بدأت الدعاية الانتخابية مبكراً، بهجوم فتحاوي إعلامي على منافسيها السياسيين، بعد لجوئها إلى تقديم كم كبير من الطعونات ضد المرشحين من قوائم مختلفة.
لكن المثير أكثر كان لجوؤها لاستخدام معاناة الأسرى المحررين في سجون الاحتلال كمادة للدعاية الانتخابية التي وصفها بعض المراقبين بالـ(القذرة)، كونها لا تراعي أي محرمات، أو ضوابط أخلاقية.
فتح تحاول افتعال أزمات مع الخصوم هروباً من احتدام الجدل في صفوفها
ويعزو المراقبون سلوك حركة فتح إلى محاولتها تغيير مسار الجدل الداخلي في صفوفها لاسيما بعد حالة التشظي التي تواجهها، وانشقاق عضو اللجنة المركزية ناصر القدوة الذي تحالف مع الأسير مروان البرغوثي، وتقدما للانتخابات بقائمة منفصلة عن الحركة، ناهيك عن تسجيل قائمة "التيار الإصلاحي" التي يتزعمها محمد دحلان.
ومع خطورة الحالتين السابقتين إلا أن قيادة فتح تستشعر خطراً أكبر جراء حالة السخط التي تنتاب كوادرها الوسطى وقواعدها بعد ما تفاجأوا بالإشكاليات في مرشحي القائمة التي تم التقدم بها للانتخابات.
وتشير مصادر خاصة إلى أن قيادة الحركة المسؤولة عن ملف الانتخابات لم تعتمد آليات موحدة لاختيار مرشحيها في الضفة وقطاع غزة، بل وخالفت المعايير التي أقرتها مسبقاً بعدم ترشيح أعضاء الأطر الحركية الأساسية (المركزية، الثوري، وغيرهم) وخالفوا ذلك بترشيح أعضاء في المركزية والثوري مثل جبريل الرجوب ومحمود العالول ودلال سلامة.
مصادر: مجدلاني عبر عن استيائه من موقف فتح باعتباره خديعة وطعنة في الظهر
وفي المقابل حاولت قيادات في (المركزية) ممن لم يتم ترشيحهم ضمن القائمة التمايز وإظهار عدم رغبتهم بالترشح مثل حسين الشيخ وتوفيق الطيراوي.
ولم يقتصر الغضب على أعضائها بل امتد ليشمل قيادات الفصائل الصغيرة التي تدور في فلكها: (جبهة النضال، جبهة التحرير العربية، جبهة التحرير الفلسطينية، الجبهة العربية الفلسطينية) التي وعدتهم بضمهم إلى قائمتها ولم تفعل، فتسببت في خروجهم من السباق الانتخابي، وقد كشفت مصادر خاصة أن أمين عام جبهة النضال الشعبي أحمد مجدلاني عبر في مذكرة داخلية عن استياء من موقف فتح باعتباره خديعة وطعنة في الظهر.
تداعيات تشكيل القائمة
الغضب الفتحاوي الذي تفجر بعد الإعلان عن القائمة لم تستطع مفوضية التعبئة والتنظيم احتواءه وأصدرت المناطق والمواقع التنظيمية بيانات ترفض تشكيلة القائمة بدعوى عدم تمثيل مناطقهم، ورافق ذلك إطلاق نار في الهواء في بعض المناطق في الضفة الغربية، كما أعلن بعض الأعضاء انسحابهم من القائمة الانتخابية قبل وبعد تسجيلها ومن بينهم أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر الدكتور رياض الأسطل مرشح الحركة من خان يونس الذي أعلن في بيانٍ انسحابه بدعوى أن عملية الاختيار غير مسؤولة وتجاهلت حجم الناخبين في المحافظة التي ينتمي إليها، كما انسحب عدنان ملحم من طولكرم بدعوى أن مرتبته المتأخرة في القائمة لا تتناسب مع تاريخه النضالي، وكذلك فعل كل من محمد صلاح أبو حميدة، ورشيد قانوع.
القائمة عكست صراع الأقطاب داخل (المركزية) وثقل متزايد للرجوب
وظهرت خلافات داخل مناطق جغرافية عكست الخلاف حول مرشحيها المفترضين في القائمة، وتعرض منزل المرشح على قائمة الحركة زياد الحموز من مخيم الفوار بالخليل لإطلاق نار مباشر بعد قبوله بالترتيب (129)، مما يبدو أن أوساطا تنظيمية اعتبرته لا يمثل مكانة ورمزية المخيم.
ومن الملاحظات التي تم تسجيلها من بعض المراقبين على القائمة الفتحاوية أنها عكست صراع الأقطاب داخل (المركزية) بشكل قد يؤثر على تصويت بعض كوادرها، حيث تشير بعض المصادر إلى بروز الثقل المتزايد لجبريل الرجوب في شكل وتركيبة القائمة في الضفة وغزة، من خلال ترشيح شخصيات مناوئة لتيار(فرج-حسين الشيخ) أو تعمل في مؤسسات تتبع الرجوب بشكل مباشر وغير مباشر مثل المجلس الأعلى للشباب والرياضة وجهاز الأمن الوقائي حيث تم ترشيح خليل رزق رئيس غرفة تجارة رام الله السابق المعروف بخلافه مع حسين الشيخ وماجد فرج على خلفية تصاريح الـ VIP.
لماذا لم تتضمن قائمة فتح أياً من أسراها في سجون الاحتلال؟
ومن الانتقادات التي تم توجيهها من قواعد الحركة أنها لم تتضمن أي أسير في سجون الاحتلال بخلاف ما تم الترويج له سابقا من ترشيح الأسيرين كريم يونس، وياسر أبو بكر وغيرهما، وهو ما عزاه البعض إلى الخشية من أن يكون ولاء بعض الأسرى لمروان البرغوثي لا سيما بعد تحالفه مع ناصر القدوة.