بقلم : ادهم ابو سلمية
مما لا شك فيه أن الجماهير هي رصيد أي حركة سياسية على وجه الأرض ، ولا شك أيضاً بأن جماهير أي حركة تتأثر سلباً أو إيجاباً بالمتغيرات السياسية التي تحدث في أي بلد كما حدث مع الجمهور الفلسطيني.
هذا الجمهور الذي تعرض للاستهداف من قبل أعدائه يوم رأى العالم ذلك الالتفاف الواسع منه حول خيار المقاومة بعدما انتفض للتغيير في الخامس والعشرين من يناير لعام 2006م وصوت الشعب لحماس.
هذا المشهد يومها لم يروق للكثيرين من أعداء الحركة، فعلموا أن ما تتمتع به حماس من رصيد جماهيري كبير هو السبب في وصولها إلي سدة الحكم، وأدرك الجميع أن القضاء على هذه الحركة وعلى أي فكر إسلامي في العالم يأتي بعد القضاء على الرصيد الجماهيري.
ومنذ ذلك الحين بدأ كل من يكيد لهذه الحركة بالاستعداد لوضع كل عقبة ممكنة في طريق نجاح مشوارها في الحكومة لتجد الحركة نفسها وحيده في سدة الحكم بلا معين غير الله، حتى الأموال التي كانت تصل للشعب الفلسطيني تبخرت من أدراج وزارة المالية, ليس هذا فحسب بل وتراكمت الديون عليها، إضافةً للحصار من جانب وقطع الدعم المالي والسياسي من جانب أخر حتى وصلت الأمور إلي الحسم العسكري.
هذه الخطوة الأمنية الاضطرارية التي قامت بها الحركة لإنهاء حقبة الفساد الأمني في غزة كان لها أثر كما للحرب على غزة أثر على القاعدة الجماهيرية لحركة حماس.
إن المتتبع للواقع السياسي الفلسطيني واليومي يرى أن الكل يراهن على الجماهير في خطاباته ومهرجاناته وغيرها، حتى التنظيمات التي لم تدخل العملية السياسية كانت حريصة على إظهار وجودها على الارض من خلال المهرجانات كما حدث في مهرجان الشقاقي.
ولأن حماس كانت أكثر الناس قرباً من الجماهير منذ انطلاقتها الأولى حيث أسست الجمعيات الخيرية والمؤسسات التعليمية والطبية والثقافية كل هذا لخدمة شعبها المجاهد، وخرجت العام الماضي وهذا العام أيضاً بمشروعها الأضخم على مستوى القطاع حملة " المودة والتواصل" والتي تهدف من خلاله لزيارة كافة الأسر على مستوى قطاع غزة، وما أن أعلنت حماس عن مشروعها حتى بدأ السؤال الكبير يراودني.
هل لا زال الناس قريبين من حماس؟ هل لازالت حماس قادرة على إقناع الناس بمنهجها وفكرها؟
كنت أتوقع أن تغلق في وجه الزائرين أبواب، وأن يجدوا صعوبة بالغة في الوصول للناس خاصة من هم على خلاف مع منهج حماس وهنا اقصد تحديداً أبناء فتح الذين لا يستطيع أحد أن ينكر أن لهم وجود مؤثر على الأرض.
انطلق المشروع وبدأت المجموعات بزيارة الناس وكنت أحد المشاركين في هذه الزيارات، ومع الزيارة الأولى استطعت الإجابة عن الأسئلة العالقة، لقد كنت على تواصل مع عدد كبير من الأخوة في عدد من المناطق والكل مسرور من استقبال الناس وحسن ضيافتهم.
أدركت في هذه اللحظة فقط أن شعب غزة شعب كبير، وأن الناس لا زالت تحبنا، وأن حماس هي ذاتها.. كبيرة في قلوب الشعب، عظيمة في عيونهم.
وعلمت أيضاً أن انتقاد الناس لنا ما هو إلا لأنهم يحبوننا، ولقد فاجئني حسن استقبال أبناء فتح بل ومن هم أشد الناس معارضة لنا، سمعت الناس وهي تدعونا للمزيد من هذه النشاطات الاجتماعية، وذاك يدعو لتكرار الزيارة وغيرها من الكلمات التي ذرفت معها الدموع.
وهنا أقول لأبناء حماس كلمات .. إن كلمة جميلة وهدية بسيطة قد تكسبك حب كل الناس، إن أهل غزة وشعبها هم أكرم مما يتصور البعض، وإن عائلات صبرت على الحصار والحرب والجوع وغيرها هذه السنوات يجب أن تحترم، لا بل يجب أن توضع فوق الرؤوس.
لا شك أن أي تجربة يشوبها الخطأ، ولكن لا زال هناك متسع من الوقت لتصحيح أي خطأ صدر تجاه أي إنسان في هذا القطاع الصابر، لقد وجهت اليوم الجماهير لنا رسالة قوية أننا معكم ونحبكم، ولكن لا بد من تغيير بعض السلوكيات على الأرض، وهذا ليس عيب.
إن حملة المودة والتواصل يجب أن تستمر طوال العام، لأن الناس بحاجة لنا، كما أننا بحاجة لهم.
كم أنتي عظيمة يا حماس .. وكم أنتي عظيمة يا غزة .. وكم هو عظيم هذا الشعب الصامد المرابط