الرسالة نت-مها شهوان
في منتصف ظهيرة أحد الأيام اغتنم أب عشريني يدعى"ر.م" الفرصة لاستدراج الطفل "س.ع" لم يتجاوز عمره الثالثة عشر إلى إحدى الأراضي النائية حتى قام بتكبيله وشنقه ومن ثم التمثيل بجثته بطريقة بشعة لا تمد للإنسانية بصلة.
تلك الواقعة حدثت في إحدى مناطق جنوب قطاع غزة حينما قام الطفل "س.ع " بضرب طفل"ر.م" دون قصد حتى نزف الدم من رأسه ، لكن والده لم يهنئ له بال ونظرا لعقليته العصبية ووجود عداوة مسبقة بينه وبين والد الطفل المقتول سارع بقتل الصغير لحرق قلب ذويه.
حاول "ر.م" إخفاء جثة الطفل لكن ملامح الجريمة ظهرت بعد أيام قليلة وألقي القبض عليه ليحاكم بالسجن لمدة عشرة سنوات مراعاة لظروفه النفسية،وبعدما أخذ القانون مجراه لم يهدأ بال والد القتيل رغم انقضاء مدة الحكم ، فقد قام باستدراج القاتل بنفس الطريقة التي فعلها بابنه ومن ثم قتله، وخشية أن يتواصل مسلسل الثأر بين العائلتين نزع فتيل الشر وتمت المصالحة بين الطرفين.
وفي قضية أخرى نبشت عليها "الرسالة نت" في ملفات القضاء إن شاب أطلق الرصاص صوب صديقه أثناء تنظيفه لقطعة السلاح حتى خرجت رصاصة طائشة اخترقت جسده وأودت بحياته دون قصد، حينها ألقي القبض على الشاب وعوقب بالسجن على خطأه إلى أن تم إخلاء سبيله ودفع الدية لذوي المقتول ،لكن بعد عدة شهور سارع أخ المقتول بأخذ ثأر أخيه ومن ثم لاذ بالفرار وقدم أهله الدية لأهل المغدور وكأنها لعبه اقتل وادفع لكن القانون وضع حد لتلك الجريمة خشية أن يتواصل مسلسل الثأر بين العائلتين .
الثأر و الدية
وقال رئيس محكمة بداية غزة اشرف فارس :"قضية الثأر تتعلق بجرائم القتل من خلال دوافع وأبعاد متعددة كاستفزاز أحد الأشخاص لأخر أو من باب السرقة "، موضحا أن القانون يتعامل مع الثأر باعتبارها جريمة قتل ويطبق عليها القانون إحدى المواد "212،213،214،214،215،216 " فكل مادة تختلف عقوبتها عن الأخرى حسب نوع الجريمة إذا كانت عن عمد أو غير قصد .
وأشار إلى أن القتل إذا كان عن عمد فعقوبته الإعدام ،لكنه في حال كان بهدف الثأر وولي الدم قتل غدرا فان المحكمة تخفف من العقوبة من الإعدام إلى الحدث ،موضحا انه في حال تمت المصالحة بين الطرفين يؤخذ بها كظرف مخفف .
ومن خلال مراقبة المحكمة لقضايا الثأر فأن أغلب مرتكبيها لديهم نفسيه إجرامية لارتكاب الجرم دون أي باعث يظهر عليه لارتكابه هذا الفعل،فقد ذكر القاضي فارس أن الثأر استثاره نفسيه مستمرة تجعل ولي الدم بحالة نفسية مستفزه تؤدي لتحين الفرصة للأخذ بالثأر ،منوها إلى أن الدافع السابق تقدره المحكمة وتخفف العقوبة فبدل الإعدام يأخذ حبس مؤبد أو عشرة سنوات لكن في حال وقعت المصالحة بين الطرفين تخفف العقوبة .
في بعض الأحيان يرتكب الكبار جريمة الثأر ويدعون أن طفلا صغيرا قام بها كي يأخذ القانون بهم الرأفة وحول ذلك قال فارس:"لو يعلم القاضي علما يقينا أن الصغير لم يرتكب الجرم لا يستطيع فعل شي لتعامل القانون مع مستندات وبيانات"،مبينا في الوقت ذاته أن المحكمة قبل بثها بإطلاق الحكم تأخذ بعين الاعتبار صغر سن المجرم وتخلفه العقلي وإعاقته الصحية .
العادات الجاهلية
من جهته تحدث الأخصائي الاجتماعي د.درداح الشاعر عن أن قضية الثأر تؤثر على النسيج الاجتماعي لما فيه من ظلم للنفس البشرية التي لا ذنب لها ،موضحا أنه عند الأخذ بالثأر من شخص مظلوم لا علاقة له بالواقعة فهو ظلم واقع على الفرد والمجتمع.
وأشار إلى أن الظلم الذي يتسبب فيه الثأر يؤول إلى الكره والبغض واستمرار وقوع العديد من الجرائم، مؤكدا على أن عادة الأخذ بالثأر من العادات الجاهلية السيئة التي لا تمد بصلة للشرع وورثها العرب عن أجدادهم.
وعن استغلال الأطفال ودفعهم للأخذ بالثأر قال الشاعر :" يتم التأثير على الأطفال من خلال الجانب الانفعالي حيث يمكن استثمارهم لارتكاب مثل تلك الجرائم مما يؤثر على نفسيتهم فبدلا من أن يمروا ببراءة الطفولة يعيشوا حياة الكبار .
وبحسب الأخصائي الاجتماعي فإن غياب القانون وعدم تفعيله سهل الأخذ بالثأر،منوها إلى أنه في حال تم تفعيل القصاص العادل عبر السلطة الشرعية التي تحتكم كتاب الله ورسوله سيتم الحد من ارتكاب مثل تلك الجرائم .
وعن كيفية الحد من تلك القضية قال:"قضية الثأر تعالج على أكثر من مستوى كعودة الناس لشرعهم وليس لعاداتهم الجاهلية ، بالإضافة إلى نشر ثقافة العدل والمحبة عبر وسائل الإعلام أو داخل الأسرة بدلا من ثقافة الأخذ بالثأر.