غزة - ديانا طبيل
على الرغم من الاستعدادات الحافلة لدي الغزيين لاستقبال عيد الأضحى الا أن الغالبية العظمى منهم يعيشون مشاعر مختلفة ومختلطة خاصة و أن العيد – رغم فرحتهم - يجدد آلام بعضهم الذين فارقوا أحباءهم إما بالاستشهاد أو الأسر، بينما يجدد العيد آلام الجرحى ويذكرهم بتلك الأعياد التي عاشوها أصحاء، في حين يجد آخرون من العيد مناسبة تتجدد فيها الأحزان بفقدانهم بيوتهم ومزارعهم ومصانعهم فأضحوا فقراء يعوزهم العيد ومتطلباته العديدة.
عيد الذكريات
المواطن زياد ديب "24 عاما " فقد أباه وثلاثة من أخوته خلال الحرب الأخيرة يقول " للرسالة نت": غداً يأتي العيد ونجلس جميعا لنستذكر تلك الأيام التي عشناها سويا، فيوم العيد يوم عزاء؛ لأنه شبيه بيوم مواراة أجسادهم الثرى، وسيخيم على منزلنا الحزن والبكاء ومن ثم سنذهب لزيارة قبورهم".
ويضيف "أنا وأمثالي من أبناء الشهداء، لا نتمنى أن يأتي العيد، لأنه عيد حزن وبكاء على فراق الأب والأخوة الذين حرمنا بموتهم معاني الفرح بقدوم العيد، وسنمضي في كل لحظة من أيام العيد في الذكريات المؤلمة.
أما العيد بالنسبة لعائلة بعلوشة التي فقدت خمسة من زهراتها دينا وجواهر وسمر وإكرام وتحرير، فرصة كبيرة للعيش في ذكريات جميلة، عادة ما تنتهي بحزن يخيم على أفراد وأرجاء المنزل والمحيطين بالعائلة.
فرصة للحزن
يسترجع أنور بعلوشة والد الشهيدات ذكرياته الجميلة مع بناته فيقول "يمر على في هذه الأيام شريط من الذكريات الجميلة التي عشتها مع بناتي الخمسة, وعندما أفيق من هذه الذكريات تحل علي دموع الحسرة والحزن لفراقهن فهن أعز ما أملك في الحياة ورحيلهن صعب وقاسي".
ويضيف "للرسالة نت": أتذكر بناتي عندما كن يقسن ملابس العيد ويتشاجرن فيما بينهم أيهما أجمل، ويطالبنني بالفصل بينهن ، لقد كن زهورا في حديقة غناء لكنهن اليوم طيور في الجنة لا املك من سعادتهن إلا ذكريات أليمة وشعور بالعجز كلما أتذكر حادثة استشهادهن معاً.
في حين تجد والدة الشهيدات وشقيقتهن إيمان يوم العيد فرصة كبيرة للبكاء وتأمل صورهن دون انشغال في تفاصيل الحياة، مسترجعات في ذاكرتهن ضحكاتهن وترتيب المنزل، فيما لا تنسى طلتهم صباح يوم العيد بثغر باسم لم تعودا تعيشاه اليوم .
أما المواطن كمال عواجة، فيوم العيد بالنسبة له فاجعة من الذكريات إذا يشاهد الأطفال وهم يلعبون فيتذكر طفله إبراهيم الذي اعدم أمام عيناه في منطقة العطاطرة شمال بيت لاهيا في مطلع 2009، وعندما يزور أقرباءه وأرحامه فانه يذكر بلا شك بيته الذي دفن تحت الرمال، والخيمة التي تأويه اليوم وعائلته حيث لا مكان فيها لاستقبال بهجة العيد سوى ارض منثورة بالرمال، ومناطق خالية من معالم الحياة ، فلا أرجوحة لأطفاله ولا مكان للتنزه سوى خيمات ملتصقة وحدود لمخيم طالت سكناه دون أمل في إعادة الأعمار.
بينما تقول زوجته التي تبدو أنها أكثر أملا في الحياة: "أشعر أن هذا اليوم غريب، لا كأنه عيد..لم تدخل الفرحة إلى قلبي وقلوب أفراد أسرتي، فاليوم يتجدد الحزن وتتفتح الأوجاع التي نحاول أن ننساها منذ الحرب، مضيفة اعلم أن طفلي الشهيد إبراهيم في جنة الخلد، لكن اطفالى بحاجة إلى حياة كريمة طال انتظارها.
لا طعم ولا لون
بنفس الحزن والحسرة تعيش عائلة أم محمد العطار شمالي بيت لاهيا والتي فقدت منزلها ومزارعها بالكامل فأضحوا فقراء يعوزهم العيد بمتطلباته وحاجياته وملابس الصغار، فتقول لـ"الرسالة " لقد اعتادت عائلتي الاحتفال بالعيد في أجواء من البهجة والسرور إذا كان ذبح الأضحية من أهم التفاصيل التي كنا نحرص عليها إضافة إلى شراء الملابس والحلويات والتنزه وزيارة الأهل والأصدقاء.
وتضيف: أما اليوم فالأوضاع مختلفة إذ نعيش على المعونة الاجتماعية بعد أن فقدنا مصدر الرزق الوحيد لنا فلا نقوى على شراء الملابس ولا الأضحية ولا التنزه ، لقد بات العيد موجعا لصغاري، أما اليوم فالعيد مجرد أيام تمر لا طعم فيها ولا لون.
بينما تعيش عائلات الأسرى في سجون الاحتلال أوجاعا مختلفة حيث تحلم الغالبية العظمى منهم مع اقتراب كل عيد إلى خروج أسيرهم وقضاء العيد معه لكنهم في كل مرة يعودون خائبي الآمال ويقضون أيامه بمزيد من الحسرة والمرارة, فوالدة الأسير إبراهيم بارود الحاجة غالية " أم إبراهيم" 76 "عاماً، تقول: لقد مرت 24 عاما وأنا انتظر اللحظة التي أرى فيها فلذة كبدي امامى كنت آمل أن أقضى عيد الأضحى بصحبته بعد الأخبار التي وردت عن نضوج صفقة شاليط لكن امالى باءت بالفشل.
وتضيف " للرسالة نت": لا عيد ولا بهجة ولا فرحة في قلوب اهالى الأسرى والشهداء، لقد مر منذ اعتقال إبراهيم أكثر من خمسين عيد، لكنني لم اشعر بفرحة عيد واحد، متمنية أن يأتي العيد القادم وقد تحرر فلذة كبدها وجميع الأسرى الفلسطينيين والعرب .
نفس الامانى وذات المشاعر تستقبل فيها كافة عائلات الأسرى أيام العيد, لا جديد في حياتهم سوى انتظار حبيب قد طالت غربه في سجون المحتل فالعيد يختلط فيه الفرح ولهيب الشوق لمحبيهم ولأمهاتهم وآبائهم وزوجاتهم وأبنائهم وأحفادهم وعائلتهم.