دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الاتحاد الأوروبي ودوله، إلى مراجعة اتفاقيات التعاون والشراكة التي تعقدها مع السلطة الفلسطينية، وخاصة "الجهاز القضائي"، في "أعقاب قرارات السلطة التنفيذية التي أظهرت تعديًا على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث وضمان حياد عملها".
وقال الأورومتوسطي في بيانٍ صحفيٍ، إن "رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أصدر بوصفه ممثلًا للسلطة التنفيذية قراراتٍ بقوانين بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، نشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 11 يناير/كانون الثاني الماضي، شملت "حل مجلس القضاء الأعلى وإنشاء مجلس انتقالي بديلًا عنه، إضافةً إلى قرارات تقضي بعزل عدد من القضاة وتخفيض سن التقاعد واستثناء رئيس المحكمة العليا وأعضاء المجلس الانتقالي من القرارات السابقة، وزيادة نفوذهم على عمل أجهزة التفتيش القضائي".
وأوضح الأورومتوسطي أن تلك القرارات شملت كذلك تعديل قوانين السلطة القضائية، واستحداث محاكم جديدة دون التشاور مع الجهات ذات الصلة كنقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني، وهو ما يعكس وجود تدخلات خطيرة وغير مبررة من قبل السلطة التنفيذية على عمل السلطة القضائية.
وأضاف أن اتفاقية الشراكة الأوروبية-الفلسطينية تنص على المساهمة البناءة في التطور الاجتماعي والاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتستند إلى مفهوم التكافؤ والدعم باتجاه تحديث القوانين والتشريعات وتطوير السلطات الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، والعمل على استقلاليتها والإسهام في إيجاد دولة القانون واحترام الحريات، حيث التزم الاتحاد الأوروبي من خلال برنامج "ميدا" للمساعدات التقنية عام 2003 – الواردة ضمن الاتفاقية- بالمساهمة في تطوير المجتمع المدني الفلسطيني والسلطة الفلسطينية عبر تقديم المنح وبرامج تبادل الخبرات.
وتابع: أن السلطة الفلسطينية وقعت مع المفوضية الأوروبية في العام 2005 على خطة عمل نصت إحدى بنودها على "إنشاء قضاء مستقل وحيادي يعمل بكامل طاقته بما يتماشى مع المعايير الدولية ويعزز الفصل بين السلطات". وبناءً عليه، مول الاتحاد الأوروبي برنامجي سيادة 1 وسيادة 2 في الأعوام ما بين 2012-2005. كما نصت خطة العمل الموقعة بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية في العام 2013 على هدف أن تكون الدولة الفلسطينية "قائمة على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان داخل ديمقراطية عميقة ومع مؤسسات خاضعة للمساءلة"، وتطرقت لضرورة استقلال ونزاهة القضاء، وهو ما تلقت على إثره السلطة الفلسطينية مساعدات أوروبية مالية ولوجستية، بالإضافة إلى برامج تدريب وتبادل خبرات.
وقال الأورومتوسطي إن برنامج سواسية 2 (2023-2018) يعد أحدث هذه البرامج الممولة أوروبيًا، حيث تشرف عليه وكالة التنمية التابعة للأمم المتحدة بتمويل من السويد وهولندا وإسبانيا، ويهدف لتحصين سلطة القانون.
وأكد المرصد على أن قرارات السلطة التنفيذية الصادرة مؤخرًا تخالف الهدف الأساسي الذي أقيمت من أجله برامج الاتحاد الأوروبي مثل برامج "سواسية" و"ميدا" والتي تهدف في الأساس إلى تطوير مؤسسات المجتمع المدني، والارتقاء بالمنظومة التشريعية الفلسطينية، والإسهام في إيجاد آليات جديدة تضمن تحقيق العدالة والرفاهية للأفراد واحترام الحريات.
وأعرب المرصد عن قلقه من استمرار تمويل الاتحاد الأوروبي في برامج الشراكة في ظل انتهاك السلطة الفلسطينية الواضح لاستقلالية القضاء، وهو ما يعني مزيدًا من تدخلات السلطة التنفيذية في عمل السلطات المختلفة، الأمر الذي من شأنه أن يشكل تعديًا صارخًا على مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال عملها الذي كفله القانون الأساسي الفلسطيني ومبادئ القانون الدولي.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة ممارسته كافة أشكال الضغط على السلطة الفلسطينية للتراجع عن قراراتها الأخيرة، والإيعاز للسلطة التنفيذية بضرورة وقف تدخلاتها غير القانونية في عمل الأجهزة القضائية.
كما حث السلطة الفلسطينية على وجوب تقيدها بالمبادئ الواردة في القانون الفلسطيني والدولي على حدٍ سواء، وتهيئة الظروف المناسبة لعقد انتخابات ديمقراطية وتذليل أي عقبات قد تعيق إتمامها
وأصدر الرئيس محمود عباس، الإثنين الماضي، عدة قرارات جديدة تتعلق بالشأن القضائي، وقانون السلطة القضائية، ومنها قرار بقانون لتشكيل محاكم نظامية جديدة، وقرار بقانون بإنشاء قضاء إداري مستقل على درجتين، وقرار بقانون ثالث يتعلق بإدخال تعديلات على قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002.
كما قرر عباس ترقية عددٍ من قضاة البداية إلى قضاة استئناف، وإحالة ستة قضاة إلى التقاعد المبكر بناءً على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى الانتقالي.
وتعالت الأصوات المطالبة بالعدول عن هذه القرارات والتي كان آخرها تجميد نقابة المحامين العلاقة مع مجلس القضاء الأعلى المعاد تشكيله ورئيسه الجديد عيسى أبو شرار الذي توجه له سهام التغييرات الأخيرة حتى يتم التراجع عن القرارات التي اعتبرت نقابة المحامين أنها مست بأركان السلطة القضائية.