قال كاتب "إسرائيلي" إن قرار وزارة داخلية الاحتلال بتسهيل حصول المقدسيين على الجنسية الإسرائيلية، يحمل العديد من الافتراضات المختلفة، من بينها أن الكثير منهم سينتهزون الفرصة للحصول عليها، ومن ناحية أخرى قد يقوي المطالبة بالسيادة الإسرائيلية على المدينة، لأن هذا الإجراء يفتح الباب أمام إمكانية التجنس لسبعة آلاف شاب مقدسي كل عام.
وأضاف أفيف تتارسكي الباحث في منظمة "عير عميم"، المتخصصة في شؤون القدس، في مقاله على موقع منتدى التفكير الإقليمي، أن "مشكلة المقدسيين هي الاحتلال الإسرائيلي، وليس عدم حصولهم على الجنسية الإسرائيلية، لكن الزيادة في عدد المقدسيين من خلال حصولهم على تلك الجنسية سيضيف عقبة في وجه تقسيم المدينة، ويتم العمل على تخفيض مطالبات الفلسطينيين بإقامة عاصمة لهم فيها".
وأوضح أنه "منذ 1967، استندت سيطرة إسرائيل على القدس للمكانة المتدنية للفلسطينيين فيها، باعتبارهم سكانا وليسوا مواطنين، وفي العقد الماضي حاولت منع تجنيسهم، لكن الالتماسات المتكررة للمحكمة العليا أجبرتها على التعامل مع طلبات الجنسية، ومنذ ثلاث سنوات، خفضت حكومة نتنياهو ثلث عدد سكان المقدسيين عبر تقليص حدودها البلدية، وخنق التخطيط في الأحياء الفلسطينية، وزيادة معدل هدم منازلهم".
وأشار إلى أنه "رغم كل هذه السياسات الإسرائيلية في القدس، فقد زاد تمسّك المقدسيين بمدينتهم، واستمرارهم في العيش فيها، رغم هدم المنازل، وعنف الشرطة، والجدار العازل، وإجراءات أخرى لطردهم منها، والحديث يدور عن مئات الآلاف من المقدسيين، الضعفاء والمضطهدين، لكن لديهم العزم الكافي الذي يمكنهم أحيانًا من إجبار السلطات الإسرائيلية على منحهم حقوقهم".
وأكد أن "هذا ليس سوى جزء من الصورة، لأن في شرقي القدس هناك من ينكر شرعية الحكومة الإسرائيلية، ويعارضون جنسيتها، رغم أن اليمين الإسرائيلي يرى المواطنة المقدسية للفلسطينيين دليلا على "وحدة القدس"، دون منحهم الحقوق المتساوية التي تمنحها للسكان اليهود، رغم أن مواطنيها الفلسطينيين يحاربون تجريدهم من ممتلكاتهم، ويرفضون قمعهم".
وأوضح أن "وعود منح التجنيس للمقدسيين، التي لم تلح في الأفق على الإطلاق، لن تضمن تغيير السياسة اليمينية الإسرائيلية القائمة على عدم المساواة الحقيقية في القدس، وبالتالي فإن هذا التجنيس الحالي لا يهدد الاحتلال الإسرائيلي، وربما لهذا يشعر اليمين بالراحة تجاهه، أما أنصار حل الدولتين بين اليهود الإسرائيليين فيجدون أنفسهم منقسمين بين هدفهم السياسي، والطريقة التي يختار المقدسيون الدفاع عن أنفسهم بها".
وأشار إلى أن "التجنيس بطريقته الحالية يخدم منطق السيادة الإسرائيلية في جميع أنحاء القدس المحتلة، ويتعارض مع فكرة الفصل الديمغرافي الذي يميز اليسار الصهيوني، وقد يؤدي هذا التوتر للترهيب من فقدان الأغلبية اليهودية في المدينة، وهو موقف لا ينطوي على عنصرية صارخة فحسب، بل على قمع تعسفي للفلسطينيين، وهذا التخويف من بين أمور أخرى، نتاج الإحباط في معسكر يسار الوسط، وعجزه".
وأكد أن "إسرائيل اختارت سياسة الاحتلال والفصل العنصري تجاه المقدسيين، بعد فشل حل الدولتين، وبات أنصاره أسرى التبريرات اليهودية على حساب الحقوق الأساسية للمقدسيين، وعندما قرروا أنهم سئموا انتظار مجيء الدولة الفلسطينية، ويرغبون بتحقيق ما بوسعهم على المستوى الشخصي بالجنسية الإسرائيلية، فإن كثيرين في معسكر السلام الإسرائيلي لا يمكنهم فعل شيء سوى التفرج ومشاهدة الإحباط يحدث للفلسطينيين".
وختم بالقول إنه "من حق المقدسيين أن يعيشوا حياة سلمية، وموقفا محترما من جانب السلطات الإسرائيلية، والحرية باختيار سبل تحقيق أهدافهم، رغم أنهم يواجهون حياتهم في ظل اضطهاد مستمر".
عربي 21