها سوى التهام الحق الفلسطيني بشتى الوسائل والأشكال، ليصل الحال بعباس إلى المبادرة بالدعوة لعقد مؤتمر سلام دولي.
وفي التفاصيل، طلب عباس في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام، مطلع 2021، لإنجاز "حل الدولتين"، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية.
وفي أعقاب ذلك الطلب، سعى عباس جاهدا بالتواصل مع عديد الدول والجهات لحشد الدعم لهذا المؤتمر المقترح، في حين أن (إسرائيل) لم تعقب على هذه الجهود، بل قابلتها بالمزيد من الإجراءات العنصرية، والاحتلالية على مدار الأسابيع الماضية، كان النصيب الأكبر منها في الضفة.
وفي التأكيد على ما سبق، قال محمود العالول، نائب رئيس حركة التحرير الوطني "فتح"، إن لجنة "فلسطينية أردنية مصرية"، شُكلت، للتنسيق بشأن المطلب الفلسطيني الخاص بعقد مؤتمر دولي للسلام، في حين أن عباس زار نهاية الشهر الماضي، عمّان والقاهرة، واجتمع بالعاهل الأردني عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ولا يختلف فلسطينيان على أن مسار المفاوضات بين السلطة و(إسرائيل) لن يجدي نفعًا لصالح الحق الفلسطيني، في ظل حالة الصلف (الإسرائيلي) في التعامل مع الفلسطينيين، والتي وصلتها ذروتها خلال فترة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حين أن السلطة وحدها من تعقد الآمال على الرئيس المنتخب جو بايدن.
وثمة من يرى أن لهذا المؤتمر الذي ترجوه السلطة، عواقب وخيمة على القضية الفلسطينية، بما يصنع منه تتويجا لكل الأفعال السياسية التي قامت بها الإدارة الأمريكية المنتهية ضد القضية الفلسطينية، إلا إذا كانت السلطة ترجو أمل الغنم من عدالة الذئاب، في ظل ارتكانها على الإدارات الأمريكية والمجتمع الدولي بهيئاته المختلفة لكي يعيد الحق الفلسطيني.
وفي التعقيب على ذلك، يرى البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية أن الرهان على مؤتمرات السلام ومفاوضات التسوية فاشل، وهذا ما أثبتته الجولات الماضية على مدار عقود مضت، ولا يمكن أن يعود الحق الفلسطيني بهذه المسارات سابقة الذكر.
وأضاف قاسم في اتصال هاتفي مع "الرسالة نت" أن السلطة لا تتعلم من التجارب السابقة بتاتًا، إذ ماذا أفادتنا المؤتمرات التي لا تمثل سوى مضيعة للوقت، وتشتت الموقف الفلسطيني، فما يطرح في هذه المؤتمرات لا نتفق عليه فلسطينيا أصلًا.
وأوضح أن من يرعى هذه المؤتمرات هم أنفسهم الذين أوجدوا (إسرائيل) وشردوا الشعب الفلسطيني، فبالتالي لا يمكن أن ننتظر منهم نصرةً للحق الفلسطيني، وأن يقفوا إلى جوارنا في وجه الاحتلال (الإسرائيلي).
وبيّن أن السلطة لا تجد ما تفعل فهي سلطة مفلسة لا تملك شيئًا وتهدر وقت الشعب وتستنزف قدراته، وبالتالي فإنهم يلتهون بمثل هذه الطروحات ونحن على يقين مسبق أن هذه المؤتمرات لا تفيدنا بشيء إن لم تضرنا.
وحول الموقف المصري الأردني من المؤتمر، قال قاسم إننا ننتظر الدعم السياسي من مصر التي تمثل سمسار التطبيع أم من الأردن حامية الحدود الشرقية (لإسرائيل)، للأسف هذا تعويل خاسر لأننا نعرف مسبقا أن هذه الأنظمة يرتبط وجودها بالكيان الصهيوني ولا يمكن ان تصنع شيء لا يرضيه.
وفي نهاية المطاف، فإن غياب الإرادة الدولية الحقيقية لإعادة الحق الفلسطيني، واستمرار سيطرة جائحة كورونا على الساحة، والاختلاف الفلسطيني القائم، تكفي كي تعطينا إشارات واضحة على فشل أي جهد سياسي جديد تسعى السلطة لتنفيذه بمساعدة بعض الأنظمة والمؤسسات.