على وقع اعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تأجيل إجراء الانتخابات التشريعية؛ بذريعة رفض الاحتلال الإسرائيلي اجرائها في مدينة القدس المحتلة، فإن القرار يفتح السؤال أمام مدى قانونية إعلان رئيس السلطة تأجيل الانتخابات وهل يحق له ذلك.
وبات واضحا أن عباس من وراء ذهابه إلى هذا التأجيل يحاول الهروب من إتمام العملية الديمقراطية خشية خسارة حركته نتيجة حالة الانقسام والتصدع التي تعانيه، وفي ظل التحذيرات الدولية والإقليمية له من إمكانية فوز حركة حماس.
ويجمع مختصون وخبراء في القانون الفلسطيني على أنه ليس من صلاحية رئيس السلطة اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية، وهو مخول فقط بإصدار مرسوم إجرائها، وما دون ذلك هو تعد وانتهاك صارخ للقانون والدستور.
هروب
ويرى الكاتب والمختص القانوني د. صلاح عبد العاطي أنه لا يوجد في القانون الأساسي الفلسطيني أو في قانون الانتخابات ما يشير إلى تأجيل أو تعليق أو وتعطيل العملية الانتخابية وحتى في الظروف القاهرة لم يتم التطرق لذلك.
ويؤكد عبد العاطي في حديثه لـ"الرسالة" أنه يقتصر لرئيس السلطة اصدار مرسوم الانتخابات، وما بعد ذلك من الإجراءات الفنية هي تخصص لجنة الانتخابات التي تصبح المسؤولة بالكامل عن إدارة العملية الانتخابية.
ويشدد على أن الإعلان عن التأجيل لا علاقة له بالتأجيل وإنما لدواعي أخرى واضحة، وهي أن السلطة تهرب من العملية الانتخابية كون النتائج لن تكون في صالحها، وليس كما تدعي بسبب القدس.
ويتسأل عبد العاطي بالقول " إلى متى سُتعلّق الإرادة الفلسطينية بفيتو الاحتلال وهل حال استمر الاحتلال رفض اجراء الانتخابات في مدينة القدس لـ 20 عاما هل نعلق اجرائها وتعطيل الحياة الديمقراطية أيضا".
خلافا للقانون
من جهته قال الخبير القانوني المستشار د نافذ المدهون أن تأجيل الانتخابات مخالفة دستورية وقانونية وانتهاك لمبادئ الديمقراطية وتغول غير مبرر من قبل محمود عباس علي سلطات الدولة الثلاث.
ورأى أن قرار التأجيل جريمة ضد الاجماع الوطني تستوجب وضع رؤية وطنية لمستقبل النظام السياسي الفلسطيني في ظل استمرار تفرد عباس بالقرار الفلسطيني.
ويتفق المختص والمستشار القانوني لمؤسسة الحق أشرف أبو لحية مع سابقيه، مشددا على أنه لا يوجد نص في القانون الأساسي أو في قانون الانتخابات ما يتعلق بتأجيل الانتخابات، وبالتالي القانون لا يتيح مسألة تأجيل وإلغاء الانتخابات.
ويوضح أبو لحية في حديث صحفي أن النظام السياسي الفلسطيني فقد الكثير من بينته الدستورية والقانونية، وكل ما يحدث اليوم خلافًا للقانون الأساسي وللقرار بقانون بشأن الانتخابات .
ويبين أن المسألة تعدت وتجاوزت كل المسائل القانونية والدستورية، وبالتالي النظام السياسي الفلسطيني هش.
ويلفت أبو لحية إلى أن قرار التأجيل يعني أن النظام السياسي يعيش على أنقاض المرحلة السابقة فيما يتعلق بالعملية الانتخابية، لأن القانون الأساسي لم يعالج هذه المسائل فيما يتعلق بانتهاء المدد القانونية المتعلقة بالبرلمان أو الرئاسة إلا في حالات الشغور "ولكن للأسف ما استمر عليه النظام السياسي الفلسطيني ما بعد الانقسام، وما بعد حل المجلس التشريعي هو خارج النطاق القانوني في فلسطين".