تتخلل محادثاتك مع صديق لك عبر الرسائل القصيرة عبارات أو كلمات تعبر عن الضحك، من قبيل "هي هي" (hihi)، أو "هوهو" (huhu)، أو "ها ها" (haha).
وتساءل الكاتب رينيه غريسارد عما يفكر فيه الأشخاص عند كتابة مثل هذه الحروف، وما إذا كان الشعور بالإحراج أو الرغبة في التخلص من الضغط أو محاولة التحلي باللطافة هي الدافع الرئيسي للاستعانة بحروف تعبر عن الضحك؟
وقدّم الكاتب -في مقال نشرته مجلة "نوفال أوبسرفاتور" (nouvelobs) الفرنسية- وجهة نظر الاختصاصي اللغوي بيير هالتي، مؤلف كتاب "التعبيرات والإقحامات في الدردشة"، الذي عبّر عن اهتمامه بهذا الموضوع، مشيرا إلى أن المرء يضحك بجميع اللغات.
نحن نضحك بجميع اللغات
وتناول موقع "ريديت" (Reddit) هذه المسألة أيضًا، حيث وضح أن مستخدمي الإنترنت يعبرون عن الضحك استنادًا إلى اللغة التي يتحدثون بها.
فعلى سبيل المثال، يستخدم متحدثو اللغة الإسبانية عبارة "جاجا" (jaja)، في حين يستخدم متحدثو اللغة العربية "هههه" (hahah)، أما الروس فيستخدمون "كاكاكا" (xaxaxa)، أو "اولولو" (olololo)، في حين يستخدم متحدثو اللغة البرتغالية "كككككك" (kkkk). وتسمى هذه العبارات التي تعبر عن الضحك "الإقحامات المحاكية للصوت".
وأوضح هالتي أن "المحاكاة الصوتية كلمة تبدو كأنها صوت، في حين يشير الإقحام إلى عاطفة المتحدث". فعلى سبيل المثال عبارة "أوف"، تعبر عن صوت التنهيدة، وهي تعكس عاطفة المحاور.
وأضاف هالتي أن "تعبير هاها لا يُستعمل في منتصف الجملة، وإنما يكون مستقلا عنها، ويمكن تشكيله لإنشاء كلمات أخرى تعبر عن الضحك، مثل: "آهاه" أو "هايهاي" أو "هيهي" أو "هوهو"، أو إطالتها صوتيًا مثل "أهاهآآآآآ"، أو "تكرار البنية الأساسية" مثل "أهاهاهاها"، أو حتى كتابتها بالأحرف الكبيرة؛ وكل هذه الطرق في كتابة هذه العبارات الهدف منها التعبير عن درجة الضحك.
وأشار هالتي إلى أن هذه الإقحامات تستخدم أيضا للتأكد من مدى صحة ما يقوله الطرف الآخر، لا سيما أنه قلما يجد المرء تعبيرات مناسبة لذلك بالكتابة. وفي الحقيقة، لا يضحك الجميع بالطريقة نفسها.
وفي مقال نشرته صحيفة "نيويوركر" (New Yorker) الأميركية، أعربت الصحفية الأميركية سارة لارسون عن انزعاجها من ميل الشباب لاستخدام "ههه" اليوم، عوضا عن عبارة "هاها".
من جهته، يرى هالتي أن هذه الاختلافات في التعبير عن الضحك تحمل قيمًا دلالية.
هل أنت شخص سخي وعفوي؟
يعكس استخدام عبارة "أهاها" أثناء الكتابة فرح المحاور الصادق، وهي علامة قياسية للمرح المهذب. وحتى مع تهجئتها بشكل مختلف، تظل "أهاها" عبارة قياسية مستخدمة على نطاق عالمي.
ونشرت باحثة بيانات في فيسبوك دراسة عام 2015 أظهرت مدى هيمنة عبارة "هاها" في الولايات المتحدة، وذلك بعد قضاء أسبوع في دراسة محادثات المستخدمين الأميركيين.
كما تبين أن العمر والجنس والموقع الجغرافي تلعب دورًا في نوع العبارة المستخدمة للضحك وطولها، فبينما يفضل الشباب والنساء الرموز التعبيرية، يفضل الرجال استعمال حروف "هيه".
أوضح هالتي أن استخدام الشخص عبارة "آهاه" أو "أهاها" يشير إلى محاولته إظهار اللطف والكرم واهتمامه بما يقوله الطرف الآخر، وأنه يضحك من أعماق قلبه.
وفي حال تكرار البنية الأساسية أو كتابة الكلمة بالأحرف الكبيرة، فإن ذلك يظهر شغف الشخص وحيويته وعدم خوفه من التعبير عن مشاعره.
هل أنت بخيل وتحب السخرية؟
تبدو "هييه" عبارة معتدلة، بين "أهاها" التي تدل على الإفراط في التعبير عن الضحك، و"هيهي" التي تدل على الخجل، في حين تدل "هوهو" على السخرية.
ويوضح هالتي أنه عادة ما يساء فهم عبارة "هييه" المستعارة من المتحدثين باللغة الإنجليزية والمستخدمة بالفرنسية، وهي تعادل "هيهي" بالنسبة للمتحدثين باللغة الإنجليزية. ومع ذلك، صنفت من قبل العديد من الفرنسيين على أنها أداة سخرية.
هل أنت شخص خجول؟
إن التعبير عن الضحك باستخدام عبارة "هيهي" يدل على الخجل. وبخصوص "هيهي"، أكد هالتي ضرورة معرفة السياق، لكن عادة ما تدل هذه الطريقة في التعبير عن الضحك على الخجل".
هل يساء فهمك؟
عبارة "هيهو"، تدل على أن الشخص يُساء فهمه عادة ويشعر بعدم الارتياح، وهذا النوع من العبارات يدل على أن الشخص مشاغب ويريد مضايقة محاوره، وهي نادرة الاستعمال وغريبة، وقد توقع مستخدمها في المشاكل.
وفي هذا السياق، يستشهد هالتي بوضعية محرجة وقع فيها عند استعمال هذه العبارة: "أخبرتني إحدى معارفي عند تلقيها عبارة "هيهو" أنها شعرت بأنني أسخر منها أو لا أهتم بالمحادثة، بيد أنني استخدمت عبارة "هيهو" للسخرية من النفس أو لتهنئة نفسي على شيء كنت فخورا به بعض الشيء".
المصدر : الصحافة الفرنسية