قائد الطوفان قائد الطوفان

قدمت ثلاثة منهم

الأم شهوان : لن أتوانى عن تقديم المزيد من أبنائي فداء للوطن

غزه – الرسالة نت

لم يترك الاحتلال الإسرائيلي بيتا فلسطينيا واحدا إلا وترك فيه مأساة حقيقة نقشت في ذاكرة أبناء هذا البيت ، فحينما تسير بين أزقة و وشوارع مدينة خانيونس وبالتحديد في زقاق بطن السمين تجد بيتا شامخا قدم للوطن منذ الانتفاضة الأولى وحتى الثانية ثلاثة شهداء هم محمد ويوسف واحمد مصطفى شهوان .

مليكة شهوان "أم نافذ" قصة لم ترو بعد ، فهي أم سطر الحزن على تقاسيم وجهها فقد قدمت الابن تلو الأخر ، مودعة كل واحد منهم بدعاء"رب ألحقني بهم في فردوسك الأعلى".

*الأبواب الجهادية

أم نافذ تلك السيدة الستينية التي بدت على ملامح وجهها علامات الحزن الممزوجة بعلامات الفخر والاعتزاز كونها أم لثلاثة شهداء روت "للرسالة":"ودعت أولادي الثلاثة وأنا ابكي عليهم دموع الفخر والاشتياق ، وكنت احمد الله في كل مرة اسمع فيها نبأ استشهاد احدهم".

وتابعت:" افخر كثيرا بأني قدمت ثلاثة من أبنائي شهداء في سبيل الله و فداءً للدين وللوطن كما أمرنا الله، ومستعدة أن أضحي بالباقين لأجل ذلك فكل ما يهمني هو رضا رب العالمين".

ومع إشراقة كل صباح تحتضن أم نافذ صورة أولادها الثلاثة لتقبلهم لتشعر بالراحة والطمأنينة وان أبنائها مازالوا بين يديها وفي عقلها وروحها ولن يغيبوا عنها مهما طال الزمن بحسب قولها .

وحينما تشتاق أم نافذ لأبنائها الثلاثة الذين يرقدون في مقبرة واحدة تتجه لزيارتهم وتقرأ الفاتحة على أرواحهم الطاهرة داعية رب العالمين ان يبلغهم الفردوس الأعلى وتصبح برفقتهم في الجنة.

وسردت أم نافذ بصوت مرتجف وحزين كيفية استشهاد أبنائها الثلاثة حيث اوضحت بان أول أبنائها الذي نال الشهادة هو محمد الذي كان منذ نعومة أظفاره مجاهداً يطرق كل الأبواب الجهادية ويبذل الغالي والنفيس من أجل الذود عن الوطن والمقدسات ، مضيفة ان محمد حينما أصبح شابا طورد من قبل القوات الإسرائيلية لنشاطه العسكري في كتائب الشهيد عز الدين القسام .

وعن استشهاده ذكرت بأنه استشهد عام 1994م، خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال حيث نصبت له كمين ولمجموعة معه من كتائب الشهيد عز الدين القسام علي الخط الشرقي في مدينة خانيونس، حينما توجه برفقة المجموعة لتنفيذ عملية جهادية في رفح.

وما ان مرت عشرة أعوام حتى لحق يوسف بأخيه محمد عام 2004 ، فقد اشتهر بصناعة العبوات الموجهة وزراعتها ، إضافة إلى انه كان مهندساً للعديد من العمليات الناجحة فقد استشهد وهو يصنع المتفجرات ويعد لعملية عسكرية. والشهيد يوسف متزوج من ابنة عمه وله منها عبد الرحمن الذي لم يره.

***رباطة الجأش

ولم يمض عام آخر حتى فجعت أم نافذ بابنها احمد. وقالت عنه والدموع في عينيها أنه كان حنوناً في أهله ومتواضع لكن عطاءه وكرمه زاد عن كل الحدود فبيته مضافة للشرفاء والمحـتاجين وكان يبر الجميع ويحسن لمن أساء إليه. واشتهر الشهيد احمد بإطلاقه للصواريخ على المواقع الإسرائيلية ،واستشهد خلال قصفه بصاروخ من قبل الطائرات الإسرائيلية.

يذكر ان الشهيد احمد قد تزوج من زوجة أخيه يوسف ليحافظ على بيت أخيه ويربي ولده عبد الرحمن ، لكن احمد بشهادته حرم عبد الرحمن الأبوة مرتين ، تاركا عبد الرحمن رجلا يستقبل أخاه عبد السلام الذي حملته أمه في أحشائها من زوجها احمد لكن القدر جعل طفلها الصغير يكون قدره كقدر أخاه عبد الرحمن.

وحينما سالت "الرسالة" الطفل عبد السلام عن والده أجاب :"بابا في الجنة ، وحينما اكبر سأحمل سلاحه واقتل اليهود الذين قتلوه".

وفي رسالة أبرقتها الحاجة أم نافذ للأمهات الفلسطينيات قالت:" لا تبخلن على فلسطين والأقصى بفلذات الأكباد ، فلا احد ينكر ان الأبناء يعادلون الروح لكنهم ليسوا أغلى من القدس، فإذا بخلت أنا ولم أقدم ابني شهيداً ، وبخلت الأخرى فمن إذن سيرفع الظلم عن شعبنا، ويحرر الأقصى قبلة المسلمين الأولى".

وبحسب المقربين فإن سيرة الشهداء الثلاثة محمد ويوسف واحمد مشرفة فهم كانوا من رواد مسجد فلسطين في مخيم خانيونس ، حيث اتسموا برباطة الجأش والأخوة الصادقة ، فقد جمعتهم الأخوة في الدم والفكر في الحياة الدنيا والشهادة في الآخرة.

هذه العائلة لم تتوقف عن العطاء والتضحية من اجل الوطن فشقيقهم " حسام " واحد من أبطال القسام الذين تطاردهم إسرائيل ،سبق وأن تعرض لعدة محاولات اغتيال فاشلة دبرتها القوات الإسرائيلية .

تلك اللقطات من حياة أم نافذ شهوان إحدى خنساوات فلسطين، التي سلبها الاحتلال اعز ما تملك من أبناء لكنها لازالت تعطي وتشجع على العطاء.

البث المباشر