قضية فلسطين جعلت لكل منا لقب "شهيد، أسير، فدائي، مطارد، معتقل، مبعد" فهذا قدرك حين تكون ابن البلد المحتل، وقد تحصل على أكثر من لقب كما حدث مع المحررة الشهيدة ابتسام كعابنة – 28 عاما- حين أطلق جنود الاحتلال الاسرائيلي الرصاص عليها وهي تقطع حاجز قلنديا.
حكاية كعابنة ليست جديدة فهذا حال حرائر فلسطين الموجع، فقد اعتاد الاحتلال الإسرائيلي قتلهن بدم بارد ودوما الحجة "تحمل سكينا" لتنفيذ عملية طعن، لكن عدسات الكاميرات في المكان كما جرت العادة كشفت كذبهم وهم يترصدونها لإطلاق النار.
لم يكتف الجنود بقنصها بل رفضوا وصول سيارة الإسعاف لإنقاذها وتركوها تنزف حتى فارقت الحياة، ثم بعد أربعون دقيقة سمحوا بدخول الإسعاف واغلقوا الحاجز في كلا الاتجاهين.
ردود فعل غاضبة ومستنكرة على جريمة القتل التي ارتكبها الاحتلال، فممرات العبور بدلا من أن تكون للتنقل بين بلدات وقرى الضفة المحتلة تحولت إلى ممرات قتل وتصفية بسبب جبروت المحتل واستبداده.
حالة من الغضب والاستنكار انتابت الاسيرات المحررات اللواتي رافقنا "كعابنة" داخل زنازين الأسر، فهي ابنة مخيم "عقبة جبر" قرب أريحا، اعتقلت في أغسطس 2016 وحكمت بالسجن لمدة عام ونصف.
حين نالت الشهيدة حريتها في 2018 بقيت صورتها عالقة في الاذهان لاسيما وابتسامتها كان فيها قوة ونصر على المحتل، عانقت حينها صغيرها كثيرا فقد كان يشغل بالها طيلة سجنها وهي تنتظر لحظة الافراج لاحتضانه.
سيرة الشابة كعابنة عالقة في أذهان كل من عرفها، فسرعان ما كتبت الناشطة المقدسية هنادي الحلواني عبر صفحتها الفيسبوك عند علمها بالخبر:" لم يكن الأمر سهلاً أن أُدرك أنّ التي انعدمت اليوم على أحد الحواجز العسكريّـة هي الأسيرة المحررة "ابتسام كعابنة (..) لقد كان وقع الخبر ثقيلاً، لكنه صار أثقل حين عرفت اسمها، وتذكرتها".
وتحكي أنها صادفتها في السجن عام 2017 وعاشا في ذات الغرفة، فتذكرت هدوءها وحنانها، وقراءتها للقرآن، قيامها للصلاة في موعدها، عدا عن استيقاظها باليل خوفا على طفلها وتفكيرها به.
بينما علقت الاسيرة المحررة شيرين العيساوي على استشهاد زميلتها بالأسر:" صدمني الخبر، ابتسام إحدى رفيقاتي بالزنزانة(..) كانت رصينة صاحبة الابتسامة الخجولة".
وتابعت:" كانت طالبتي المجتهدة في دروس اللغة الإنجليزية والعبرية داخل المعتقل (..) ابتسام الأم التي ذرفت دموعها سرا في ليالي المعتقل الكئيبة شوقا لطفلها".
بدورها استنكرت لجان المقاومة الفلسطينية جريمة "إعدام الأسيرة المحرَّرة ابتسام كعابنة، بدم بارد". وقالت، في تصريح صحافي لها إن "استمرار جرائم الاحتلال تستدعي إطلاق العنان للمقاومة في الضفة، وملاحقة قادته في المحافل الدولية".
واعتبرت لجان المقاومة أن هذه الجريمة استمرار وتواصل لمسلسل جرائم العدو بحق الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أنها دليل واضح على أن المقاومة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها عدونا.
وفي كل مرة يقتل فيها الاحتلال فلسطينيا على معبر الموت (قلنديا) كما يصفه المواطنون هناك، تنتفض الضفة غضبا لإيلام المحتل والأخذ بثأر الشهداء والجرحى.