قائمة الموقع

في غزة.. الوضع البيئي كارثي وبحاجة لتدخل عاجل

2021-06-14T11:13:00+03:00
غزة – مها شهوان

لا تقتصر خسائر كل معركة عسكرية يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، على عدد الشهداء والإصابات وتدمير البيوت والمنشئات الصناعية، بل تكمن بالكارثة البيئية نتيجة استخدامه لأحدث أنواع الأسلحة التي تحتوي على مواد كيميائية جديدة تدمر التربة وتلوث الهواء بالسموم القاتلة.

وفور انتهاء معركة "سيف القدس" حذرت وزارة الزراعة بغزة من كارثة بيئية شمالي قطاع غزة، بعد استهداف (إسرائيل) لمخازن مواد زراعية، مما أدى إلى لاشتعال النيران لعدة أيام، وتلك الحرائق تسببت في تسريب كميات كبيرة من الغازات والمواد الكيميائية السامة والخطيرة إلى البيئة، ما سيؤدي لأضرار بالصحة العامة.

كما وأن الأضرار بفعل الأسلحة الحديثة أدى إلى تلوث عناصر البيئة المستدامة مثل التربة ومياه الخزان الجوفي.

يقول الخبير البيئي أحمد حلس عن مدى خطورة سحابات السموم التي تشكلت شمال قطاع غزة وامتدت لمناطق ذات كثافة سكانية:" للأسف البيئة هي الأكثر ضعفا في قطاع غزة بفعل سنوات الحصار والحروب على قطاع غزة والتي أدت لتدمير كل العناصر والمواد البيئية، بالإضافة الى مشكلات أخرى مرتبطة بالنمو السكاني وغياب التنمية الحقيقية بسبب الاحتلال".

وذكر حلس "للرسالة" أن السحب كانت نتيجة إلقاء القنابل والصواريخ على القطاع المكتظ بالسكان، مبينا أن تدمير المخازن المقامة على ستة دونمات والتي احتوت على مواد كيماوية مركزة ومركبة تستخدم في صناعة المبيدات الزراعية ومكافحة الآفات والميكروبات، حيث كانت توجد في حاويات كبيرة وعند القصف نتج عنها ارتفاع درجات الحرارة أحرقت كل شيء مما شكل سحابات نقلت تلك المواد لكل الاتجاهات.

وبحسب قوله فإن هذه السحب انتقلت الاف الأمتار باتجاه بيت حانون وجباليا وهبطت على التربة الزراعية وسممتها، مشيرا إلى أن سياسة الاحتلال معروفة ولا تستهدف البشر فقط بل وسائل عيشهم عبر المحاصيل الزراعية.

وفي سؤال حول إمكانية نجاة البيئة من التلوث والسموم أجاب حلس:" للأسف لا يوجد أي ضمان "، متابعا: شرعنا لتنفيذ دراسة لتقييم الأضرار البيئية كونه لا يمكن تحديد الخطر دون أخذ الفحوص من التربة والخزان الجوفي.

وأوضح حلس أن هناك الكثير من المركبات الكيميائية غير سامة لكن حين تختلط بمواد أخرى ينتج عنها مواد غاية في السمية والخطورة، عدا عن أن بعض المواد حين تتعرض للحرارة والهواء يحدث لها تحول وتصبح سامة في التربة.

وفيما يتعلق بمدة تداعيات القصف على البيئة، يشير إلى أن التحديد صعب لعدم وتوفر الإمكانيات التكنولوجية المتقدمة لفحص الكثير من أنواع المركبات الكيميائية، مؤكدا وجود الكثير من مساحات الاراض الزراعية لا يمكن زراعتها من حروب ماضية، حيث أن أكثر النباتات تحملا للمواد السامة فشلت زراعتها في أراض تم قصفها من خلال الاحتلال الذي يمارس التسحر ضد التربة.

وفي السياق ذاته ذكر عقل أبو قرع الخبير البيئي في مقال له أن من ضمن التأثيرات البيئية المتوقعة وبعيدة المدى للحرب على غزة، هو احتمالات تلوث المياه، ومعروف أن أكثر من 95% من المياه في بلادنا هي جوفية.

وتابع أبو قرع أنه قبل التصعيد الأخير، كانت التقارير تشير إلى أن أكثر من 90% من المياه في غزة ملوثة ولا تصلح للاستخدام البشري حسب المعايير الدولية، لافتا إلى أن تلوث المياه في غزة بالمواد

الكيمائية، سواء الناتجة من "المياه العادمة، المبيدات والأسمدة الكيميائية، مشتقات البلاستيك والمواد الصناعية الأخرى".

وبين أن تلك الملوثات تتسرب من خلال التربة الرملية الى مصادر المياه الجوفية، وبعد هذه الحرب يمكن تصور الكميات الكيميائية الهائلة التي تم اضافتها الى التربة في غزة، وبالتالي احتمالات وصولها الى مصادر المياه، ومن ثم زيادة الوضع سوء بالمقارنة ما كان عليه قبل المعركة الأخيرة.

أما التأثيرات البيئية لاستعمال اليورانيوم المنُضب والمتوقع استخدامه في الصواريخ الحديثة التي ضربت قطاع غزة فهي وخيمة ويمكن أنتبقى في البيئة لمئات وربما لآلاف السنين، حيث يتراكم في التربة وينتقل في النظام البيئي، ويتحلل ببطء شديد، وبالتالي فإن عملية التخلص منه تبدو غير عملية على الإطلاق.

وختم مقاله" إن كان الوضع البيئي في قطاع غزة، قبل بدء العدوان من السهولة وصفه بالوضع الكارثي، فأن يمكن تصور الكارثة البيئية القادمة بعد وصول مئات الالاف من المواد الكيميائية الى النظام البيئي في غزة خلال هذا العدوان.

وأكد أن القطاع يكون بحاجة لاعتبار الاوضاع البيئية في غزة من الاولويات الوطنية، سواء اكان ذلك من قبل الجهات الرسمية أو المنظمات المحلية والدولية الفاعلة في مجال البيئة، وبالأدق الاثار البيئية بعيدة المدى المتوقعة من تلك الحرب.

اخبار ذات صلة