حل الدولتين هو "الرد الوحيد" الممكن للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، قال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال العدوان.
"على الشعبين أن يتمتعا "بمقاييس متساوية في مجالات الحرية، والأمن والازدهار والديمقراطية"، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
لكن اللافت أن كليهما لم يوضح كيف يمكن ترجمة هذه الرؤية الأمريكية أو الطموح الذي تحدث عنه، وظهرت إدارة بايدن وكأنها تعود لارتداء ثوب بال مرقع.
الهبة الفلسطينية الأخيرة التي اجتاحت كل الأراضي الفلسطينية من البحر للنهر وضعت العالم أمام تحد كبير بأن القضية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها، ونفت كل محاولات البعض تمرير التطبيع وتجهل القضية وكأنها لم تعد موجودة أو مؤثرة.
أكدت الجولة الأخيرة من القتال بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بأن استمرار تجاهل الشعب الفلسطيني وقضيته لن يجدي نفعا.
عادت الأصوات الدولية والأمريكية للحديث عن العودة إلى حل الدولتين الذي انهار منذ عقود وضرورة تفعيل نهج التسوية لنزع فتيل الصراع المشتعل.
الأطراف الثلاثة الأساسية المعنية مباشرة بالنزاع أو بأي حل سياسي، وهي الاحتلال الإسرائيلي، وحماس والسلطة الفلسطينية، غير مستعدة أو غير قادرة على اتخاذ القرارات الجذرية التي يتطلبها أي حل.
فقد شهدت دولة الاحتلال 4 انتخابات برلمانية خلال سنتين، وربما تتجه للخامسة قريباً في استمرار للمأزق السياسي الراهن والذي حال دون تشكيل حكومة جديدة.
أما رئيس السلطة محمود عباس، الذي قرر إجراء انتخابات جديدة، الأولى منذ 16 سنة، عاد وقرر إلغاءها، ما أثار سخط الشارع الفلسطيني، وأظهر عجز السلطة في رام الله وبدت ضعيفة ومهمشة، وهذا ما أظهرته المعارك الأخيرة أكثر من أي وقت آخر.
ومن الواضح أن الجانب الأميركي الذي تحدث بحماسة تحت وقع المعركة عن أهمية التسوية تجاهل أن الوقائع تغيرت وفرص التسوية انتهت تماماً، كما أن الطرفين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي غير مؤهلين للدخول في عملية تسوية حقيقية لأسباب كثيرة:
أولاً: بعد قرابة 30 عاما على اتفاق أوسلو يدرك كل فلسطيني في الداخل والخارج أن التسوية لن تجلب له حقوقه، وأن كل ما جلبه أوسلو كان الدمار والاستيطان والتهويد والتهجير القسري، وبالتالي فإن فرص قبول الشارع الفلسطيني بأي تسوية شبه معدومة.
ثانياً: السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس الذي يتمسك بخيار التسوية لا يملك أدوات قوة على الأرض تمكنه من تطبيق أي اتفاق فهو غير موجود في غزة من ناحية ولا يسيطر على الضفة أيضاً، التي تخضع لهيمنة الاحتلال الإسرائيلي بالكامل.
ثالثاً: حينما وقعت منظمة التحرير أوسلو كانت حركة فتح الفصيل الأقوى لكنها اليوم فقدت الكثير من قوتها وشعبيتها وشرعيتها، وهناك حركة حماس وفصائل المقاومة التي باتت لاعبا أساسا في الحلبة السياسية الفلسطينية، ولا يمكن تجاهلها ولا يمكن تمرير أي اتفاق دون موافقتها، وهي ترفض الشروط الدولية التي قامت على أسسها التسوية، وترفض الانخراط في مشروع التسوية الذي ظهرت نتائجه الكارثية على القضية الفلسطينية بوضوح.
رابعاً: من ناحية الاحتلال الإسرائيلي فإن الأحزاب اليمينية التي تسيطر على الحكومة لا تقبل أي حل سياسي مع الجانب الفلسطيني وترفض التنازل عن المستوطنات في الضفة أو إقامة دولة للفلسطينيين، وتتعامل على أنه يجب طردهم من أرض فلسطين.
خامساً: كل الوقائع التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على الأرض، السيطرة على 60% من أراضي الضفة الغربية والتهجير القسري للسكان وبناء المستوطنات واستيطان قرابة 800 ألف مستوطن فيها، وإقامة الجدار يعني فعلياً أن لا فرصة ممكنه لقيام دولة فلسطينية.