نشرت قناة "سي بي إس" (CBS) مقطعًا قصيرًا لمقابلة مع تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة آبل (Apple)، والتي تعتزم بثها صباح اليوم الأربعاء بتوقيت الولايات المتحدة، وسيتم من خلالها الحديث عن "مبادرة كبيرة" للشركة الأميركية.
وقبل أن تشعر بالحماس الشديد، يجب أن تعلم أن الأمر ليس متعلقا بهواتف آيفون، حيث نبهت غايل كينج مقدمة برنامج "سي بي إس ذس مورنينغ" (CBS This Morning)، أن الإعلان يتعلق "بمبادرة جديدة كبيرة"، وليس منتجًا جديدًا من آبل.
في المقطع القصير الذي بثته القناة، ناقش كوك والمضيفة غايل كينغ الأحداث التي وقعت في مبنى الكابيتول الأميركي الأسبوع الماضي، حيث شدد الرئيس التنفيذي لشركة آبل على أهمية محاسبة الأشخاص على أفعالهم وما نجم عنها.
هل المبادرة لها علاقة بأحداث الكونغرس؟
لا توجد أي معلومات مؤكدة حول طبيعة الإعلان سوى أنه ليس منتجا خاصا بآبل التي تعودت على طرح منتجاتها من خلال إعلانات خاصة بها وليس من خلال برامج على قنوات تلفزيونية.
ولكن بسبب حديث توم كوك حول أحداث أعمال الشغب التي حدثت في مبنى الكونغرس الأسبوع الماضي ومطالبته بتحميل المسؤولية لكل المشاركين في هذه الأحداث، فقد دارت تكهنات حول علاقة وتوقيت الإعلان بالأحداث التي حصلت في الكابيتول.
الذي ينفي هذا الاحتمال هو أن هذه المقابلة كانت مقررة مسبقا أي قبل حدوث أعمال الشغب مما يعني أن الإعلان ليست له علاقة بأحداث الشغب في الكابيتول.
الإعلانات.. الخصوصية.. فيسبوك
هي 3 كلمات تعد المفتاح للتنبؤ بما سيحتويه إعلان آبل "الكبير" اليوم، وكل كلمة من هذه الكلمات لها قصة وتحمل علامات تساعد في معرفة ما يمكن أن يتمحور حوله اعلان آبل الجديد.
حرب الإعلانات
نبدأ بحرب الإعلانات بين عملاقي التكنولوجيا آبل وفيسبوك والتي بدأت منذ وقت طويل ولكن استعر أوارها خلال الأشهر الماضية عندما أعلنت آبل عن تحديثها الجديد لنظام التشغيل "آي أو إس 14" (iOS14) والذي ينبه المستخدمين حول التطبيقات التي تقوم بتخزين معلومات خاصة بالمستخدم، يمكن أن تستخدم لاحقا لاستهدافه بالإعلانات الموجهة.
وقد لقي هذا التحديث معارضة شديدة من قبل فيسبوك أحد أكبر مروجي الإعلانات، حيث ذكر أن هذا الإجراء سيضر بشكل كبير مطوري البرامج الصغار الذين يتكسبون من الإعلانات.
وقالت شركة آبل إنها ستؤجل إجراء تغييرات على سياسة الخصوصية الخاصة بها، والتي يمكن أن تقلل مبيعات الإعلانات من قبل فيسبوك وشركات أخرى تستهدف المستخدمين على أجهزة آيفون وآيباد حتى أوائل العام المقبل.
وكانت آبل قد أعلنت عن قواعد جديدة للخصوصية في يونيو/حزيران من العام الماضي وكان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مع إطلاق نظام التشغيل "آي أو إس 14" خلال خريف 2020.
ومن بينها مطلب جديد مفاده أن المعلنين الذين يستخدمون معرف التتبع المقدّم من آبل أو الأدوات الأخرى التي لها وظيفة مماثلة، يجب أن يعرضوا الآن إشعارا منبثقا يطلب إذنا بالتتبع.
وأوضحت آبل في بيان حينها أنه "عند تفعيل الخاصية الجديدة، سيمنح النظام المستخدمين الحق في قبول هذا التتبع أو رفضه لكل تطبيق على حدة".
وأضافت "نريد أن نمنح المطورين الوقت الذي يحتاجون إليه لإجراء التغييرات اللازمة، ونتيجة لذلك، سيدخل شرط استخدام إذن التتبع هذا حيز التنفيذ في أوائل العام المقبل".
وحذرت شركة فيسبوك من أن تغييرات الخصوصية التي تخطط لها آبل في الإصدار 14 من نظام التشغيل "آي أو إس" "ستؤثر بشكل غير متناسب" على آلاف المطورين الذين يستخدمون أداة فيسبوك لعرض الإعلانات في التطبيقات الخارجية.
فهل يكون الإعلان الكبير له علاقة بهذا التوجه من آبل للحد من جمع البيانات؟
تشجيع الخصوصية
اعتادت آبل التأكيد على تركيزها على الخصوصية خلال الأسبوع نفسه الذي يبدأ فيه معرض المنتجات الاستهلاكية (CES). ففي العام الماضي، قدمت آبل إلى المعرض لأول مرة منذ عقود للمشاركة في مائدة مستديرة حول الخصوصية إلى جانب فيسبوك وشركات أخرى.
ووضعت شركة آبل قبل عامين، خلال المؤتمر لوحات إعلانية في جميع أنحاء لاس فيغاس تقول "ما يحدث على جهاز آيفون الخاص بك، يبقى على جهاز آيفون الخاص بك" في إشارة واضحة عن التزام الشركة بحماية خصوصية مستخدميها.
ومؤخرا عرضت آبل إعلانات عن مبادرات الخصوصية الجديدة على إحدى قنواتها على يوتيوب.
وتركز إعلانات الخصوصية الجديدة على خصوصية بصمة الوجه (Face ID) وكذلك المشتريات في خدمة "آبل باي" (Apple Pay)، بينما شاركت آبل أيضًا مقطع فيديو جديدًا يسلط الضوء على مبادرات الاستدامة الخاصة بهاتف آيفون.
وتظهر الإعلانات أهمية الخصوصية في منهاج آبل، حيث يتمحور الإعلان الأول حول تشفير بيانات بصمة الوجه وحمايتها على هاتف آيفون الخاص بك.
بينما يذكّر الإعلان الثاني مستخدمي خدمة "آبل باي" بمزايا الخصوصية والأمان مع كل عملية شراء.
الرد على هجوم فيسبوك
شنت فيسبوك حملة علاقات عامة ضد آبل لاستباق إجراء تغييرات جديدة على خصوصية البيانات في أجهزة آيفون، وهو ما من شأنه أن يصعّب على المعلنين تتبع المستخدمين، ويهدد أرباح "فيسبوك".
وعقدت فيسبوك مؤتمرا صحفيا لاستكشاف الشركات الصغيرة المعارضة للتغيير، ونشرت وسما جديدا لمناقشته، بالإضافة إلى إعلانات في العديد من الصحف تنتقد هذه الخطوة.
ففي الإعلانات التي ظهرت في "وول ستريت جورنال"، و"نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، انتقدت فيسبوك قيام آبل بمنح المستخدمين قريبا إذن التصريح للتطبيقات لتتبعهم عبر الإنترنت، وقالت فيسبوك إن هذه الخطوة قد تكون "مدمرة" لملايين الشركات الصغيرة التي تعلن على منصتها.
وتتزامن هذه الإعلانات مع قسم جديد في موقع "فيسبوك فور بيزنس" (Facebook for Business) يسمى "سبيك أب فور سمال" (SpeakUpforSmall)، حيث تحث فيسبوك أصحاب الأعمال الصغيرة على مشاركة قصتهم ومنحهم "مكانا للتعبير عن آرائهم". كما أنها تشجع أصحاب الأعمال الصغيرة على الحديث عمّا تعنيه الإعلانات المخصصة لهم ومصيرهم من دونها.
توقيت الإعلان
يمكن أن تكون لإعلان اليوم علاقة بأحد العناصر السابقة أو جميعها، ولكن المرجح أنه سيكون موجها ضد فيسبوك والسبب هو التوقيت.
فمع أن المقابلة كانت مقررة مسبقا أي قبل أحداث الكابيتول مما يعني أنها قد تكون أيضا قبل إعلان واتساب عن سياسة الخصوصية الجديدة، فإنه لا يمكن إغفال عامل التوقيت حتى ولو كان صدفة.
فهذه اللحظة وهذه الخطوة من فيسبوك هما ما كانت تنتظرهما آبل لتوجه الضربة القاضية لفيسبوك ولتبرهن للمستخدمين أن سياستها حول الخصوصية والإعلانات المتناقضة مع سياسة فيسبوك وغوغل هي الأفضل لهم.
فبعد الجدل الذي أثارته سياسة الخصوصية الجديدة لتطبيق واتساب والتي تطلب موافقة المستخدمين بربط حساباتهم على منصتي واتساب وفيسبوك والتهديد بإلغاء حسابات المستخدمين الرافضين لهذه العملية، ستجد آبل آذانا مصغية من قبل المستخدمين وعلى استعداد لتبني فكر آبل المتعلق بالخصوصية.
هذه التحليلات سوف يتم اختبارها خلال ساعات عندما يبدأ برنامج "سي بي إس هذا الصباح"، وحتى ذلك الحين سيبقى كل شيء واردا.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية