غزة - لميس الهمص
ينظر الشارع الفلسطيني بتخوف كبير لواقع السلطة الفلسطينية التي باتت مرتهنة للضغوطات الخارجية ، فلم يعد بإمكانها المطالبة بحقوق الشعب خوفا على مصادرها المالية التي تعتاش من ورائها وتخدم فئات بعينها ، فهل من امتيازات حقيقية حصل عليها عباس بعد سحبه لتقرير غولدستون؟ رغم ردات الفعل الارتجاجية على موقفه ، وهل إزالة حاجز هنا أو هناك كما وعدته قيادة الاحتلال يعد ثمنا كافيا؟
تسهيلات مشروطة
فقد ذكرت بعض التقارير أن "إسرائيل" تدرس سبلا لتعزيز قوة أبو مازن، من بينها إزالة حواجز، وتسهيلات تنقل، وتصاريح بناء في منطقة رام الله».
كما أشارت إلى أن «مسألة استئناف المفاوضات ستبحث في واشنطن بعد عودة المبعوث الأمريكي جورج ميتشيل» إلى بلاده.
من جانبه ذكر المحلل السياسي د. وليد المدلل " للرسالة نت " أن ما تناقلته الأخبار هو وجود ثمن سياسي من الجانب الأمريكي والاتحاد الأوروبي، علاوة على بعض التسهيلات الحياتية في الضفة الغربية، معتبرا أن السلطة رهينة للمساومات السياسية منذ تشكيلها وهذه النقطة ستزداد لديها.
وأوضح أنها أصبحت أمرا واقعا وضع لإنقاذ دولة الاحتلال من كل أزماتها بثمن بخس دون أن يتحمل أصحاب الشأن أية مسؤولية تذكر.
أما المحلل السياسي حاتم أبو زايدة فرأى أن "إسرائيل" تهدف إلى تقوية أبو مازن كونها تريده قويا على الساحة الفلسطينية لذلك تقدم له بعض التسهيلات ليرتفع شأنه ، مبينا أن إزالة حاجز هنا أو هناك وغالبا ما يحدث هو تغيير مكانه فقط. كل تلك الأمور هي شكلية لا تؤثر في الشارع الفلسطيني.
المحامي علي أبو حبله ذكر في مقال له أن "إسرائيل" هددت السلطة الفلسطينية بتجميد علاقاتها الاقتصادية ، وتجميد استحقاقاتها المالية، كما ضغطت أمريكا بتقليص مساعداتها المالية للسلطة ، وكذلك دول اوروبية، علاوة على تعليق أمريكا لمجهودات عملية السلام.
وتساءل: إذا كان بإمكان السلطة تحقيق ما يصبو إليه الشعب الفلسطيني ، وهل بإمكانها وهي تعتاش من تلك المساعدات المالية المقدمة من الدول المانحة المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني إذا كان وجودها مرتهن بالضغوطات والتلويح بالعقوبات الاقتصادية وحجب المساعدات؟
وأشار أبو حبلة إلى أن السلطة إذا فقدت ما تغطي به رواتب موظفيها ستقع في مأزق مالي ما يعني أن وجود السلطة أصبح مرتهنا بتلك المساعدات المقدمة من الدول المانحة وابلغ توصيف لذلك هو التهديد الإسرائيلي بعدم منح ذبذبات للمشغل الهاتف الدولي للوطنية ورزمة تسهيلات مرتبطة بسحب تقرير "غولدستون" من مجلس حقوق الإنسان .
***ليست المرة الأولى
واعتبر أبو حبلة أن هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها المقايضة فقد سبق أن تمت مقايضة أحداث النفق وجبل أبو غنيم بتوسيع صلاحيات السلطة وتسليمها للخليل مقابل التوسع الاستيطاني، منوها إلى القرار الصادر عن محكمة لاهاي الدولية بخصوص عدم شرعية بناء الجدار وإقامة المستوطنات والذي تمت مقايضته بالعودة لطاولة المفاوضات الأمر الذي يعني أمام واقع يفرض نفسه على الجانب الفلسطيني وبالتالي مقايضة الحقوق بهوامش من شانها إضاعة الحقوق .
وحول السبب في طلب أبو مازن عودة مناقشة التقرير وهل سيؤثر ذلك على ما وعد به أوضح المدلل أن دولة الاحتلال صرحت بأنها ستجيش كل جهودها لإفشال التقرير ، وبذلك ستتصارع إرادات دولية على التقرير وقد تكون الولايات المتحدة قوة في ذلك.
وشاركه الرأي أبو زايدة الذي أشار إلى أن عباس طلب مناقشة التقرير مجددا بعد الضغط من الشارع الفلسطيني وردود الفعل الغاضبة على سحبه، ذاكرا أن دولة الاحتلال تتفهم موقف عباس وهي ستعمل من جانبها على إفشال التقرير والضغط على البلدان المصوتة لثنيها عن موقفها في التصويت.
ويرى مراقبون أن عباس أصبح مرتهنا للإرادة الخارجية فقد تتنازل دولة الاحتلال عن كل التسهيلات التي منحت له في حال أي غلطة، ويبقى السؤال ما الموقف الذي ستتخذه (إسرائيل) منه في حال صوت لصالح التقرير.