برخصة من الاحتلال، يمارس المستوطنون في الضفة الغربية الإرهاب فلا يكتفون بسرقة الأرض وطرد أصحابها، بل يسرقون أرواح العشرات من الشباب وآخرهم خالد نوفل الشاب الثلاثيني من قرية رأس كركر.
وقد لا يعرف الكثيرون منا رأس كركر، لكن أهلها يعيشون الظلم اليومي شأنهم شأن كل القرى والمدن في الضفة الغربية والتي أصبحت مستباحة الروح والأرض بحماية من جنود الاحتلال، وحماية ما أسمته السلطة بالتنسيق الأمني حينما قررت أن لا تسمي الخيانة باسمها الحقيقي.
خرج خالد من منزله ولم يعد، وترك وراءه يوسف ابن الأربع سنوات بعينين صغيرتين تحدقان إلى الباب، لعل ما تتناقله الأخبار كذبة، لكنها ليست كذلك، فوالده لم يعد لأنه قتل برصاص المستوطنين، وصودر جثمانه وحرم ابنه وعائلته من دفن يليق بكرماء الأرض.
خالد ابن الواحد والثلاثين عاما كان فلاحا أعزل، لا يحمل سوى فأسه ذاهبا إلى أرضه في جبل الريسان برأس كركر غرب رام الله حينما هجمت عليه قطعان سائبة من المستوطنين وأطلقوا الرصاص عليه.
ولم تنته حكاية المحتل هنا، بل وجب عليه أن يحبك القصة كما في كل مرة، فخالد كان ينوي القيام بعملية في بؤرة استيطانية مجاورة لأرضه كما يدعي المحتل في روايته.
لم يكن خالد نوفل مجرد فلاح، وإنما كانت أرضه هذه رسالة وحيدة باقية ينوي المحافظة عليها للأبد، على الرغم من تخرجه من قسم إدارة الأعمال في جامعة بيرزيت، وعمله في احدى الشركات وحلمه بأن يفتح مكتبه الخاص بالمحاسبة، لكنه لم ينس الأرض، وفي سبيلها سلبت منه روحه في لحظة، ثم سلب جثمانه وما زالت رمال بستانه رطبة بدمائه.
ولقد ازدادت جرائم المستوطنين مؤخرا، ومن المفترض بذلك أن يكون داعيا للقلق، ولكن وتيرة الحياة تسير في الضفة الغربية بكل غرابة وبدون أي استنكار من السلطة الفلسطينية، وتتم وفق عينها وفي الأراضي التابعة لها أيضا.
ويشتكي المواطنون في الضفة من الشوارع غير الآمنة التي باتت محفوفة بالكثير من المخاطر التي يتسبب بها المستوطنون تحت حماية جنود الاحتلال اللذين على ما يبدو قد أعطوهم الضوء الأخضر ليعبثوا بأرواح المواطنين الفلسطينيين كما أرادوا، حتى أنهم يتصيدون المركبات على الطرقات ويكسرونها ويلقون الحجارة على المارة، ويدهسون الأطفال المارين هناك والعائدين من مدارسهم .
وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس لوسائل إعلام فلسطينية، إن هناك اعتداءات يومية تقع بهذه الطريقة، وتصل إلى حد القتل بدم بارد في كثير من المرات، لكن الكثير منها لا يتم توثيقه أو الإبلاغ عنه.
ووفق تقارير لوسائل إعلام فلسطينية، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، سجلت شوارع الضفة اعتداءات قامت بها مجموعات من المستوطنين، طالت أكثر من عشر مركبات، ونتجت عنها إصابات بين الركاب.