منذ الاعلان عن موعد الانتخابات انقسمنا ل(مصدق ومستبعد)، فالمصدقون بنوا رؤيتهم بوجود ضغط دولي على عباس لتجديد شرعيته، والمستبعدون والذين انتمي لهم نظروا للانتخابات على انها ملهاة عام 2021، وستتعرض لاهتزازاتٍ مُصطنعة وسيكون التأجيل(المصطلح المهذب للإلغاء)حاضراً ووارداً، ، استناداً ل : مخطئ من ظن يوماً أن للثعلب دينا ".
ولم يتأخر توقعنا فظهرت أولى الاهتزازات في تلويح وترويج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لفكرة التأجيل خوفاً من نتائج غير مضمونة للانتخابات نتيجة انكشاف عورته خاصة بعد ترشح أكثر من قائمة لحركة فتح، وإنه لم يبق لديه من القمح ما يستثير فضول الجماهير، لكنه غلّف خوفه بغلافٍ جميلٍ، فأخذ يبحت عن مخرج، فوجده ضالته في شعار " لا انتخابات بدون القدس".
" لا انتخابات بدون القدس" شعارٌ جميلٌ وفي قمة الروعة، وجماله ينبع من التصميم على النظر للقدس باعتبارها عاصمة فلسطين، لكنه رغم جماله لا يخلو من غموض، فما المقصود بالقدس؟ هل الجغرافية؟ أم السكان؟
الإجابة كالآتي: القدسُ كجغرافيا ووفق الرؤية الصهيونية والأمريكية بكل أبعادها، والرؤية العربية الخجول بعضها والجريء بعضها الآخر، وبفضل المختار السابق(ترامب)صارت(عاصمة للكيان) والسماح بإجراء الانتخابات فيها يعني تفريط اسرائيلي بأحقيتها في القدس، ولسان حال المواطن الصهيوني يقول لنتنياهو " كأنك يا أبو زيد ما غزيت"، وكل شغلك " أونطة ".
بينما القدس كسكان فدولة الاحتلال تسعى باستمرار لتفريغ القدس منهم، ولا يغضبها إن صوتوا في الانتخابات الفلسطينية خارج حدود القدس بأي طريقة.
ونحن كفلسطينيين لا نملك مقومات الضغط على أي (قطة اسرائيلية) كي نجري انتخابات في القدس، فما بالكم الضغط على حكومة فاشية؟، نحن مثل طرف ضعيف يرغب بإقامة فرح ابنه في بيته الذي يسيطر عليه طرفٌ قويٌ، هو فعلاً صاحب الحق، لكنه بلا قوة، يعني" ع الفاضي"، "واحنا هيك".
كما أن فكرة أن الاحتلال لن يسمح بإجراء الانتخابات في القدس كانت حاضرة وبقوة، ومن المعيب ألا تكون حاضرة سلفاً في أجندة الساسة الفلسطينيين، لكن مشينا على أمل، رغم أن أمل ( مسكينة وغلبانة وملهاش) سوق في عالم السياسة.
وبالعودة لعنوان المقال " ماذا يعني تأجيل الانتخابات الفلسطينية ؟.
١_ تأكيد ضعف التأثير السياسي الفلسطيني خارجياً.
٢_ تأكيد فشل نهج عباس الذي طالما قدّس التعاون بكافة مجالاته مع الاحتلال.
٣_ابقاء أعصاب الجماهير مشدودة تجاه مستقبل معدوم الملامح.
٤_ زرع بذور قد تعمق وتنتج أوجه جديد للانقسام من خلال خلق عباس لصعوبات جديدة خاصة ضد غزة.
٥_ ابقاء قضايا جوهرية في( مكانك سر) شهداء الاعتداءات الصهيونية ، تفريغات ٢٠٠٥، الموظفين، الحرية السياسية، اجراءات السلطة الظالمة ضد غزة، والقائمة تطول.
٦_خلق انقسام في آراء الفصائل السياسية وربما يُضيّع هذا الانقسام الجهود الكبيرة التي بلورتها الفصائل في غزة خلال سنوات خلت.
٧_ابقاء النظام السياسي الفلسطيني على حالة الاهتراء والفساد المتفشية فيه حالياً وستستمر التعيينات والترقيات الخارجة عن القانون.
8_ ابقاء حالة اليأس والاحباط في نفوسِ الشعبِ الفلسطيني إلى أجلٍ غير معلوم.
9_ تقييد ردود فعل الشعب والفصائل المعارضين لتلك الفكرة بحجة انهم لا يرغبون بتأجيج الموقف.
قد يقول قائل يمكن اجراء الانتخابات عن طريق الاقتراع الالكتروني رغماً عن الاحتلال، أقول هذه فكرة جميلة لكن ألا يقدر الاحتلال على افشال هذه الفكرة؟
أختم بالسؤالين الآتيين :
ماذا لو وافقت دولة الاحتلال على اجراء الانتخابات الفلسطينية بالقدس بعدما اتهمها عباس بأنها معارضة لذلك ؟ وماذا عساها أن تفعل الفصائل والشعب إن أعلن عباس التأجيل؟