تضجّ محاكم الضفة بعشرات الملفات لنشطاء في مجال مكافحة الفساد، في إطار حملة استهدفتهم على فترات متفاوتة، في محاولة لقمع كل الأصوات المنددة بتجاوز مسؤولي السلطة للقانون.
وفي اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة ويصادف التاسع من ديسمبر من كل، فان أقرب ملفات الفساد وأكثرها فظاظة تلك التي ارتبطت بقوانين ومراسيم فترة الطوارئ، التي شملت انتهاكًا صارخا للقانون بحسب خبراء، ومثلت فرصة لمتنفذي السلطة لإقرار قوانين تتجاوز هذه الحالة.
وتضمنت هذه الفترة مجموعة من التجاوزات الخطيرة التي تتعلق بملف التعيينات، إذ شملت ترقيات وتعيينات لعدد من أبناء وأقارب مسؤولي ومتنفذي حركة فتح، في استغلال لأزمة الطوارئ.
ملفات الفساد أثارت حفيظة عديد النشطاء، الذين رفعوا سهام المعارضة تصدرهم فايز السويطي ونزار بنات، اللذان اختطفتهما مخابرات ووقائي السلطة لفترات طويلة، ورفض الجهازان الانصياع لأوامر القضاء بإخلاء سبيلهما لفترة طويلة.
السويطي أحد نشطاء مكافحة الفساد في الضفة، ذكر أن اختطافه كان رسالة تأديب لكل المعارضين، أن مصيركم السجن والاعتقال.
وقال السويطي لـ"الرسالة نت" إن اعتقال بنات وغيره يأتي في سياق هجمة تستهدف معارضي الفساد".
وأكدّ أن النشطاء لا يزالون يحاكمون حتى اللحظة، قائلا: "فنحن لا زلنا نحاكم في القضاء على تهمة خرق الطوارئ، بناء على دعوتنا لوقفه رفضا للفساد".
مجزرة قضائية!
وترافق ذلك مع حملة استهدفت عددا من القضاة الذين رفضوا التعامل مع معطيات الأجهزة الأمنية في توقيف متهمين، ما أدّى لحملة انتداب لعدد كبير منهم إلى منازلهم!
وأكدّ مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" ابراهيم البرغوثي، ضرورة الاستجابة للمطالب الجماهيرية والشعبية والحقوقية الواسعة التي تنادي باستقالة المجلس الانتقالي الأعلى للقضاء بالضفة.
وقال البرغوثي في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" إنّ أداء المجلس محاط بكثير من الشكوك الحقيقية حول مدى دستوريته وصحة قراراته التي طالت عددا كبيرا من القضاة.
وأوضح أن قرار انتداب 20 قاضيا بالضفة يعني في جوهره العزل الوظيفي، مشيرا إلى أن الاستناد للقيام بهذه الخطوة بناء على قرار 17 لقانون السلطة القضائية عام 2019، "برأيي خارج اطار التقييم القانوني السليم".
وأشار البرغوثي إلى ضرورة اجراء تحقيق دقيق ونزيه يستعيد الأموال المنهوبة للقضاة المتهمين بالفساد، ويصحح المراكز القانونية التي تم التعدي عليها جراء الاحكام التي أطلقوها.
اجتياح العدالة!
الحقوقي والقانوني د. عصام عابدين، من جهته، قال إن الاعتقالات الجارية في الضفة بحق النشطاء، نتيجة "حركة التصدع في النظام السياسي الفلسطيني، بفعل اجتياح السلطة التنفيذية ممثلة بـ(الرئاسة والحكومة) للسلطتين التشريعية والقضائية".
وأضاف عابدين في تصريح خاص بـ"الرسالة نت": "هناك تفرد غير مسبوق منذ نشوء السلطة، وهناك تغول واجتياح غير مسبوق للقضاء".
وذكر عابدين أنه جرت إحالة 19 قاضيا للتقاعد القسري، وإحالة 20 قاضيا آخرين على دفعتين لمنازلهم، بعد الإعلان عن تفريغهم على الوزارات تحت عنوان المصلحة الوطنية، لكن في الحقيقة فرغوا على بيوتهم.
وبين أن الحديث يجري عن دفعات جديدة من القضاة ستجري إحالتهم للتقاعد، في "اجتياح غير مسبوق للقضاء وتدمير يحتاج القضاء لسنوات كي يتعافى منه، نتيجة الضربات التي تلقاها على يد السلطة التنفيذية.
وأكدّ أن هناك تكثيفا في ملاحقة نشطاء مكافحة الفساد، في وقت لا يوجد فيه أي اجراء جدي لمكافحة الفاسدين، "فهناك تدهور شامل ولا أمل للخروج من المأزق".