بعد الهند هل تكون الموجة القادمة الفتاكة من فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في أفريقيا؟ ولماذا؟ وكيف يتم تصنيف السلالات المتحورة؟ وكم عدد جرعات اللقاحات التي تم إعطاؤها عالميا للآن؟
وكشفت بيانات لجامعة جونز هوبكنز ووكالة بلومبيرغ للأنباء اليوم السبت عن إعطاء 1.26 مليار جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد على مستوى العالم حتى الآن.
وبلغ عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد في أنحاء العالم 156.9 مليون حالة، وعدد الوفيات 3.27 ملايين.
نبدأ من أفريقيا، حيث حذرت هيئة المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها اليوم السبت من أن القارة يمكن أن تشهد موجة إصابات من فيروس كورونا مماثلة للموجة القياسية التي تجتاح الهند حاليا.
وقال الدكتور جون نكينجاسونغ مدير هيئة المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، والتابعة للاتحاد الأفريقي، إنه في الوقت الذي شهدت فيه القارة إصابات ووفيات أقل مقارنة بأوروبا وغيرها من المناطق، حيث تدخل الجائحة عاما ثانيا، فإن وجود سلالات متحورة ومعدلات متدنية من التلقيح يمكن أن يغير هذا.
وكان نكينجاسونغ يتحدث خلال اجتماع مشترك لوزراء الصحة بالاتحاد الأفريقي عبر الفضاء الإلكتروني.
وفي العام الذي تم فيه تسجيل أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في أفريقيا، شهدت 52 من أصل 54 دولة موجة ثانية من الإصابات، وكانت الثانية أشد من الأولى في أغلب الحالات. وشهدت 13 دولة موجة ثالثة من الإصابات.
ويخشى علماء الأوبئة من أن اتجاها تصاعديا بالإصابات في بعض المناطق يمكن أن يجلب ذروة أخرى. وشهد وسط أفريقيا الشهر الماضي زيادة بنسبة 64% في الإصابات، وشهد الجزء الجنوبي زيادة بنسبة 4% وشمال أفريقيا 0.2%.
وأشار نكينجاسونغ إلى أوجه التشابه مع الهند حيث كان عدد الوفيات اليومية قد تراجع من ألف يوميا في سبتمبر/أيلول 2020 إلى 150 في مارس/آذار 2021، ليرتفع إلى أرقام قياسية حالية تصل إلى نحو 3700 حالة وفاة في اليوم.
وشهد غرب أفريقيا انخفاضا بنسبة 10% في الإصابات اليومية، في حين سجل شرق أفريقيا تراجعا بنسبة 16%، على الرغم من تعرضها لموجة ثالثة.
وأشاد المسؤولون بالتزام الدول بإجراءات مثل ارتداء الكمامات وقواعد التباعد الاجتماعي.
وقد ضمنت المنصة القارية للحصول على اللقاحات 220 مليون جرعة من لقاح "جونسون آند جونسون" (Johnson & Johnson) ووقعت غالبية الدول الأفريقية على مبادرة "كوفاكس" (COVAX) الخاصة بتوفير اللقاحات للدول الفقيرة، لكن التوزيع البطيء وغير المتكافئ للجرعات يشكل تهديدا لزيادة الإصابات.
ولم يتلق سوى 1.14% من سكان أفريقيا التطعيم.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن يسرع وجود سلالات جديدة من انتشار فيروس كورونا حيث أن بعضها أظهر قدرته على إضعاف فعالية المستضدات واللقاحات.
ورصدت 4 دول من القارة حتى الآن السلالة الشائعة في الهند، حسبما قال مدير هيئة المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض.
وسجلت أفريقيا أكثر من 4.6 ملايين إصابة بكوفيد-19، وأكثر من 123 ألفا و600 حالة وفاة.
4000 وفاة لأول مرة بالهند
نعود إلى الهند، حيث أظهرت بيانات رسمية اليوم تسجيل أكثر من 4 آلاف حالة وفاة مرتبطة بفيروس كورونا المستجد خلال يوم واحد، وقد أعلنت المزيد من الولايات عن عمليات إغلاق لاحتواء موجة ثانية مميتة من الجائحة في البلاد.
وذكرت وزارة الصحة الاتحادية أن 4187 شخصا، على الأقل، توفوا خلال الساعات 24 الماضية، جراء كورونا، وبذلك يصل إجمالي الوفيات بالبلاد بسبب الجائحة إلى 238 ألفا و270.
وسجل هذا البلد 401 ألف و78 إصابة بالفيروس خلال الساعات 24 الماضية، ليرتفع بذلك إجمالي عدد الإصابات إلى قرابة 22 مليونا. والسبت هو اليوم الثالث على التوالي الذي تتجاوز فيه إصابات كورونا اليومية حاجز 400 ألف. وكانت الهند أولى الدول التي تتجاوز هذا الرقم، في الأول من مايو/أيار الجاري.
ويتوقع الخبراء أن تصل الموجة الحالية من الجائحة في الهند إلى الذروة منتصف الشهر الجاري.
كيف يتم تصنيف السلالات المتحورة؟
في مقال نشرته صحيفة "لوموند" lemonde الفرنسية، قالت الكاتبة، بسمة سيكوك، إن منظمة الصحة العالمية تصنف السلالات المتحورة إلى 3 فئات بعد مراقبتها في قواعد البيانات الدولية، التي تشمل تلك الخاصة بالمبادرة العالمية لتبادل بيانات إنفلونزا الطيور:
- السلالات المتحورة المثيرة للقلق variants of concern التي ترتبط بسلالة الفيروس. وعادة ما تكون من الأكثر ضراوة أو مقاومة لاختبارات التشخيص أو العلاجات أو اللقاحات.
- السلالات المتحورة الخاضعة للمراقبة variants under surveillance (السلالة المثيرة للاهتمام) التي لم يتم تحديد تأثيرها على الصحة العامة بعد. في المقابل، يمكن العثور عليها سواء بالعديد من حالات العدوى أو في بلد منشئها.
- السلالات المتحورة قيد التقييم variants under evaluation التي لا تزال انعكاساتها على الصحة العامة غير محددة.
ووفق الهيئة الصحة العامة بفرنسا، تعد السلالات المتحورة المثيرة للقلق حاليا في هذا البلد هي السلالات المتحورة البريطانية والجنوب أفريقية والبرازيلية. كما تتم في الوقت ذاته مراقبة السلالة المتحورة الهندية.
السلالة البريطانية المتحورة
أبلغت المملكة المتحدة، خلال ديسمبر/كانون الأول 2020، عن وجود هذه السلالة المتحورة الشديدة العدوى. وقد انتشرت في 139 دولة، حيث تشكل في الوقت الراهن 83% من حالات "كوفيد-19" في فرنسا.
في هذا الإطار، قال فنسنت ماريشال أستاذ علم الفيروسات بجامعة السوربون "هذا الفيروس الذي يمكن أن يصيب البشر بسهولة يميل إلى التكاثر بشكل أسرع، وهذا هو حال السلالة البريطانية المتحورة".
وتحتوي السلالة البريطانية على طفرة "إن 501 واي" (N501Y).
وتعد هذه الزيادة قابلة للانتقال من أكثر من 43% إلى أكثر من 90% مقارنة بالفيروس الأصلي نتيجة حدوث طفرة في بروتين سبايك. وبهذا السياق، قال جان كلود مانوجويرا رئيس وحدة الاستجابة للطوارئ البيولوجية في معهد باستير "ترتبط طفرة 501 بارتباط أكبر للفيروس بمستقبلاته على سطح الخلايا التي يريد أن يصيبها".
ونوهت الكاتبة بأنه، خلال تقريرها الأسبوعي الوبائي، أكدت منظمة الصحة العالمية أن اللقاحات فعالة بشكل عام ضد السلالة المتحورة البريطانية.
سلالة جنوب أفريقيا المتحورة
وفقا لمنظمة الصحة، ظهرت سلالة جنوب أفريقيا أواخر 2020 أولا في جنوب أفريقيا وانتشرت حاليا في حوالي 87 دولة. وعلى غرار السلالة المتحورة البريطانية، تحتوي هذه السلالة على طفرة "إن 501 واي" مما يجعلها معدية أكثر بالإضافة إلى طفرة "إي 484 كي" (E484K) التي تجعلها أكثر مقاومة للقاحات معينة. ومن الممكن أن يكون ذلك سببا في الإصابة بالعدوى مجددا. ووفقا للمجلس العلمي، تعد هذه السلالات الأكثر "إفلاتا" مناعيا.
السلالة البرازيلية المتحورة
تعتبر السلالة البرازيلية أكثر عدوى لأنها تحتوي على طفرة "إن 501 واي" ناهيك عن طفرة "إي 484 كي" (E484K) مما يجعلها أكثر مقاومة للقاحات معينة.
وفي هذا الإطار، يقول المجلس العلمي، في تقريره الصادر يوم 16 أبريل/نيسان الماضي، إن نسبة كبيرة من المرضى الذين يعانون من شكل حاد من "كوفيد-19" تقل أعمارهم عن 50 عاما بالبرازيل.
في المقابل، تظل مقاومة هذه السلالة للقاحات أقل من مقاومة سلالة جنوب أفريقيا. وينوه المجلس العلمي بأن "فعالية اللقاحات ضد السلالة البرازيلية المتحورة تظل مضمونة، ولكن بدرجات متفاوتة".
السلالة الهندية المتحورة
وفقا لبيانات الصحة العالمية، اكتشفت السلالة المتحورة الهندية لأول مرة في الهند خلال أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث أضحت في الوقت الراهن منتشرة في 17 دولة. من جانبها، تؤكد المنظمة أن معظم الحالات المكتشفة مصدرها الهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وسنغافورة. وفي 29 نيسان/أبريل الماضي، اكتشف إصابة 3 حالات بالسلالة الهندية المتحورة في فرنسا.
وتحتوي السلالة المتحورة الهندية على 15 طفرة، اثنتان منها شائعتان في السلالات المتحورة الأخرى. رغم تصنيفها من بين السلالات المتحورة الخاضعة للمراقبة، إلا أنها تشبه إلى حد ما السلالات المثيرة للقلق المعروفة، حتى وإن لم تكن تحوي طفرة 501.
ويوضح المجلس العلمي أن طفرة "إي 484 كيو" (E484Q) شبيهة بطفرة "إي 484 كي" ومختلفة عنها في الآن ذاته. لذلك، يمكننا أن نتوقع أن تكون فعالية اللقاح مضمونة بدرجات متفاوتة. مع ذلك، لا يمكن حتى اللحظة توقع مدى قدرتها على الانتشار أو نسبة إفلاتها المناعي.
واختتمت الكاتبة بما جاء على لسان مانوجويرا من معهد باستير الذي أكد على الحاجة الملحة للتلقيح لاسيما وأن "العالم بأسره يخوض سباقا مع الزمن، حيث ينبغي أن يكون هناك أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين تم تطعيمهم قبل أن تظهر سلالات متحورة جديدة". لذلك، كلما زاد انتشار الفيروس زاد تكاثره، مما يزيد من احتمال ظهور طفرات معززة للفيروس، ويجعل المعركة ضده أكثر ضراوة.
المصدر : الألمانية + الجزيرة + وكالات + لوموند