ساعات تفصلنا عن الاجتماع المزمع عقده في رام الله بمشاركة فصائل مع رئيس السلطة محمود عباس والذي من المتوقع أن يعلن خلاله عن قرار تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني.
وتتذرع السلطة بحجة رفض إسرائيل السماح بإجرائها في مدينة القدس المحتلة، وهو ما فنده الاحتلال حينما قال أنه أبلغ دولا أوروبية بعدم ممانعته الانتخابات الفلسطينية ولن يتدخل فيها وأن القرار بيد رئيس السلطة محمود عباس.
قرار التأجيل إن اتخذ يمكن اعتباره الأخطر خلال المرحلة الراهنة كونه يشكل ضربة للديمقراطية وإرادة الشعب الفلسطيني، والذي كان ينظر للانتخابات كمخرج للوضع الراهن.
وسيكون للقرار تبعات شعبية وفصائلية لكن يبقى الموقف الأهم هو لحركة حماس القطب الأكبر والمنافس لحركة فتح في الساحة الفلسطينية.
وتعتمد حركة حماس في السنوات الأخيرة على سياسة التوافق قدر الإمكان على المساحات المشتركة مع كل الفصائل بما فيها حركة فتح، وقدمت الكثير من التنازلات في سبيل تمرير العملية الانتخابية، لذا فإن قرار التأجيل سيجبر حماس على التعامل معه وفق المعطيات الجديدة.
ويمكن طرح ثلاثة سيناريوهات لتعامل حركة حماس فيما بعد التأجيل:
السيناريو الأول: التوافق مع حركة فتح على تأجيل الانتخابات وحضور الاجتماع في رام الله، وذلك ما ترغب به حركة فتح وأرسلت العديد من الرسائل لحماس في محاولة لإيجاد صيغة تظهر قرار التأجيل أنه متوافق عليه، ما يساهم في تخفيف حدة الغضب الشعبي على القرار.
وفي هذا السياق يمكن أن تستثمر حماس هذا السيناريو لمحاولة تخفيف أعباء الحكم في غزة بحيث تتوافق مع حركة فتح على حكومة توافق تكون مهمتها تخفيف أثار الانقسام.
لكن الواقع والتجربة تقول إن مستوى الثقة بين الحركتين ما زال ضعيفا وخاصة حينما يتعلق الأمر بقرارات أبو مازن الذي يتصرف بعنجهية وتفردية، كما أن هذا السيناريو سيجعل حماس تتحمل تبعات قرار التأجيل إلى جانب فتح، لذا فإنه يبقى سيناريو مستبعد تماما.
السيناريو الثاني: رفض التأجيل والتصعيد مع فتح، ووفق هذا السيناريو ترفض حماس التأجيل وتصعد ضد حركة فتح، وتعمد إلى العمل على حشد رأي عام شعبي وفصائلي ضد القرار، ما يعني العودة لمربع المناكفات السياسية والتراشق الإعلامي.
ورغم أن حماس ضد قرار التأجيل لكن التصعيد ضد فتح سيزيد من تأجيج الساحة الفلسطينية، ومن المتوقع أن ترد السلطة بتشديد الخناق على غزة والعودة للعقوبات، لذا من المستبعد أيضاً أن تلجأ حماس لهذا السيناريو.
السيناريو الثالث: رفض التأجيل دون التصعيد ضد فتح ومحاولة إيجاد صيغ مشتركة لخطوات ما بعد التأجيل، بحيث ترفض حماس قرار تأجيل الانتخابات وتصر على اجرائها في موعدها، لكنها ستحافظ على صيغة التوافق التي حققتها خلال الحوارات واللقاءات السابقة ولا ترغب في العودة لمربع التصادم والتراشق الإعلامي، وهو السيناريو المرجح.
وفي ذات السياق قد تلجأ السلطة وفتح لتعديل وزاري أو اتخاذ بعض الإجراءات التوافقية أو تخفيف العقوبات على غزة.
الناطق باسم قائمة "القدس موعدنا" الانتخابية في الضفة الغربية، التابعة لحركة "حماس"، علاء حميدان أكد أن قائمته ترفض "تأجيل الانتخابات"، قائلاً: "نحن مع عقد الانتخابات في كل الأراضي الفلسطينية، بما فيها مدينة القدس المحتلة".
وتابع ": "لا يجوز أن تكون القدس ذريعة للتأجيل، ولا يجوز أن نرتهن للموافقة الإسرائيلية بشأن القدس"، مضيفاً: "نستطيع أن نفرض حقنا في الانتخابات، فلتكن معركة وطنية لإثبات الحق الوطني في القدس، وقد تدور الأمور لإعادة تفعيل قضية القدس، وأن تكون القدس شرارة لتوحد الجميع الفلسطيني".
وأكمل: "نرفض فكرة التأجيل، والسؤال ماذا بعد التأجيل؟ من يضمن الساحة الفلسطينية، ومن يتحمّل إحباط الشباب التواق للتغيير والانتخابات؟".