قائد الطوفان قائد الطوفان

زراعة برك الأمطار يثير جدلاً بين المختصين

السكان المجاورون للبرك يشتكون من انتشار البعوض والأمراض
السكان المجاورون للبرك يشتكون من انتشار البعوض والأمراض

"الزراعة": نرفضه لأسباب صحية وبيئية

بلدية غزة: خضع للدراسة والتخوفات مبالغ فيها

غزة- الرسالة نت:

أثار إعلان بلدية غزة قرارها باستزراع بركة مياه الأمطار بحي الشيخ رضوان بأشجار "الجوافة" جدلاً واسعاً بين وزارعة الزراعة التي عارضته واعتبرته قراراً متعجلاً ونصحت بالتراجع عنه درءاً لأضراره الصحية والبيئية، وبلدية غزة التي أكدت أنها أصدرت هذا القرار بعد دراسة معمقة، أعدها فريق من المختصين. وقللت البلدية من تخوفات الوزارة مؤكدة أنها تخطط للتوسع في المشروع.

أسباب الرفض

وزارة الزراعة رفضت فكرة مشروع زراعة برك الأمطار لأسباب صحية وبيئية. وقال خبير المياه والمياه المعالجة بالوزارة المهندس نزار الوحيدي أن أهم هذه الأسباب أن بركة الشيخ رضوان تستقبل مياه مجار غير معالجة تلوث بدورها تراب البركة بالميكروبات المختلفة، بالإضافة إلى الطفيليات وبيوض الديدان، مما يعرض ثمار الجوافة المنوي زراعتها للتلوث.

وأشار الوحيدي إلى أن البركة تقع وسط حي شعبي وتحيط بها العديد من المدارس التي يؤمها آلاف الأطفال الذين ستصبح البركة هدفاً لهم، مما يعرضهم لمخاطر الأمراض والغرق وغيرها من المشاكل الاجتماعية الأخرى، خاصة وأن الوعي الصحي للسكان والوضع البيئي في منطقة مكتظة بالسكان ومحيطة بالبركة هو محل تساؤلات عدة.

وأضاف أن الأشجار المعمرة لا ينصح بزراعتها بين الأقفاص الحجرية لأنها قد تتسبب في زحزحتها وخلخلة بنائها مما يعرض جدران البركة للانهيار.

ولفت الوحيدي إلى أن الجوافة من المحاصيل التي تحقق فائضاً من الإنتاج في غزة، وأضاف: "ليس من توجهات وزارة الزراعة التوسع في زراعتها كونها من المحاصيل الحساسة للملوحة، وهناك العديد من المحاصيل التي تسعى الوزارة لزراعتها والتوسع فيها وهو ما أعلنته في الدليل الزراعي الذي أصدرته الإدارة العامة للتخطيط والسياسات".

وبين الوحيدي أن الهدف من هذه البركة هو ترشيح مياه الأمطار لتغذي الخزان الجوفي المتملح في تلك المنطقة، إلا أن سوء الإدارة كان خلال الفترة السابقة أدى لضياع كميات المياه التي تدخلها وذلك أن البلدية كانت تقوم بضخ المياه إلى البحر كلما هطلت الأمطار ووصلت المياه للبركة، ولا تتركها للترشح عبر التربة لتغذي الخزان الجوفي.

وأشار إلى أن  البركة أصبحت في السنوات الأخيرة "نقطة استقبال لمياه المجاري التي تطفح في جميع المناطق المحيطة بالبركة، الأمر الذي حول هذه البركة إلى مكرهة بيئية ولا يمكن تغييرها إلى منطقة إنتاج زراعي" خاصة بعد انهيار نظام الصرف الصحي نتيجة الحصار وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر.

بدائل

وأشار الوحيدي إلى وجود أشجار بديلة منها ما يمتص الغازات أو يحجب الغبار والأبخرة والرؤية أو يمتص المياه، وقال أن أشجار "الكينيا" هي من أهم أشجار المستنقعات ذات الأغراض البيئية والتجارية والزراعية الهامة، مثل تربية النحل الذي نعاني عجزاً كبيراً في إنتاجه بعد تجريف بساتين الحمضيات، وهو مصدر للخشب أيضًا الذي نفتقر إليه بشدة، والكينيا من الأشجار صديقة البيئة التي لا تؤوي الحشرات والهوام".

وتحدث الوحيدي عن إمكانية زراعة أشجار الأثل أو السدر أو السرو أو النباتات العطرية أو الزيتية مثل أشجار الهوهوبا التي تستخدم زيوتها للعديد من الأغراض الطبية والصناعية.

 يشار إلى أن بركة المياه في حي الشيخ رضوان أنشئت في التسعينيات لتستقبل مياه الجريان السطحي "سيول مياه الأمطار" من مناطق عسقولة والتفاح واليرموك، بسعة تقدر بحوالي 500,000 متر مكعب، ويبلغ طولها 300 متر وعرضها 150 متراً وبعمق يزيد على 12 متراً، وبنيت لها جدران استنادية من أقفاص الشبك المعبأة بالحجارة الصخرية.

الوقاية والنبات

في رأي فني آخر للمهندس زياد حمادة مدير الإدارة العامة لوقاية النبات والحجر الزراعي بالوزارة، فإن زراعة أشجار الجوافة تحتاج إلى تربة رملية مفككة، في حين تحتاج إلى كميات كبيرة من مياه الري العذبة تصل إلى 100 لتر يومياً للشجرة بمعدل (4-5) كوب للدونم يومياً بالإضافة إلى كميات كبيرة من السماد.

وأشار لـ"الرسالة نت" إلى أن زراعة الأشجار في الأماكن العامة والشوارع تكون عرضة لدخان عوادم السيارات والغبار الذي يؤدي للإصابة بالحشرات القشرية، وتحتاج زراعة الجوافة إلى برنامج خاص بمكافحة ذبابة البحر الأبيض المتوسط "ذبابة الفاكهة" التي تعتبر من الآفات الخطرة على الحمضيات والفاكهة وخاصة محصول الجوافة.

ودعا حمادة بلدية غزة إلى التراجع عن مشروعها هذا وأن تستبدله بمشروع يخدم توجهات البلدية ويستجيب لرأي الاختصاصيين، وقال :"لا بأس في ندوة علمية تحضرها الوزارات ومؤسسات المجتمع المدني المعنية للمناقشة المستفيضة والخروج بتوصيات تخدم المصلحة العامة".

دراسة معمقة

أما مدير الصحة والبيئة ببلدية غزة عبد الرحيم أبو القمبز، فقلل من تخوفات وزارة الزراعة حول انتشار ذبابة الفاكهة في المناطق المكتظة بالسكان، قائلاً :"إن البلدية تتكفل بالزراعة حسب المواصفات والرعاية الكاملة للأشجار ورشها بالمبيدات اللازمة"، مؤكداً على حرص البلدية على متابعة عملية الزراعة والرعاية بالتعاون مع وزارة الزراعة.

وأكد أبو القمبز لـ"الرسالة نت"، أنه يعمل في البلدية عشرة مهندسين زراعيين ذوي كفاءة عالية، وأضاف: "لم نُقدم على مشروع زراعة البرك إلا بعد دراسة معمقة"، لافتاً إلى أن البلدية تعكف أيضاً على زراعة بركة عسقولة وسط مدينة غزة بعدد آخر من أشجار الجوافة، بإشراف فريق من المختصين في مجال المياه والبيئة والزراعة.

وأشار إلى أن عملية الري ستتم من مياه تجميع الأمطار في هذه البرك، إضافة إلى تمديد خطوط مياه من شبكة مياه بلدية غزة، داعياً إلى عدم إثارة التخوفات لدى المواطنين، مضيفاً أن المشروع يعمل على إضفاء منظر جمالي في محيط البرك.

البث المباشر