قائد الطوفان قائد الطوفان

مصابو كورونا في السجون الاحتلال.. هكذا نجوا من الموت

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-رشا فرحات

أن يعم الأرجاء وباء خطير لا تفسير لطلاسمه، ولا دواء له، ولا أسباب واضحة لانتشاره، تلك مصيبة، ولكنك حينما تكون أسيرا خلف القضبان محروما من أبسط حق لك وهو العلاج، فستكون المصيبة أكبر.

ستنتظر الفايروس أن ينتشر كالنار في الهشيم، في ظل عدم اكتراث السجان لتطبيق فكرة العزل للأسرى المرضى، وستكتفي (إسرائيل) كعادتها بإغلاق الزنزانة على الوجع، لا يعنيها من أمر أولئك سوى أن تحكم القفل أكثر، وتتجلى وهي تنظر لكورونا وهي تنتشر بين الغرف في ظل عدم توفر أي مسكنات أو معقمات أو أي اجراء للسلامة.

وهكذا بدأ الأسرى ما وصفوها برحلة الموت، وبدأت رسائل أوجاعهم تتسرب من تحت عتبة الباب، فوصلت رسالة الأسير معمر شحرور قبل يومين بعد اصابته بالكورونا واصفا ما رآه برحلة الموت: "أقول من يمرض بالكورونا داخل السجن سيرى أن الموت أهون على الجسد والنفس من ذلك المرض، وأنت ترى السجان يحرمك أبسط حقوقك بالعلاج كإنسان".

وفي رسالته يتوق معمر شوقا ليد تخفف عنه وجع المرض، وظلمة الزنزانة وارتفاع حرارة الجسد، والوهن الذي أصاب الشاب الذي لم يتجاوز الثلاثين من العمر واصفا شبح الموت الذي كان يدور بينه وبين الوجع: "أنت تعاني لوحدك دون يد حانية تقرأ عليك آيات من القرآن تشفي بها صدرك، دون دواء يخفض درجة حرارتك الملتهبة، وأنت تسمع صديقك بجانبك يئن بصمت.. وتسمع صرخة يا الله تخرج من فم جارك في الغرفة المقابلة، فلا مجيب لنا إلا الله ولا ناصر لنا إلا الله ولا معين لنا إلا الله وحده".

ويتساءل معمر تساؤلا تنكس له الرؤوس، عمن يعلمون ما يدور هناك في الزنازين ويتجاهلون وكأن الأسرى لم يكونوا يوما ضمن الأرقام البشرية التي يحق لها تتلقى علاجا آدميا!

يضيف الأسير: "نسمع ذلك المسؤول يقول إن الكورونا قد أصابت كل الدنيا والأسرى جزء من الدنيا!!".

ويتابع:" نحن لسنا جزءاً من الدنيا، بل كل الدنيا، نحن من غُيبنا بين عتمات السجون لسنوات وسنوات ولم نشكُ إلا لله وحده، نحن من نُسينا كل هذه السنوات وما زلنا نقاتل ونقاوم ونكافح، لا نريد من أحد شيئا فدعونا نموت لوحدنا بوجعنا ولا تذكرونا ولا تذكروا بطولاتنا ولا تطلقوا علينا شهداء، فتجارتنا مع الله وحده".

رسالة أخرى وصلت بعد رسالة شحرور بيوم، كتبها الأسير المقدسي رائد أبو حمدية الأسير المصاب في منتصف الأربعين، حيث يشد الجسد كل قوته لمواجهة المرض، ولكنه يصف ما يراه هناك في رحلة الموت وما يعانيه أسرى شيوخ هد السجن مفاصلهم، لتأتي كورونا لتكمل فصول الألم: "فصلٌ وعزل في ظروف قاسية، شيخ على أبواب الستين يئن ولا حاضن له إلا الألم، وشباب بأجساد منهكة، هذا يسير كالشيخ الكبير، وذاك يلزم السرير، وآخر يسقط مرتطماً بعد فقده لوعيه، وبعد ساعة يأتي السجان يسأل عن حاله، وقد استعاد وعيه وسكنه الألم.

ويكمل أبو حمدية متألما بواقع مخجل نعيشه جميعا:" لا غذاء ولا دواء يساند، بل بردٌ يزيد الجسد معاناة".

يقول: "شكونا ألمنا لقائدٍ فأجاب بأن الوباء جزء من الحياة، والانتخابات ما يشغلنا الآن، وباءٌ أصاب الملايين، لا نتميز عنهم إلا بالإهمال واللامبالاة، وموقف مسؤول يزيد الألم ألماً"

تحدث الأسرى في رسائلهم عن أوجاعهم، عن خيباتهم وخوفهم مما يحدث خارج القضبان، عن مناشدات لقادة قدموا لهم وعودا تأخر تنفيذها، كما تحدثوا عن أخطر الحالات التي عانت من أمراض مركبة كان آخرها الكورونا الذي حول الأسير المقدسي أيمن سدر (54 عاماً)، قبل أيام إلى مستشفى "سوروكا" (الإسرائيلي)، جرّاء تراجع طرأ على وضعه الصحي بسبب إصابته بالفايروس.

الأسير سدر هو ثالث أسير يُنقل من سجن "ريمون" إلى المستشفى جرّاء إصابته بفيروس كورونا، كما أن معظم الأسرى الذين أُصيبوا في سجن "ريمون" أخيراً كانت حالتهم خطيرة للغاية.

وحتى الآن رصدت مؤسسات حقوق الأسرى نحو 300 أسير في سجون الاحتلال أصيبوا بفيروس كورونا منذ بداية انتشار الوباء، هذا يعني أن 300 أسير خرجوا في رحلة مع الموت.

البث المباشر