أقدمت فرق مسْحية إسرائيلية بحماية شرطة الاحتلال، يوم الأربعاء الماضي، على إجراء أعمال مسح وأخذ قياسات في ساحات المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وذلك للمرة الأولى.
وفي بيان لها أوضحت دائرة الأوقاف الإسلامية أن عدة فرق من طواقم المساحين، اقتحموا ساحات الاقصى عند حوالي الساعة السابعة صباحا (بالتوقيت المحلي)، عبر "باب المغاربة"، وانتشروا في ساحاته، وشرعوا بأعمال قياس فيه بمعدات هندسية ومسحية.
وأضافت دائرة الأوقاف أن طواقم المساحين اقتحموا المسجد الأقصى دون أن يستأذنوا أو يبلغوا الأوقاف، وحينما بلغت الأوقاف الشرطة الإسرائيلية رفضت إخراجهم من المكان.
ولعل اللافت للنظر أن عمليات الاقتحام المتواصل لجهات تابعة للمحتل تأتي في ظل منع شرطة الاحتلال للمواطنين المقدسيين من الوصول إلى المسجد الأقصى بحجة الإغلاق الصحي المتعلق بانتشار فايروس "كورونا".
كما أن هذا الاجراء المسحي الغامض هو الأول من نوعه الذي تقدم عليه بلدية الاحتلال في القدس في ساحات المسجد الاقصى وداخل قبة الصخرة.
الناشطة المقدسية هنادي حلواني تقول حول ما جرى يوم الأربعاء الماضي إنه لا يجوز أن نواصل الصمتَ على هذا الإغلاق الذي فرض على المواطنين المقدسيين، والذي صار واضحاً للقاصي والداني أنه يخدم مصالح الاحتلال للسيطرة على المسجد الأقصى! فهو إغلاق للمسجد في وجه أهله، بينما لا يزال مفتوحاً أمام المقتحمين كل يوم.
وأضافت عبر صفحتها على فيس بوك: "أغلقوا البلدة القديمة على أهلها، ومنعوا أهل المسجد من الوصول إليه، وأدخلوا المساحين إليه بلا رقيب ولا حسيب! كما تجوب مجموعات كبيرة من الجيش ساحاته ولا يعلم مساعيهم إلا الله! هذا الإغلاق يستهدف المسجد الأقصى وما يحيط به من أسوار!
ودعت حلواني إلى وجوب التحرك لنصرة الأقصى وفهم ما يجري في ظل هذا الصمت والمطالبة بفتحه أمام الجميع لأنه ملك للمسلمين ولا سلطة لهم عليه على حد تعبيرها.
وحذر الدكتور عبد الله معروف المختص بقضايا القدس من أن الموضوع لا يحتمل المزاح أو التقليل فهو ليس بسيطا كما قال، فالأمر يتعلق بالسيادة.
وتساءل معروف قائلا: "منذ متى تجرؤ سلطات الاحتلال على القيام بهذه الأعمال الهندسية في قلب المسجد دون أن تقوم عليهم القيامة بسبب هكذا اعتداءات على سيادة المسلمين الحصرية في المسجد؟!".
وحسب مصادر إعلام عبرية فقد باركت جماعة "طلاب لأجل المبعد" هذا الاعتداء بقولها: "كلما تقدمت (إسرائيل) وقامت بأعمال سيادية أكثر في "جبل المعبد"، قَلَّ شعور العرب بالسيادة عليه"!
زياد ابحيص الناشط المختص بقضايا القدس شرح ما حدث يوم الأربعاء الماضي قائلا: "دخل فريق من المساحين إلى المسجد الأقصى المبارك، ومسحوا المسجد باستخدام كاميرات Matterport Pro2 Lite، المخصصة لإعداد عروض وفيديوهات التجول في المكان مثل الخدمة التي تقدمها جوجل في عدد من المدن عبر العالم!
وأضاف ابحيص:" الفريق أجرى بالأمس مسحاً علوياً للأقصى من فوق سطح المدرسة التنكزية جنوب غرب الأقصى، وبعدها بيوم أجروا مسوحاً متعددة المستويات وقضوا ساعاتٍ في الأقصى، تنقلوا خلالها بين صحن الصخرة ومنطقة الكأس ومختلف مسطحات الأقصى حتى شكلوا عنها صورة مكتملة وخرجوا".
ويفسر ابحيص ما يحدث بأنه جزء من سياق مستمر يفرضه المحتل خلال السنوات الماضية، لتحويل علاقة الأوقاف الإسلامية في القدس من إدارة للأقصى من موقع من يملكه، وهو ما يعرف بالحصرية الإسلامية للأقصى، إلى إدارة الحضور الإسلامي في الأقصى فقط، بينما ينتقل الاحتلال بالتدريج إلى إدارته الأصيلة شيئاً فشيئاً، وإدارة الوجود اليهودي فيه إضافة إلى دخول السياح.
ويذكر أنه وخلال عامين فرض الاحتلال سبع تغييرات كبرى في الوضع القائم في الأقصى حسب قول ابحيص بدأت بسلب صلاحية ترميم السور الخارجي للأقصى، مرورا بفرض صلاحيته وشراكته في قرار فتح الأقصى وإغلاقه، وترسيخ فكرة تساوي الحق الإسلامي-اليهودي بالفتح المتزامن للأقصى للمسلمين والمقتحمين الصهاينة، وانتهاء بتركيب كاميرات مراقبة داخل باحاته، وكل ذلك دون اذن من الأوقاف، وها هو الآن يبدأ يأخذ مقاييس مسحية من داخل الباحات.