يبدو أن مرحلة ما بعد ترامب ستشهد عودة للمسار التقليدي لإدارة الصراع في منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.
وتسعى الرباعية إلى إعادة الفلسطينيين و(إسرائيل) إلى مائدة المفاوضات واستئناف المسار التفاوضي على أساس حل الدولتين، بعدما تعطلت خلال السنوات الماضية، في ظل حكم ترامب للولايات المتحدة.
الإثنين الماضي بدأت الاجتماعات التحضيرية للمجموعة الرباعية بهدف مناقشة سبل دعم مسار السلام في الشرق الأوسط في القاهرة، وهو ليس الأول خلال الفترة الأخيرة، فقد عقدت الرباعية اجتماعا في سبتمبر الماضي في العاصمة الأردنية عمان بحضور وزراء خارجية الأردن ومصر وألمانيا وفرنسا والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام.
وأكد الاجتماع على دعم عملية السلام في الشرق الأوسط على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
في البدايات، وحين كانت عملية التسوية تنطوي على بعض الأمل بإمكانية التقدم وتحقيق شيء شكلت الرباعية ثقلا سياسيا، كونها تختزل القوى الدولية المؤثرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أما اليوم فباتت الرباعية عبارة عن مؤسسة تسير في مسار الإدارة الامريكية التي تتحكم بها.
ويبدو أن تحركات الرباعية لا تأتي بمعزل عن ترتيبات المرحلة القادمة التي سيقود فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبطلب من السلطة الفلسطينية التي نادت منذ اعلان صفقة القرن بعقد مؤتمر دولي برعاية الرباعية إلى جانب دول كبرى أخرى.
كل التحركات التي سعت لها السلطة خلال الفترة الماضية كان بهدف الوصول إلى طاولة المفاوضات تحت رعاية الرباعية الدولية، في تجاهل تام لكل التجارب السابقة في العملية التفاوضية والتي لم تسفر إلا عن مزيد من تآكل حقوق الشعب الفلسطيني.
ويحمل الحديث عن المؤتمر الدولي، الذي تدعو له السلطة الفلسطينية في طياته تضليلاً للرأي العام، وتوحي بأن الدعوة تندرج في سياق الالتزام بقرار المجلس الوطني في دورته الـ 23 - 2018 الذي دعا إلى عملية سياسية في إطار مؤتمر دولي.
وتعد فرص انعقاد هذا المؤتمر وفق المحددات التي طرحت في المجلس الوطني، صعبة لانعدام الفرص والظروف حتى الآن، خاصة في ظل الواقع الميداني الذي تتحكم به (إسرائيل) وهيمنة الولايات المتحدة على المؤسسات الدولية وبقائها المرجعية الوحيدة القادرة على الضغط على الاحتلال.
ومن الواضح أن السلطة تعول كثيرا على فوز بايدن أكثر مما ينبغي، فتلويح بايدن قبل تسلم مهامه، بـ "حل الدولتين"، لا يعني أنه سيسلك طريقاً تفاوضياً غير الطريق الذي سلكه سلفه أوباما، الذي اكتفى بإدارة العملية التفاوضية السياسية، انطلاقا من التزام الولايات المتحدة الثابت بالمصالح الأمنية لـ(إسرائيل) كأولوية إقليمية لا تراجع عنها، وملزمة لكل الإدارات الأميركية، وانطلاقاً أيضاً، من التزام الولايات المتحدة بالتوافقات والالتزامات الاستراتيجية مع (إسرائيل)، وهي كذلك ملزمة لكل الإدارات الأميركية على اختلاف ألوانها، كما أن المؤتمرات الدولية السابقة كلها عجزت عن تقديم حل مقبول لجميع الأطراف لإحداث اختراق في أزمة الصراع.
كما لم تتمكن الرباعية من وقف هيمنة واستفراد الولايات المتحدة بالعملية السياسية بل إن بيان الرباعية في 1/7/2016، الذي دعا إلى تقاسم المنطقة (ج) بين (إسرائيل) والسلطة، فضلاً عن اتهام السلطة الفلسطينية بالفساد، وتحميلها مسؤولية إعاقة الوصول إلى "التسوية" في تماه كبير مع الموقف الأمريكي والإسرائيلي.
ومع توقف العملية السياسية في أبريل 2014 أعلن وزير الخراجية الأميركي جون كيري فشله بعد سلسلة من الزيارات المكوكية للمنطقة على أمل تحريك عملية التسوية، ومن ذلك الحين دخلت الرباعية الدولية حالة موت سريري، تسعى الأن السلطة الفلسطينية أن تستعيدها وتجدد عملها ونشاطها عبر الرسالة التي بعث بها الرئيس عباس في يونية 2020 والذي طالب فيها بعودة الرباعية كمرجعية لعملية التسوية.
وتشكلت «الرباعية الدولية» في نيسان من العام 2002 بدعوة من رئيس وزراء إسبانيا آنذاك جان ماريا أزنار، باعتبار بلاده الراعية لمؤتمر مدريد، ومن أجل تعزيز الدور الأوروبي في رعاية العملية التفاوضية.