علّق اقتصاديون على الانهيار التاريخي الذي أصاب العملة الوطنية اللبنانية بعدما وصل سعر صرف الدولار إلى 10 آلاف ليرة أمس الثلاثاء.
ورأى خبراء وصحافيون أن الانهيار كان متوقعاً طالما أن السلطة السياسية لم تتخذ الإجراءات اللازمة بعد، وفسر آخرون ما يحدث بأنه جزء من السياق العام في المنطقة، وانعكاس للصراعات الإقليمية.
وكتب الخبير في الأسواق المالية وليد أبو سليمان "العملة هي أقوى سلاح مدمر على الإطلاق".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي جاد شعبان "إن إستراتيجية (عدم فعل أي شيء) تأتي بثمارها: انهيار بسعر الصرف يُفقد الودائع من قيمتها ويُسهّل الحل للمصارف، تآكل للمعاشات يعزز من سطوة أصحاب رؤوس الأموال على الموظفين، وتفقير أكثر للناس لكي ينسوا مطالبهم".
ويستدرك شعبان "سياسة اللعب بالنار هذه ليست بلا عواقب".
توقعات أسوأ
على إثر الانهيار المالي، أعاد نشطاء نشر تغريدة للخبير الاقتصادي العالمي ستيف هانكي الذي توقع منذ يومين أن يصل سعر صرف الدولار إلى 15 ألف ليرة لبنانية.
واستذكر آخرون بعض المحطات في تاريخ لبنان عندما قفز فيها سعر الدولار بالنسبة لليرة اللبنانية، وما شكّل ذلك من انعكاس على الاستقرار في البلاد.
أزمة سيولة
واحتجاجاً على الانهيار غير المسبوق لليرة، قطع عشرات المحتجين الغاضبين مساء أمس الطرقات بالإطارات المشتعلة والحجارة في مناطق عدة، بينها بيروت وصيدا جنوباً وطرابلس شمالاً وفي بلدات في البقاع.
ومنذ صيف العام 2019 -وعلى وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان منذ عقود- بدأت الليرة تتراجع تدريجاً أمام الدولار تزامناً مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.
ولا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507 ليرات للدولار.
ويأتي الانخفاض القياسي في سعر الصرف الثلاثاء غداة إعلان مصرف لبنان بدء مراجعة أوضاع البنوك بعد انتهاء مهلة حددها لها من أجل زيادة رأسمالها، ضمن خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية.
وطلب المصرف المركزي في تعميم صيف 2020 من المصارف زيادة رأسمالها بنسبة 20% بحلول نهاية فبراير/شباط الماضي. كما طلب منها تكوين حساب خارجي حر من أي التزامات لدى بنوك المراسلة في الخارج لا يقل عن 3% من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية.
وفي حال عدم التزام المصارف بتلك المعايير، فتصبح أسهمها ملكاً لمصرف لبنان.
وذكرت صحف محلية الثلاثاء أن تسارع انهيار الليرة يعود إلى مجموعة عوامل على رأسها سحب المصارف لمبالغ كبيرة جداً من الدولارات من السوق.
وقال تنال الصباح عضو مجلس إدارة جمعية المصارف للجزيرة: أؤكد لك أن الالتزام سيكون شبه كامل وسببه الوحيد إعادة الثقة وتعويض بعض الخسائر وتحريك العجلة الاقتصادية.
أما مروان قطب أستاذ المالية العامة بالجامعة اللبنانية فقال للجزيرة: بعض المصارف التي لديها مصارف تابعة قامت ببيعها واستطاعت تأمين السيولة، وبعض المصارف اعتمدت على السوق الموازية لشراء العملة الأميركية مما أدى الى زيادة الطلب على الدولار.
وغرّدت الباحثة في مركز كارنيغي مها يحيى "في هذه الأثناء تنهار ليرة لبنان أكثر فيما الجمود السياسي مستمر ولا سياسات لوقف الانهيار! دعم الفقراء اللبنانيين المثقلين بالتضخم لا يكفي".
وينعكس الانخفاض في العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وقد ارتفعت أسعار السلع بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.
المصدر : الجزيرة + الفرنسية + وكالة سند