قائمة الموقع

هل يثبت فيروس "كورونا" أن الحرب البيولوجية قادمة؟

2020-03-29T23:30:00+03:00
صورة "أرشيفية"
واشنطن- الرسالة نت

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن فيروس كورونا الذي قد يكون بداية لاندلاع حرب بيولوجية.

وقالت المجلة، في تقريرها، إنه من الممكن أن تجد الدول أو الجماعات الإرهابية طريقة فعالة لتعبئة العوامل البيولوجية للحرب في المستقبل، إلا أن التأثير الحاسم لهذه الأسلحة يبقى قيد التخمين.

وأشارت المجلة إلى أنه لا يوجد دليل يثبت صحة الفرضية القائلة إن فيروس كوفيد-19 اعتُمد كمشروع حرب بيولوجية.

لكن مُنظري المؤامرة في كل من الصين والولايات المتحدة اتهموا بعضهم البعض بتطوير الفيروس وإطلاقه، إما عن قصد أو عن غير قصد.

وذكرت المجلة أن اتهامات استخدام الحرب البيولوجية قد تجاوزت منذ فترة طويلة الأدلة الفعلية على وقوع مثل هذه الهجمات.

وفي الواقع، ثبت أن الحروب البيولوجية التي شنت في مناسبات مختلفة لم تكن ناجعة بالفعل.

حتى مع تقدم علم الأحياء الدقيقة، فإن عدم دقة العوامل البيولوجية وعدم إمكانية السيطرة عليها جعل من الصعب العثور على منطق استراتيجي مقنع يبرر استخدامها.

الأسلحة البيولوجية على مر التاريخ

ما دام الناس يدركون أن القرب من المرض يؤثر على انتشاره، فإنهم يقدرون الآثار المترتبة عن الحرب. وقد شمل ذلك إجبار ضحايا الطاعون على السفر إلى أراضي العدو، فضلا عن إلقاء الجثث والملوثات الأخرى في معاقل العدو. والدليل على أن مثل هذه الهجمات قد جرت بكثرة، يؤكد محدودية نجاحها.

وأفادت المجلة بأن المستوطنين الأوروبيين استخدموا الجدري لمهاجمة السكان الأمريكيين الأصليين عن عمد في حالات قليلة جدًا، والدليل على نجاح هذه الهجمات كان نسبيا. كما تشير بعض التقارير إلى أن البريطانيين مارسوا نفس الطريقة ضد السكان الأصليين في أستراليا.

مع ذلك، استغل المستوطنون الأوروبيون في جميع أنحاء أمريكا دون شك تأثير المرض على السكان الأمريكيين الأصليين، ولا سيما في المكسيك (حيث ساعد الجدري في تسهيل غزوات كورتيز) وأمريكا الشمالية (حيث أدى الجدري والأمراض الأخرى إلى إخلاء الريف، تاركين مناطق شاسعة مفتوحة ليقع استغلالها من قبل الأوروبيين).

ونوّهت المجلة بأن بروز الحرب الصناعية مهد الطريق للاستخدام المبتكر للأسلحة البيولوجية في فرص عدة.

 فخلال الحرب العالمية الأولى، حاولت ألمانيا إصابة قطعان الماشية الأمريكية بالجمرة الخبيثة مع تحقيق نجاح ضئيل. وخلال الحرب العالمية الثانية، طورت معظم القوى الكبرى برامج حرب بيولوجية، على الرغم من أن اليابان وربما الاتحاد السوفيتي فقط استخدموا الأسلحة البيولوجية على نطاق واسع.

أوردت المجلة أن استخدام اليابان للأسلحة البيولوجية اقتصر على الجبهة الصينية، حيث أطلقت العنان لهجمات الطاعون الدملي والكوليرا ضد المدنيين والجنود على حد سواء.

مما لا شك فيه أن هذه الهجمات قتلت العديد من الصينيين، على الرغم من أن بعض الجنود اليابانيين تضرروا كذلك. وقد تواصلت بعض الآثار بعد الحرب، حيث استمر تفشي الكوليرا المتكرر في الصين حتى بعد استسلام اليابان.

على الجبهة الشرقية، زعم البعض أن الاتحاد السوفيتي تسلح بداء التوليري لاستخدامه ضد القوات الألمانية الغازية في سنة 1942.

لكن الأدلة التي تشير إلى أن التفشي الوحشي الذي نشأ بلا أدنى شك عن هجوم متعمد، لا تزال ضعيفة.

وأوضحت المجلة أن كلا من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة طورا برامج أسلحة بيولوجية ضخمة بعد الحرب، متعظين من إخفاقات خصومهم المهزومين.

في كلا البلدين، تسببت الحوادث والاختبارات في وقوع إصابات بين السكان المدنيين، رغم منع تفشي المرض بشكل عام.

وهناك القليل من الأدلة المقنعة على أن الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي استخدما أسلحة بيولوجية على نطاق واسع ضد خصم أجنبي خلال الحرب الباردة. مع ذلك، اتهمت كوبا الولايات المتحدة بشكل دوري باستخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة البيولوجية لتقليص المحاصيل الزراعية.

وأشارت المجلة إلى أن الجهات الفاعلة غير الحكومية لم يحالفها الكثير من الحظ في الأدوية البيولوجية. وقد حاول أتباع طائفة راجنيش نشر السلمونيلا في مناضد السلطة العامة في ولاية أوريغون في الثمانينات، لكنهم لم ينجحوا في ذلك. كما حاولت طائفة أوم شرينكو نشر الجمرة الخبيثة في طوكيو في التسعينات، لكنها فشلت في ذلك وتوجهت في النهاية إلى الأسلحة الكيميائية.

وفي أعقاب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، قتلت هجمات الجمرة الخبيثة التي أُرسلت عن طريق البريد عددا ضئيلا من الناس في الولايات المتحدة.

المخاطر الضرورية

أفادت المجلة بأن الخطر الأكثر وضوحا لاستخدام مرض معدي كسلاح يتمثل في أنه سيمُس مستخدمه في نهاية المطاف.

وفي الوصف الخيالي الأكثر شهرة لوباء ناتج عن سلاح بيولوجي متقدم، بين ستيفن كينغ في رواية "الموقف" كيف تنتج حمى حادة من الإطلاق غير المتعمد للعدوى من منشأة أسلحة بيولوجية.

وأوضحت المجلة أن نجاح هجوم بيولوجي يعتمد إلى حد كبير على قدرة السلاح على التمييز، وقد ثبت أنه من الصعب جدًا إنشاء عوامل يمكن أن تميز بين الصديق والعدو.

والواقع أن الأدوية البيولوجية تعمل بشكل أفضل في الظروف التي يتمتع فيها أحد الطرفين بمناعة طبيعية، أو عندما تعطي العوامل التشغيلية الأفضلية لجانب أو لآخر. لكن آثار العوامل البيولوجية عادة ما تصمد لفترة أطول من الظروف التشغيلية التي بررت استخدامها، وتميل إلى الانتشار إلى أبعد مما تصوره المهاجم.

بدلاً من ذلك، يمكن أن يأتي الهجوم البيولوجي بفائدة على الطرف المهاجم إذا كانت قدرات النظام السياسي والاقتصادي للطرف المدافع على تجاوز الجائحة أضعف من قدرات الطرف المهاجم.

يمكن للمهاجم أن يفكر على سبيل المثال أن أنظمة إدارة الأزمات الخاصة به كانت أكثر مرونة من تلك الخاصة بالمدافع، أو أن تفاصيل المرض بسبب الاختلافات في نمط الحياة والثقافة تمتلك آثارا أكثر ضررا على المدافع من المهاجم.

ونوهت المجلة بأنه يمكن للاختلافات في العادات الغذائية أن تجعل الهجمات البيولوجية ضد أنواع معينة من الماشية أو السلع الزراعية الأخرى أكثر تدميرا على المدافع من المهاجم.

ومع ذلك، نظرًا لأنه من غير الممكن التنبؤ بكيفية مقاومة النظم السياسية المرنة للهجوم، فإن إطلاق جائحة عامة على أمل المعاناة بشكل أقل نسبيًا من العدو يُمثل سياسة عامة محفوفة بالمخاطر بشكل لا يصدق، ناهيك عن كونها غير أخلاقية إلى حد كبير وغير قانونية تمامًا بموجب الاتفاقيات الدولية القائمة.

وخلصت المجلة إلى أنه على مر التاريخ البشري، قتل المرض الناس أكثر من العنف، حتى أثناء المعارك الضارية. ربما يشعر الناس بالخوف من استخدام المرض كسلاح لكنهم مع ذلك يحاولون في كثير من الأحيان استخدامه كسلاح وكثيرًا ما يلومون أعداءهم على الدمار الذي يخلفه الوباء.

وفي حين أنه من الممكن أن تجد الدول أو الجماعات الإرهابية طريقة فعالة لجمع العوامل البيولوجية للحرب في المستقبل، فإن التأثير الحاسم لهذه الأسلحة لا يزال غير واضح.

اخبار ذات صلة