قائد الطوفان قائد الطوفان

كيف تغيرت نظرة العالم لنقاب المسلمة بعد عام من أقنعة كورونا؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة نت- وكالات

كتبت امرأة مسلمة تعيش في ولاية بنسلفانيا الأميركية أواخر عام 2020 "كنت أرغب بارتداء النقاب لفترة طويلة لكنني أعيش في منطقة عنصرية للغاية، كنت خائفة ولا أحب أن يحدق بي الناس، لكن مع ارتداء الجميع أقنعة الوجه أدركت أن الوقت قد حان"، إذ بعد مرور عام على انتشار وباء كورونا أصبحت أقنعة الوجه الواقية تدل على أشياء مختلفة لمجموعات متنوعة من الناس.

وفي تقرير نشرته مجلة "سالون" (salon) الأميركية قالت الباحثة آنا بييلا إن ارتداء أقنعة الوجه بعد تفشي فيروس كورونا أدى لانتشار بعض الممارسات العنصرية في الولايات المتحدة، ومنها اعتقال العديد من الأميركيين السود بحجة أنهم يخفون وجوههم للقيام بأنشطة "مشبوهة"، لكن ارتداء النقاب بالنسبة للنساء المسلمات في الغرب أصبح أسهل منذ بداية الجائحة.

وتؤكد أن النقاب ارتبط في الوعي الجماعي للشعب الأميركي إلى حد كبير بغزو أفغانستان، حيث كانت وسائل الإعلام الغربية تروج حينها لمزاعم أميركا لتحرير المرأة الأفغانية مع نشر صور نساء يرتدين البرقع (نقاب الوجه).

ورغم صعوبة البحث في موضوع النقاب -تقول الكاتبة- فإنها أجرت 3 مشاريع بحثية اعتمدت على مقابلات مع نساء يرتدين النقاب، وتقول النساء المسلمات إن ارتداء النقاب أصبح أسهل في أوقات الجائحة.

3 دراسات مع نساء منقبات

شملت الدراسة الأولى 40 امرأة، ونشرت خلاصتها في كتاب "ارتداء النقاب.. النساء المسلمات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة".

وفي الدراسة الثانية قابلت الباحثة 11 امرأة في أبريل/نيسان 2020 بعد أن أصبح ارتداء أقنعة الوجه إلزاميا في العديد من الولايات الأميركية والدول الأخرى.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي قابلت الباحثة 16 امرأة لتقييم تجربتهن بعد مرور عام على انتشار الوباء.

وقالت العديد من النساء المنقبات إن التجول بوجه مغطى في الشارع أصبح أقل صعوبة، حيث ظهر المزيد من الناس في الأماكن العامة يرتدون أقنعة.

وارتدت بعض النساء قناعا تحت النقاب، مع مراعاة التوجيهات الصحية للأقمشة التي يجب أن تصنع منها الأقنعة لمنع انتشار الفيروس، واستخدمت أخريات نقابا سميكا يلتصق بالوجه بإحكام بدلا من القناع.

تمييز ضد المنقبات

وكانت الدراسات السابقة أظهرت أن النساء المسلمات يصبحن أكثر عرضة للتمييز السلبي في الأماكن العامة وخلال التوظيف عندما يرتدين ملابس تعبر عن التدين.

وقالت أكثر من 80% من النساء اللواتي قابلتهن الكاتبة إنهن تعرضن لشكل من أشكال الإساءة في الأماكن العامة، على غرار النظرات العدائية والتعليقات المهينة ومحاولة نزع نقابهن أو التعرض للعنف الجسدي.

وفي بعض الدول -مثل فرنسا وكيبيك- تم تشريع قوانين تحظر تغطية الوجه في الأماكن العامة، وفي 7 مارس/آذار المقبل سيصوت السويسريون على حظر ارتداء النقاب في استفتاء عام.

وخلال الوباء وجه الكثير من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان انتقادات إلى الحكومات التي اتخذت إجراءات تفرض ارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة، واتهموها بالتناقض والتمييز.

ففي فرنسا على سبيل المثال يدفع أي مواطن غرامة قدرها 165 دولارا إذا لم يكن يرتدي قناعا للوجه في الأماكن العامة، فيما تفرض على المرأة التي ترتدي النقاب غرامة تصل إلى 180 دولارا.

ومع ذلك، وجدت الكاتبة أن مستويات التحيز والتمييز ضد المنقبات انخفضت منذ بداية الجائحة، وقد فسرت النساء ذلك بالمتغيرات الاجتماعية، حيث صار الجميع يغطون وجوههم في الأماكن العامة، وقد استمتعت الكثيرات بإحساس "الاختفاء" من خلال ارتداء النقاب.

وقالت امرأة من إلينوي تحدثت معها الكاتبة عبر زوم "رغم قلة عددنا قيل إننا نشكل تهديدا للمجتمع لأننا نغطي وجوهنا، الآن اختفت تلك الحجة، أتمنى ألا تعود هذه الأحكام مرة أخرى بمجرد انتهاء الوباء".

قرار ارتداء النقاب خلال الجائحة

وتقول النساء المسلمات إن ارتداء النقاب أصبح أسهل في أوقات الجائحة، إذ بعد عام تقريبا عادت الكاتبة للحديث مع المجموعة ذاتها لمعرفة ما إذا كان هناك تغيير مقارنة بالفترة السابقة، وتحدثت مع 16 امرأة أكدن أن النقاب أصبح مقبولا أكثر بكثير بعد انتشار الأقنعة خلال الوباء.

وفي استطلاع رأي أجرته عبر الإنترنت بمساعدة مالك متجر لبيع الأزياء الإسلامية قالت 14 امرأة من أصل 51 إنهن قررن ارتداء النقاب أثناء الوباء.

وتقول إحداهن "أشعر أن هذه هي الفرصة المثالية لأي مسلمة لتبدأ بارتداء النقاب".

وأكدت أخرى "لقد كانت الظروف مهيأة لارتداء النقاب، لا أحد ينطق بكلمة".

وقالت ثالثة "كنت أرتدي النقاب أحيانا، لكن الآن منذ أزمة كوفيد-19 أصبحت أرتديه بشكل دائم".

نظرة خاطئة

وتؤكد الكاتبة أن هناك مفهوما خاطئا منتشرا في الغرب مفاده أن ارتداء النقاب ينم عن سلطة ذكورية قمعية.

وفي الواقع، أظهرت العديد من الدراسات أن بعض النساء يرتدين النقاب عكس رغبة عائلاتهن.

ويعتبر ارتداء النقاب حسب الكثير من الشهادات التي حصلت عليها الكاتبة ممارسة فردية تصل إليها المرأة بعد تفكير طويل، لكن بعضهن يؤكدن أن النقاب قد يكون مناسبا لهن ولا يناسب أخريات.

وفسرت امرأة من المملكة المتحدة سبب اختيار بعض النساء ارتداء النقاب ورفض أخريات ارتداءه بأن ذلك سببه اختلاف تقييم مفهوم الاحتشام وتعدد التفسيرات.

المصدر : الصحافة الأميركية

البث المباشر