عجّ المرسوم الرئاسي الذي أصدره محمود عباس لتحديد مواعيد الانتخابات بالكثير من التجاوزات القانونية، التي يأمل عباس تمريرها بسيف التوافق الوطني القائم على الذهاب للانتخابات كحل للأزمة السياسية الفلسطينية المستمرة منذ 14 عاما.
ومن هذه التجاوزات القانونية أن المرسوم استند في إحدى ركائزه القانونية على قرار المحكمة الدستورية رقم (10) لسنة (3) قضائية، وهذا هو القرار الخاص بحل المجلس التشريعي، وعليه فإن التشريعي لا يحق له إصدار أي قانون يتعلق بالانتخابات، لأنه بحكم القرار غير موجود أصلاً، كما لا يحق له القيام بأي عملية رقابية ولا يكون لأعضائه حاليا أي صفة خلال الانتخابات وبعدها.
وثمة من يرى أنه في حال الاتفاق على إجراء الانتخابات خارج أحكام القانون الأساسي بدعوى ضرورات المصلحة الوطنية العليا، ومن يضمن أن السلطة في رام الله التي لديها محكمة دستورية أن تطلب منها إلغاء نتائج الانتخابات إذا جاءت في غير صالحها؟.
فوفقاً لقانون المحكمة الدستورية رقم 3 لسنة 2006 في المادة 24، تختص المحكمة الدستورية دون غيرها بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة. وبموجب المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية يكون لها في سبيل القيام بالاختصاصات المنصوص عليها في المادة 24 ممارسة كل الصلاحيات في النظر، والحكم بعدم دستورية أي تشريع أو عمل مخالف للدستور كلياً أو جزئياً.
وعند الحكم بعدم دستورية أي عمل يعد محظور التطبيق، وعلى الجهة التي قامت به تصويب الوضع وفقاً لأحكام القانون الأساسي، والقانون أورد الحق للمتظلم أو تعويضه عن الضرر أو كلاهما معاً. وهل يمكن الاتفاق على عدم الطعن أمام المحكمة الدستورية على نتائج الانتخابات، بدعوى مخالفة إجراء الانتخابات، حسبما يتم الاتفاق عليه بالمخالفة للقانون الأساسي.
وفي التعقيب على ذلك، قال المستشار القانوني نافذ المدهون إن الاستناد إلى قرار المحكمة الدستورية في المرسوم الرئاسي يحاول إيصال رسالة ان قرار حل التشريعي كان حلا شرعيا وسليما، وليس هناك مجلسا قائما كي يسلم المجلس المنتخب.
وأضاف المدهون في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الأعضاء المنتخبين في مايو المقبل يدخلون المجلس التشريعي دون إجراءات برتوكول وجلسة استلام وتسليم، وهذا يمثل أحد أهم المعيقات القانونية التي تواجه ملف الانتخابات.
وأوضح أنه في الاستناد إلى قرار المحكمة الدستورية محاولة جديدة من السلطة لإعطاء الشرعية للمحكمة الدستورية؛ التي شكلت بعيدا عن التوافق الوطني، وخطورة ما تمثله في النظام القضائي، وهذا سيكون أحد المعيقات أمام نتائج الانتخابات؛ لان الكثير من الطعون الدستورية قد تثار اثناء وبعد الانتخابات، في حين أنه ليس صحيحا عرضها أمام محكمة دستورية غير متوافقة عليها وشكلت بقرار فردي من عباس.
وأكد المدهون الذي يشغل منصب الأمين العام للمجلس التشريعي الحالي، أن مجموعة من التعقيدات القانونية يجب أن تطرح في اللقاء الوطني المزمع عقده في العاصمة المصرية القاهرة مطلع الشهر المقبل، وضرورة مناقشة كل المرجعيات القانونية للمرسوم الرئاسي، بما في ذلك القانون الأساسي للمنظمة الذي لا يراعي التغير في البنية السياسية الفلسطينية الحالية، حيث وضع قبل 60 عامًا.
وأشار إلى أن الفصائل الفلسطينية تحاول التغلب على القضايا القانونية من خلال الالتزام بالحد الأدنى في البعد القانوني، وأن الحياة السياسية الفلسطينية تأخذ المنهجين القانوني والتوافقي؛ نظرا لاختلاف بنية النظام السياسي الموزع بين مؤسسات منظمة التحرير ومؤسسات تابعة لدولة فلسطين ومنظمات تابعة للسلطة، ولكل منها قوانين تختلف مع الأخرى.
وختم بقوله: "في تقديري أن جدية الفصائل للخروج من المأزق عبر صندوق الانتخابات قد تجبرهم على تجاوز بعض التعقيدات القانونية التي يتخللها المرسوم الرئاسي وعملية الانتخابات ككل والتي من المقرر عقدها بالتوالي خلال الأشهر المقبلة".
وأصدر رئيس السلطة محمود عباس، منتصف الشهر الحالي مرسوما رئاسيا بشأن إجراء الانتخابات العامة على ثلاثة مراحل.
وبموجب المرسوم ستجرى الانتخابات التشريعية بتاريخ 22/5/2021، والرئاسية بتاريخ 31/7/2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني.
وأشار المرسوم إلى أنه يتم استكمال المجلس الوطني في 31/8/2021 وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن.
وبدورها رحبت حركة حماس في بيان لها بصدور المراسيم الرئاسية بشأن الانتخابات العامة: المجلس الوطني، والمجلس التشريعي، والرئاسة، وأكدت حرصها الشديد على إنجاح هذا الاستحقاق بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني صاحب الحق المطلق في اختيار قيادته وممثليه.