لم يكد ينتهي المقدسيون من هتافاتهم الداعية للمقاومة في غزة إلى نصرتهم فب مواجهة اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، لتصرخ صافرات الإنذار في كل مستوطنات غلاف غزة ليلة بأكملها، بعد تلبية المقاومة نداء القدس.
"تحية للكتائب عز الدين، حط السيف قبال السيف.. احنا رجال محمد ضيف" "ولغزة تحية من القدس الأبية" "يا قسامي يا حبيب اضرب اضرب تل أبيب" .. كانت أبرز الشعارات التي ترددت في ليالي المواجهة بين المقدسيين والاحتلال ومستوطنيه.
وبخلاف الرهانات التي استثنت المقاومة من الوقوف إلى جوار أهل القدس في هبتهم بوجه الاحتلال، كانت المقاومة حاضرة في الوقت والمكان المناسبين، وأقرب للقدس من الجميع.
وعلّ أول المستجيبين للنداء كان البيان العسكري لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بقولها: ": لقد بلغتنا أصداء صيحاتكم ومواجهاتكم البطولية، ولتعلموا أن من خلفكم مقاومة صلبة ومتأهبة، ستشكل لكم ولأقصانا وعاصمتنا سيفا ودرعا فمعركتكم معركتنا ودمكم دمنا".
وتابعت الكتائب: "إن الشرارة التي تشعلونها اليوم ستكون فتيل الانفجار في وجه العدو المجرم، وحينها ستجدون كتائبكم ومقاومتكم حيث ينبغي أن تكون في قلب معركتكم تلقن العدو الدروس القاسية وغير المسبوقة بعون الله".
وأرسلت كتائب القسام رسالتها للاحتلال حذرته فيها من التمادي في عدوانه: "نقول للعدو الذي يظن أنه يمكن أن يستفرد بأقصانا وأهلنا في القدس بأن لا يختبر صبرنا، فقدسنا دونها الدماء والأرواح وفي سبيلها نقلب الطاولة على رؤوس الجميع ونبعثر كل الأوراق".
وتبعت الغرفة المشتركة كتائب القسام في موقفها لدعم واسناد المقدسيين في مواجهة العدوان (الإسرائيلي)، لتحذر الاحتلال من مغبة الاعتداء على الأقصى والمقدسيين، وأنها ستكون بالمرصاد لكل محاولات المساس بالمقدسات.
ولم يقف تلبية النداء عن حدود الكلام، إذ أنه بعد ساعات قليلة من صدور البيانات، كانت الصواريخ تنطلق من كل مناطق قطاع غزة اتجاه المستوطنات، حتى بلغت 36 صاروخا في ليلة واحدة، وهو رقم قياسي لم يتم إطلاقه من عام 2019، ما أصاب الاحتلال بالارتباك، ودفعه إلى الرد المحدود خوفا من تدحرج كرة النار إلى ما بعد مستوطنات غلاف غزة.
وللاحتلال تجربة في تلبية المقاومة لنداء القدس، كما حصل في عام 2014، حينما أحرق المستوطنون الإرهابيون الفتى محمد أبو خضير، حيث ردت المقاومة بالصواريخ، إلى أن وصلت إلى حرب مفتوحة استمرت 51 يومًا، تلقت فيها إسرائيل آلاف الصواريخ، وخسرت عشرات القتلى والجرحى.
وفي التعقيب على ذلك، يقول المختص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد رفيق عوض إن التكامل في المشهد الذي حصل خلال اليومين الماضيين، في القدس والضفة وغزة، استدعي اهتماما إسرائيليًا بالغا، لا سيما على المستوى الأمني، من إمكانية توسع المواجهات مع الشبان، أو المقاومة في حال لم يتدارك الموقف في القدس.
وأضاف عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الاحتلال الإسرائيلي يتجنب الدخول في أي مواجهة مع غزة، ويشتري الهدوء بكل ما استطاعت من جهود دبلوماسية، ويقدم التنازلات لصالح المقاومة، في حين أن الأخيرة لم تتأخر في الوقوف إلى جانب المقدسيين، ما يقلق الإسرائيليين من إمكانية تمدد المواجهات والدخول في مواجهة عسكرية لا يرغبونها في الوقت الحالي.
وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية كان ردها غير متوقع من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بالارتكان إلى الظروف السياسية لدى الفلسطينيين، خصوصا في ضوء التحضيرات للانتخابات التشريعية، وفي ظل ظروف تفشي جائحة كورونا في الضفة وغزة، إلا أن المقاومة حينما قالت ستقلب الطاولة وتبعثر كل الأوراق، كانت صادقة في حديثها وتقييمها للموقف