حالة من الترقب يعيشها طلبة مدرسة "أم قصة" التي تقع في البادية شرق جنوب الخليل، بعدما سلمت سلطات الاحتلال مديرها يوسف بسايطة اخطارا بالهدم خلال 96 ساعة.
"بكر وسفيان ونادية" وهم ضمن 50 طالبا مسجلين في مدرسة أم قصة، اعتادوا يوميا أن يسلكوا طريق مدرستهم وهم يتحدثون بحماس كيف صفق لهم أستاذ الرياضيات أو العلوم حين حصدوا نتائج مميزة في الامتحانات، لكن اليوم يخرجون من بيوتهم بخطوات ثقيلة خشية الوصول إلى مقاعدهم الدراسية ويجدون مدرستهم وقد قلبت رأسا على عقب ولا ملامح لها.
يوميا الصغار يتساءلون "هل ستهدم مدرستنا؟، هل سنبقى في البيوت؟"، هكذا يحكي مدير المدرسة يوسف بسايطة "للرسالة نت"، ويذكر أن مدرسته تتبع مديرية التربية والتعليم في يطا، تضم خمسين طالبا من الصف الأول حتى الرابع، بعدما كانوا يذهبون لمدارس بعيدة عن مكان سكناهم.
ويشير إلى أن المدرسة أنشئت في أغسطس الماضي، وفيها سبعة فصول من الصفيح الذي لا يقي الأطفال من حر الصيف وبرد الشتاء، لافتا إلى أن حجة الاحتلال في الهدم هي عدم الترخيص رغم أن المدرسة في منطقة C ولا تحتاج لترخيص الإدارة المدنية التي تتبع الاحتلال.
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلث المجتمعات الفلسطينية في المنطقة C، التي تشكل 60% من الضفة الغربية، ليس فيها مدارس ابتدائية حاليا، وهناك 10 آلاف طفل يذهبون إلى المدارس في الخيام أو الأكواخ، ويضطر نحو 1,700 طفل إلى السير 5 كيلومترات أو أكثر للوصول إلى المدرسة بسبب إغلاق الطرق، أو عدم وجود طرق يمكن عبورها أو وسائل نقل، أو غير ذلك من المشكلات.
وأوضح بسايطة أنه رفع كتابا إلى هيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية للاعتراض على الاخطار، ولا يزالون ينتظرون القرار.
وعن تعامله مع الصغار وصف بسايطة نفسيتهم بالسيئة، لكنه والمعلمين يحاولون رفع معنوياتهم وطمأنتهم بأن الهدم لن يتم، مشيرا إلى أن الإدارة في طابور الصباح تحمس الصغار وتشغل نشيد "موطني" لترسيخ حب الوطن.
ولفت إلى أن الصغار في حال هدم مدرستهم البسيطة سيحرم عدد منهم الدراسة، كون المدارس بعيدة وسيضطرون لأن يسلكوا طرقا وعرة وخطيرة، داعيا الجميع للوقوف في وجه الاخطار كي لا يحرم الصغار من حقهم في التعليم.
بدورها استنكرت وزارة التربية والتعليم في بيان لها، إخطار قوات الاحتلال مدرسة أم قصة الأساسية بالهدم، والواقعة في يطا، مؤكدة أن تواصل هذه الانتهاكات يأتي نتيجة الصمت الدولي، ما يجعل الاحتلال يضرب عرض الحائط بكافة القوانين الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية؛ التي تُجرّم الاعتداء على التعليم وروّاده.
يذكر أن مدرسة أم قصة الأساسية تخدم ثلاثة تجمعات سكنية هي: أم قصة والعبادية والسرج، وقد تم افتتاحها بداية العام الجديد ضمن المدارس التي تشيّدها الوزارة في المناطق المستهدفة، لضمان حق الطلبة بالتعليم، في ظل بيئة آمنة.
كما يتعمد الاحتلال ومستوطنوه من خلال انتهاكاتهم المتواصلة في تضييق الخناق على سكان يطا والمسافر؛ لإجبار السكان والمزارعين على ترك منازلهم وأراضيهم، التي تعد مطمعا لحكومة الاحتلال التي تسعى إلى السيطرة عليها لصالح الاستيطان.
ووفق ما جاء في تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" فإن "قوات الاحتلال رفضت مرارا منح الفلسطينيين تصاريح لبناء مدارس في الضفة الغربية وهدمت مدارس بنيت من دون تصاريح، ما جعل من الصعب أو المستحيل حصول آلاف الأطفال على التعليم، فيما هناك 44 مدرسة فلسطينية معرضة لخطر الهدم الكامل أو الجزئي؛ لأن السلطات (الإسرائيلية) تقول إنها بُنيت بطريقة غير قانونية.
وحتى كتابة التقرير لا تزال الأنظار تتوجه صوب مدرسة "أم قصة" لمعرفة مصيرها من الاحتلال، كما يسعى القائمون عليها لمخاطبة الجهات كافة لوقف عملية الهدم كي لا يحرم الصغار أبسط حقوقهم.