تحتفل حركة حماس بذكرى انطلاقتها الـ 33 في ظل تزاحم جملة من التحديات أمامها والتي تزداد تعقيدا مع مرور الوقت، في ظل الواقع السياسي المحيط بالقضية الفلسطينية من كل جانب.
وتحاول الحركة جاهدةً من خلال ما يظهر من نشاطها السياسي أن توازن بين الخيارات المطروحة بما لا يضر بالمصلحة الوطنية أولاً، ومن ثم مصلحتها كحركة ممتدة ثانيًا.
ولعل من أبرز تلك التحديات الاحتلال الإسرائيلي يليه ملف المصالحة والوحدة الوطنية، وكذلك العلاقة مع الإقليم لا سيما بوجود تيارين أحدهما مطبع مع الاحتلال وآخر معاد له، بالإضافة إلى العلاقة مع الأطراف الدولية المتعددة، وليس انتهاء بالتحديات التي تتعلق بالحركة كتنظيم في ظل الظروف المحيطة.
وفي تفصيل لطبيعة التحديات السابقة وتعامل الحركة معها، يبرز هدف حماس الأساسي بالتخلص من الاحتلال الإسرائيلي في أقرب وقت ممكن.
وعِمدت حماس أخيرًا إلى اتباع أسلوب المقاومة الشاملة، المسلح منها والسلمي، بعدما رأت في ذلك طريقةً لجلب مساحة أوسع من الدعم والتأييد، في ظل تنوع الآراء داخليا وخارجيا حول كيفية وتوقيت استخدام الكفاح المسلح، وضرورة التعامل بورقة السلمية في كثير من الأوقات، وهذا ما ظهر جليًا خلال مسيرات العودة.
ولا تزال حركة حماس تصر على مبادئها التي تباعد بينها وبين الانفتاح على الكثير من الأنظمة والدول، والتي في مقدمتها عدم الاعتراف بـ(إسرائيل)، أو عقد أي اتفاقية معها، أو لقاء مباشر يجمعهما، وتأكيدها على الاستمرار في المقاومة حتى تحرير كامل التراب المحتل.
وفي التحدي الثاني تبرز المصالحة والوحدة الوطنية حيث تظهر للعيان مساعي الحركة الدائمة لتحقيق هذا الإنجاز، والتي كان آخرها لقاء الأمناء العامين في بيروت ثم لقاءات إسطنبول وانتهاءً بالقاهرة، لكن تلك الجهود تبددت مع إعلان السلطة عودتها لأحضان الاحتلال وانتهاء فترة القطيعة بينهما.
ويكمن السبب في اعتباره تحديًا يواجه حماس، أن حركة فتح تتهرب في كل مرة من استحقاقات المصالحة، رغم التنازلات الكبيرة التي أبدتها حماس بشهادة الفصائل جمعاء، طيلة السنوات الثلاثة الماضية.
ويعد الاقليم تحديًا أساسيًا للحركة فهو كالرمال المتحركة تحت أقدام حماس بتبدل الأنظمة، واستمرار التغير في المواقف طيلة العقد الأخير، لذا يتوجب عليها الموازنة بين المتناقضات، والجمع بين التوجهات المختلفة دون اخلال بالمصلحة الوطنية أو الخاصة بها.
وازدادت المتناقضات أخيرًا في ظل موجة الهرولة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي التي برزت فيها الامارات والبحرين وسلطنة عمان والمغرب، لذا هي تحتاج لمزيد من الحشد والدعم العربي لصالح القضية.
في المقابل يتوجب على الحركة الجمع بين علاقتها مع تركيا وقطر وكذلك مصر التي تتوتر علاقتها حاليا مع الدولتين السابقتين، ويضاف إلى هذه التركيبة علاقتها مع سوريا التي لا تزال على المحك، ولكنها ترى فيها خطوة يجب السعي إليها لما تمثله سوريا من أهمية في محور المقاومة.
وعلى صعيد علاقة الحركة بالقوى العظمى والمجتمع الدولي، فإن حماس والكثير من المؤسسات الدولية والجهات الفاعلة تحرص على بقاء العلاقة في إطارها المعهود منذ سنوات، بينما تحافظ حماس على رفضها أي علاقة مع أي طرف يضر بالقضية الفلسطينية، وهذا ما فعلته برفضها لقاء الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب خلال الفترة الماضية وفق ما كشف عنه رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية. كما تبني حماس علاقات جادة وقوية مع روسيا العدو الدائم لأمريكا، وتدعم دخولها مجالًا واسعا لصالح القضية الفلسطينية سياسيًا في المحافل الدولية، وكذلك التدخل في ملفات كالمصالحة.
ويحسب لحماس أنها تمكنت من تحسين خطابها السياسي والإعلامي الموجه للأطراف الخارجية، خلال الفترة الماضية، من بوابة الوثيقة السياسية التي أخرجتها الحركة للنور قبل سنوات، والتي أبدت مرونةً أكبر في التعامل مع جميع الأطراف بما يضمن المصلحة الوطنية العليا، ولا يخالف مبادئ الحركة.
وأخيًرا فإن ثمة تحديات تواجه الحركة كتنظيم، لعل أبرزها الأزمة المالية الناجمة عن ظروف الإقليم، والتضييق على حركة نقل الأموال، والآثار السلبية للانقلاب على ثورات الربيع العربي، وكذلك تقييد عمل الحركة واجتماعاتها في الخارج.