قائد الطوفان قائد الطوفان

عطا الله ريان

شهيد على قارعة الطريق .. وذريعة المحتل جاهزة

الشهيد عطا الله ريان
الشهيد عطا الله ريان

رشا فرحات- رشا فرحات

صباح هادئ على غير العادة، مشمس، ترتفع درجات دفئه، أيضا على غير العادة، فُتح باب المدرسة كما هي العادة في بلدة قراوة غربي سلفيت، ودخل طلاب الثانوية العامة يحمل كل منهم حلمه فوق كتفه، ويتبادلون نظراتهم باعتيادية الموت الذي يدخل بين الوقت والآخر إلى أروقة المدرسة، وبالأمس أيضا دخل.

في ذات الصباح نادى الأستاذ بصوته العالي الذي قطع حبال الصمت: أين صاحب الورقة؟ ورقة امتحان التكنولوجيا، عطا الله ريان، لكن عطا الله لم يرد، لأنه استشهد بالأمس، كتب الأستاذ بالقلم الأحمر دعوة بالرحمة ثم أكمل الدرس.

كان عطا الله عابر طريق، حينما أطلقت النار في الأرجاء، بدلا من زخات المطر في يوم شتوي غائم، تساقطت الرصاصات، فأصابت جسد الصغير الذي لم يتجاوز السابعة عشر، حينما كان عائدا من المدرسة برفقة الموت حيث اعتاد أبناء فلسطين اختيار التوقيت بأنفسهم دوما وفي كل مرة وهم عائدون من مدارسهم!

تجري الأمور دائما بهذه البساطة، يشتبه الجندي الواقف بين كومة من الجنود، بفتى مر هناك مصادفة، فيطلق النار، ويسقط الفتى، ثم تقلب الصفحة وتكتب الحكاية.

عطا الله من بلدة قراوة بني حسان غرب سلفيت، الطالب في الثانوية العامة، ابن لرجل بسيط هادئ يعمل في صناعة الرخام، وجل ما يتمناه الأب في حياته أن ينجح ابنه في الثانوية العامة ليرسم مستقبلا أفضل من واقع يفرضه الاحتلال على الأرض.

مستقبل عطا الله حُسم بالأمس، برصاصة واحدة وعاد مع أذان الظهر محمولا على الأكتاف، رصاصة أطلقها جندي خائف من خطوات عطا الله التي تسارعت فجأة ليقطع الطريق المزدحم بالسيارات، ما أثار رعب الجندي الذي أطلق رصاصة مرتعبة اخترقت الجسد النحيل الغض.

مساء اليوم، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة عن امتحان مدرسي قدمه الطالب الشهيد عطا الله ريان قبل يومين، في نفس اليوم الذي استشهد فيه.

لم تعد قصتنا مع الاحتلال هي سرقة الأرض فقط، وإنما سرقة الأحلام أيضا، والتربص من خلف الأبواب وعلى إشارات المرور، وخلف الحواجز، يترصدون الأحلام فينا والوجوه المشرقة ليقتلوا حلما وابتسامة تحمل تباشير مستقبل مزهو جميل، وهذه سرقات أخطر، والذريعة دائما جاهزة "لقد حاول طعن الجنود".

استشهد الفتى ريان، وبقيت حقيبة وحلم، وعائلة تكابد الحياة لأجل لحظة الوصول، فوصل الجسد، وبقيت الروح معلقة بأحلام الطرقات والمدرسة ورصاصة أخرى يحشوها الجندي في بندقيته بانتظار الشهيد القادم.

 

البث المباشر