فتح ملف التهدئة بين فصائل المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، شهية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وفريقه نحو الدفع باتجاه محاولة احياء مسار التسوية المتعثرة منذ سنوات والعودة لمفاوضات حل الدولتين، على ضوء الجهود الدولية التي تدفع باتجاه ضرورة البناء على التهدئة مع قطاع غزة بإيجاد حل سياسي شامل وعادل للفلسطينيين.
ويمكن القول إن قيادة السلطة تحاول استثمار النجاح الذي حققته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خلال المعركة الأخيرة سياسيا وفي سبيل تحقيق مصالحها من خلال استغلال الدعوات الدولية والجهود الأمريكية في محاولة للعودة لمسار المفاوضات.
ويبدو أن أبو مازن يسعى لإيجاد أي ثقب يضمن له التنفس الصناعي وكسب المزيد من الوقت للبقاء في مسار التسوية المتعثرة بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي من سرقة للأراضي وتوسيع للاستيطان وتهجير المقدسيين مما يجعل سياسة الأمر الواقع تطغى وتعطل أي حل سياسي مستقبلي.
ووجدت السلطة عقب انتهاء الحرب على قطاع غزة والجهود الدولية والاتصالات الأمريكية لها أرضا خصبة، وتسعى لاستغلال هذا التحرك سياسيا لصالحها، وعلى صعيد آخر تحاول أيضا تولي ملف إعمار غزة لما له من مكاسب اقتصادية لا تقل كثيرا عن المكاسب السياسية.
ويعزز ما سبق حديث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال لقائه الأول مع الرئيس عباس بضرورة أن تتولى السلطة ملف الاعمار بعيدا عن مشاركة حركة حماس إلى جانب ضرورة التطرق للأسباب الرئيسية للتصعيد الأخير بين المقاومة الفلسطينية و(إسرائيل)، مؤكدا أن "حل الدولتين" هو "السبيل الوحيد" لحل النزاع بين (إسرائيل) والفلسطينيين، في حال تمت تلبية الشروط المناسبة.
جهود عربية
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن هناك جهدا عربيا يحاول أن يفعّل هذا المسار على قاعدة مبادرة السلام العربية؛ في محاولة لفرض رؤية أو برنامج سياسي.
ويضيف الغريب في حديثه لـ"الرسالة" أن القضية الفلسطينية لم تكن على طاولة الإدارة الأمريكية وإنما فرضتها المعركة الأخيرة مع الاحتلال وجعلت الإدارة الأمريكية تعيد النظر في هذا الأمر، مبينا أنه حتى اللحظة لا يوجد حديث عن حل سياسي بقدر ما هي جهود لوقف اطلاق النار والإعمار وأمن دولة الاحتلال.
ويشير إلى أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة استكشافية ولا تحمل أي رؤية سياسية أمريكية، لافتا إلى أن الحديث عن فرص تشكيل حكومة وحدة وطنية هي فرص ضعيفة حتى اللحظة.
توحيد الموقف
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن الخطوة الأهم لتحقيق الاستثمار السياسي هو توحيد الموقف الفلسطيني وترتيب البيت الداخلي.
ويوضح الدجني في حديثه لـ"الرسالة" أن هذا الاستثمار الذي تحاول السلطة تحقيقه يجب أن يكون على أساس حل الدولتين على قاعدة كاملة السيادة وليس تبادل أراض، خاصة وأن باقي الفصائل تدعم إمكانية الذهاب لحل مؤقت بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
ويبين أنه في حال أدارت السلطة هذا الملف بشكل جيد مع المجموع الوطني ممكن أن تتوفر فرصة سانحة لتطبيقه في ظل معركة سيف القدس، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة ألا تنفرد السلطة في هذا الاستثمار لوحدها مما يدفع إلى الدخول في مناكفات سياسية تضيع الجهد، وتحاول (إسرائيل) من خلاله اللعب على وتر الخلاف بين السلطة وحماس.