ثمة ملفات مهمة وساخنة تنتظر اجتماع الفصائل الفلسطينية بداية الشهر المقبل في القاهرة، من شأنها أن تحدد مسار الانتخابات المقبلة، لا سيما وأنها تأتي في ظروف معقدة، وتحتاج لجهود كبيرة من الأطراف كافة على الساحة الفلسطينية.
ومن المؤكد أن نجاح هذا اللقاء والخروج بنتائج إيجابية يمكن أن يشكل دفعة كبيرة للسير في طريق الانتخابات كمقدمة لترتيب البيت الفلسطيني بعد ما يزيد عن 15 عاما من عدم تجديد الشرعيات.
وكان رئيس السلطة محمود عباس قد أصدر منتصف الشهر الجاري مرسوما بشأن إجراء الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل، بحيث تُجرى انتخابات تشريعية في 22 مايو/أيار من العام الجاري، تليها انتخابات رئاسية في 31 يوليو/تموز المقبل، ثم انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب القادم.
ويمكن القول إن أهمية اللقاء الذي من المقرر أن يعقد قريبا في القاهرة، لا تقل عن أهمية إنجاح الانتخابات، خاصة وأن هذا اللقاء سيحاول فكفكة العقد ويزيل الألغام تمهيدا لإنجاحها وكمقدمة للتوافق على باقي الخطوات المقبلة والتي تضمن نجاح العملية الديمقراطية.
ويعتبر الكاتب والقيادي في حركة حماس د. يوسف رزقة أن لقاء القاهرة ليس لقاء عاديا، ولا لقاء علاقات عامة، وهو في الوقت نفسه لا ينبغي أن يكون لقاء إملاءات، وإذا أرادته فتح وعباس كذلك، فلا حاجة لحماس والفصائل به.
ويؤكد رزقة في مقال له أن اللقاء يأتي لمناقشة القضايا الخلافية لا سيما ذات العلاقة المباشرة بالانتخابات، في ظل حجم القضايا الخلافية، ومدى تباعد رؤى الأطراف فيها، مستغربا لجوء محمود عباس إلى استباق الاجتماع بتصريحات تحمل تهديدا مباشر لحماس يقول فيها إنه ماض في إجراء الانتخابات بموافقة حماس وبدونها!
ويوضح أن اجتماع القاهرة سيناقش الإشراف الأمني على الانتخابات، ويجدر أن يناط هذا الإشراف في غزة بالأجهزة العاملة فيها، ولكن عباس لا يريد تقديم ما يفهم منه أنه اعتراف منه بالأجهزة الشرطية والأمنية بغزة، وحماس لا تقبل جسما بديلا للإشراف الأمني على الانتخابات. وهذه مشكلة معقدة لا تحلها تهديدات عباس الاستباقية.
ويبين أن من أهم قضايا لقاء القاهرة هو البحث في ضمانات سير الانتخابات بشكل نزيه، والاعتراف بالنتائج والاستعداد الجازم للتعامل الشفاف معها، لا سيما أن مؤشرات استطلاع الرأي تفيد بعدم جاهزية فتح للاعتراف بنتائجها إذا ما فازت بها حماس.
ويشير رزقة إلى أن اليوم التالي لظهور نتائج الانتخابات هو أهم بكثير من الانتخابات نفسها، فإما أن يذهب المجتمع الفلسطيني بعدها للتوافق الوطني والقبول بالنتائج، أو يذهب للتنازع ولمزيد من الانقسام، والمفترض أن يقارب اجتماع القاهرة هذه المشاكل من خلال حلول توافقية.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أن لحوار القاهرة أهمية كبيرة قبل العملية الانتخابية كونه سيبحث ملفات مهمة تتعلق بالمحكمة الدستورية ومحكمة الانتخابات وغيرها من القضايا الأخرى.
ويوضح الدجني في حديثه لـ"الرسالة" أنه لا يعقل ولا تقبل الفصائل الذهاب للانتخابات بينما سيف المحكمة الدستورية مصلت على رقابهم، إلى جانب تشكيل محكمة انتخابات تراعي البيئة وتوفر أجواء من الحرية.
ويشدد على أن من أبرز الملفات التي سيتم نقاشها هو ملف القائمة المشتركة والتي تتراجع فرص تحقيقها على ضوء التسريبات المحبطة حول النسبة التي تريدها فتح لتمثيلها في القائمة بينما ستعطى حماس نسبة أقل وهو ما يمثل اختلالا بالتوازن وإمكانية عرقة التوافق على هذا الأمر.
ويبين أن طرح القوائم المنفردة سيزيد من المنافسة فيما سيكون قرار الأسير مروان البرغوثي بالترشح للرئاسة والنزول بقائمة منفردة سببا لتراجع فرصة أبو مازن في الفوز الأمر الذي سيدفع الأخير لتعطيل الانتخابات.
ويتمنى الدجني أن تنجح الفصائل في تجاوز هذه الملفات، فيما ستؤجل ملفات الموظفين وغيرها من قضايا تتعلق بالمال إلى ما بعد الانتخابات، لأن أي ملف يتعلق بالمال من السهل حله في حال جرى التوافق.
ويشير إلى أن عدم التوافق أو نجاح الفصائل في اللقاء يعني أن عباس يذهب إلى انتخابات في الضفة فقط ما يمثل انتكاسة وانفصالا وانتحارا سياسيا.