فور الإعلان عن سريان التهدئة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي عقب 11 يوما من العدوان الإسرائيلي على القطاع، يواصل الوسطاء المصريون وآخرون تكثيف جهودهم في سبيل تثبيت وقف إطلاق النار والحفاظ على استمرار الهدوء.
ونجحت وساطة مصرية في وقف الهجمات الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة والتي خلّفت ما يزيد عن 240 شهيدا جلهم من النساء والأطفال وهدم العديد من الأبراج السكنية وعشرات البيوت، حيث جرى التوصل لوقف إطلاق النار عند الساعة الثانية فجر الجمعة على أن تستكمل المباحثات وصولا لتثبت الهدوء.
ويمكن القول إن الثلاثة أيام المقبلة ستكون الحاسمة في مدى نجاح الوسطاء في الضغط على الاحتلال ودفعه للاستجابة لمطالب المقاومة بتهدئة الموقف في القدس ووقف تهجير سكان حي الشيخ جراح ومنع الاقتحامات والاعتداء على المقدسيين في المسجد الأقصى وهو الملف الذي أثار موجة التصعيد، حين قررت المقاومة الانتقام لسكان المدينة المحتلة.
ووفق الاتفاق فقد وصل وفد أمني مصري إلى قطاع غزة صباح أمس الجمعة وآخر وصل (تل أبيب) لاستكمال ومتابعة إجراءات تنفيذ الاتفاق الذي من شأنه أن يحافظ على استقرار الأوضاع الأمنية لفترة طويلة.
ومع فرض المقاومة الفلسطينية معادلة غزة-القدس الجديدة والربط بينهما فإنه لا يمكن التغافل منذ اليوم وصاعدا عما يجري في المسجد الأقصى، وهو ما يعني أن الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة مرهون بمدى التزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف اعتداءاته على المسجد الأقصى وتهجير سكان حي الشيخ جراح وهو ما يتطلب جهدا مضاعفا من الوسطاء لإقناع الاحتلال بهذا الأمر.
تهدئة هشة
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن التهدئة لازالت هشة في ظل الحديث عن وقف إطلاق نار بين المقاومة والاحتلال دون اتفاق كامل، ودعوات إسرائيلية جديدة لاقتحام المسجد الأقصى.
ويوضح الغريب في حديثه لـ"الرسالة" أن ما يطرح خلال هذه الأثناء إن لم يلب طموحات الشعب الفلسطيني بوقف الاعتداءات على الأقصى ومسلسل تهجير حي الشيخ جراح وإعادة الاعمار في غزة ستكون الأمور أقرب للمواجهة في أي لحظة.
ويبين أن نجاح الجهود الدبلوماسية مرهون في إمكانية ومدى قدرة الوسطاء على إلزام الاحتلال على وقف الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن المشهد بعد المواجهة الأخيرة ليس كما قبله.
ويشير الغريب إلى أن العديد من الأطراف تدفع نحو إيجاد حل سياسي وهو ما يقرأ على أن المجتمع الدولي بدأ يصغي لصوت غزة الذي كان مهمشا وأطراف تعمل لمحاصرته سياسيا واقتصاديا وبكل الاشكال.
ويلفت إلى أنه على ضوء ذلك ستحرص كل الأطراف في المنطقة -الوسيط العربي والمجتمع الدولي والولايات المتحدة- على أن تكون هناك صيغة لطرح برنامج سياسي يمكن أن يكون مدخلا للحل ويوقف الاعتداءات الصهيونية على المقدسيين والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح ويدفع لحلول سياسية في المنطقة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن حسابات الاحتلال ستكون مختلفة تماما عما حدث قبل 11 يوما، وفي حال لم يحدث تغيير، فإن المقاومة حاضرة كما قالت في بيانها الأول "إن عدتم عدنا" وهو خيار حاضر وإلا ما كان لنتنياهو أن يوقف هذا التصعيد.
ويوضح القرا في حديث تلفزيوني أنه في حال عدم التزام الاحتلال فإن هناك الكثير من الأدوات يمكن أن تستخدم إلى جانب الجهد العسكري ومنها المقاومة الشعبية ولكن عامل القوة وتدخل المقاومة سيبقى حاضرا عند الاحتلال الإسرائيلي وستحسب الأخيرة ألف حساب.
ويشير إلى أن الاحتلال يحاول الحديث عن وقف إطلاق نار دون شروط ودون الالتزام بشيء فيما ستكون المقاومة ضاغطة ومراقبة لما يجري في الميدان، إلى جانب مواصلة الحراك والمقاومة في الضفة بأشكالها كافة.