تجتمع الفصائل الفلسطينية في القاهرة لبحث عدة ملفات منها المصالحة الفلسطينية، وذلك بعد يوم على اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الذي أكدت خلاله على "ضرورة استمرار الحوار الوطني بين كل الفصائل لتنفيذ الاتفاقات الموقعة بشأن إنهاء الانقسام بكل تفاصيله.
وذكرت التنفيذية أن المجلس المركزي سينعقد في أسرع وقت لتعزيز وضع منظمة التحرير وتمثيلها الوحيد لشعبنا.
ويظهر هنا أن حركة فتح استدعت المنظمة التي تهيمن عليها في محاولة لتثبيت شرعيتها ووجودها بعد الأحداث التي جرت في الأراضي الفلسطينية خلال الشهر الماضي والتي غيرت المعادلة، ومنحت المقاومة وعلى رأسها حركة حماس التمثيل الأكبر في الشارع الفلسطيني، بينما تلاشت فتح والسلطة خلال المعركة.
حيث تُجمع الفصائل على رفض تأخير ترتيب البيت الفلسطيني، والتذرع بقضايا جانبية من قِبَل الرئيس عباس، كما تُجمع على ضرورة ترتيب وضع «منظّمة التحرير» بالتزامن مع تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس «وثيقة الوفاق الوطني».
وحذرت الفصائل من أن عدم تجاوب السلطة مع هذه المطالب يستوجب تجاوز دور عباس، ومنع رام الله من تولّي أيّ أدوار في إعادة إعمار القطاع.
وهو موقف متقدم ويستمد قوته من الانتصار الذي حققته المقاومة والذي منحه المزيد من الشرعية الشعبية، في مقابل نبذ قيادة السلطة ومشروعها.
من ناحية أخرى فإن عباس ما زال يحاول فرض مشروعه السياسي الفاشل على باقي الفصائل وتجاوز الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة عبر إصراره على شروط الرباعية الدولية لتشكيل الحكومة الفلسطينية، وهو أمر ترفضه الفصائل وتجمع أنه لا عودة لمشروع التسوية والانصياع للشروط الإسرائيلية، خاصة بعد هزيمة الاحتلال في معركة سيف القدس.
يبدو أن حماس التي اختبرت فتح والرئيس عباس جيداً تحاول الابتعاد عن ساحة المناكفات ودوامة الانقسام عبر المطالبة بإجراء الانتخابات كمدخل لإنهاء الانقسام، بعدما ألغاها عباس خشية خسارته.
وترى الحركة أن أي حكومة تشكل دون انتخابات لا معنى لها وأن ملف الانتخابات يجب أن يتقدم كمخرج للانقسام الداخلي الفلسطيني، وقد طالبت الفصائل مصر الضغط على الرئيس عباس لإجراء الانتخابات والضغط على الاحتلال لعقدها في القدس.
كما ترغب في تقديم ملف المنظمة على باقي الملفات عبر إصلاحها وانضمام حركتي حماس والجهاد إليها.
وهنا تظهر أهم معضلات المصالحة والتي تحاول فتح فرض رؤيتها فيها على باقي الفصائل، من خلال طرح مسألة حكومة التوافق والتي تهدف لإدخال الجميع في دوامة تفاصيل الحكومة وتشكيلها مجدداً وبرنامجها السياسي، ومن ناحية أخرى تقول أن انضمام حركتي حماس والجهاد في المنظمة مقبول ولكن دون شروط، في محاولة للتملص من اصلاح المنظمة.
فقد هاجم عزام الأحمد تصريحات رئيس حماس في غزة، يحيى السنوار وقال إنهم يرحبون بحماس لدخول منظمة التحرير بلا قيد ولا شرط كما دخلت فتح إليها دون قيد أو شرط، وهي معلومات مضللة.
د. أسامة الأشقر مستشار سياسي بمركز الراصد للدراسات شكك في مصداقية الأحمد، وقال إن فتح وضعت شروط قبل الانضمام للمنظمة أهمها:
1. حركة فتح قبل دخولها المنظمة كانت تطالب المنظمة بأن يكون التنظيم العسكري أساساً للكيان الفلسطيني، وأن تكون المنظمة ذات مضمون ثوري مسلح.
2. استعدّت حركة فتح في مذكرة لمؤتمر القمة العربي الثالث في الدار البيضاء في سبتمبر 1965، أن تتعاون مع المنظمة، شريطة إبقاء القيادة بيد الشعب الفلسطيني! وقللت من مرجعية المنظمة وأهميتها ووصفتها بأنها "وليدة مؤتمر القمة، وسوف تنعكس عليها طبيعة التناقضات الخاصة بهذه المؤتمرات".
3. أعلنت فتح مراراً بعد تعزز مكانة المنظمات الفلسطينية المسلحة عقب هزيمة 1967 أن المقاومة الفلسطينية اكتسبت صفة تمثيلية للشعب الفلسطيني، وأن المنظمة مجرد كيان سياسي رسمي لا يعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني ومقاومته.
4. شنت حركة فتح وعلى رأسها أبو عمار هجوماً شخصياً مركزاً على أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير واتهمته باستخدام المنظمة لأغراض شخصية، وأنه كذاب يضلل الدول العربية، وليس له أي فعل أو نشاط أو مبادرة خاصة بعد هزيمة حزيران 67.
5. رفضت حركة فتح إعلان منظمة التحرير تشكيل مجلس قيادة الثورة لتحرير فلسطين، واعتبرته تجاوزاً للحقائق على الأرض، وأنه مجرد كيان وهميّ.
6. تصاعدت حدة أزمة التحرير الفلسطينية بعد رفض منظمات فدائية كبيرة التعامل معها، وانضمام عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة إلى صفوف الرافضين حتى استقال الشقيري، وتولى مكانه يحيى حمودة رئاستها.
7. في 10 يوليو 1968 دخلت "حركة فتح" المنظمة من بوابة المجلس الوطني الرابع؛ حيث اعتبرت المجلس الوطني أرضاً مشتركة مقبولة، وذلك بشرطَين:
الأول: ألاّ يعني دخولها إلى المنظمة قبولها بالطريقة التي أنشئت بها، بصفتها ممثلة للكيان الفلسطيني بقرارات مؤتمر القمة العربي؛ لأن ذلك يجعلها منظمة قومية، مرتبطة بالواقع العربي الرسمي؛ ما يعكس تناقضاته عليها.
الثاني: أن تظل "حركة فتح" بما فيها قواتها "العاصفة"، محافظة على شخصيتها الاستقلالية، وتنظيماتها السرية، ومنطلقاتها الوطنية.
كما اشترطت أن يتضمن المجلس الوطني اشتراك الهيئات والمنظمات الفلسطينية كافة، واستقلاله الكامل عن جميع الحكومات العربية، وفرز مناضلي الصالونات من الحركات الفدائية؛ وأكدت أن أهمية هذا المجلس الوطني تنبع من ضرورة قضية وحدة التنظيمات الفلسطينية المقاومة، ونقل الكفاح المسلح إلى مرحلة أعلى.