قرب مسجد الفاروق في حي الشابورة برفح، وقف عشرات الصغار في طابور طويل سعيا للوصول إلى جندي القسام الذي يدون أسماء الملتحقين في مخيمات "سيف القدس".
من تنطبق عليه الشروط تنفرج اساريره فرحا، فيخرج مهللا "الله أكبر، بدي أصير قسامي".
مع كل تكبيرة يتحمس الصغار أكثر، وما هي الا دقائق قليلة حتى قطع طابورهم رجل سبعيني ظن الجميع أنه جاء ليسجل أحد أحفاده، لكنه أخرج بطاقته الشخصية وطلب من الجندي تسجيله في المخيم فقال له سجل "سليمان المشوخي، 76 عاما، ضابط في جيش التحرير الفلسطيني زمن أحمد الشقيري".
التقطت صورة للرجل السبعيني وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والسؤال كان "لماذا يلتحق بالمخيم وهو بهذا العمر وهذا المنصب؟"، ليجيب "الرسالة" بثقل لسانه بعد تعرضه لجلطة دماغية:" لتشجيع الصغار كي لا ينسوا قضيتهم كما راهنت (إسرائيل ..) وتحفيزا لهم لإكمال مسيرة الجهاد حتى التحرير".
حين علم أحفاده بالتحاقه في المخيم وأنه سجل اسمه بالفعل، تحمسوا أكثر ونزلوا بحثا عن نقاط التسجيل ليكونوا وجدهم في المخيم سوية.
الرجل وهو من قرية "صرفند العمار" كان صغيرا في المهد حين رحلت عائلته إلى قطاع غزة عام 1948، لكنه كما جيله ومن سبقوه لايزال يردد على ابنائه سنعود إلى قريتنا، فهو يحتفظ بورقة تثبت ملكيته لأرض والده هناك.
المشوخي بطبعه رجل عسكري، فهو من أوائل الملتحقين في جيش التحرير الفلسطيني، وكما يصف "كنا في كر وفر في مقارعة الاحتلال الإسرائيلي"، مشيرا أنه بعد احتلال قطاع غزة ورحيل جنود الشقيري خارج البلاد بقي وعدد قليل من الضباط رفضا للهجرة مرة أخرى.
خلال عمله في العمل العسكري قطع اصبعه في إحدى المواجهات لكنه واصل دون توقف، وحين انتهى عمله في الجيش كان يشجع أولاده وهم شباب خلال الانتفاضة الأولى ويدربهم على مواجهة الجنود الإسرائيليين.
ورغم ابتعاده عن العمل العسكري منذ عشرات السنين، الا أن قصص الجيش ومقارعة المحتل حاضرة في أحاديثه مع أصدقائه وعائلته، عدا عن أنه يحتفظ بزيه العسكري الذي يرتديه في كل حفلة يدعى اليها، ويحرص أيضا على ارتداء الزي الفلسطيني القديم وحمل السيف.
ويصف مقاومة غزة بأنها في أبهى صورها، معلقا: هذه أيام عز نقترب من تحرير البلاد أكثر من أي وقت مضى (..) لابد من تشجيع الجيل الجديد على تشبثه بالأرض وتدريبه على مقاومة المحتل".
وكانت حركة حماس أعلنت انطلاق مخيمات "سيف القدس" وهو الاسم الذي أطلقته على جولة التصعيد العسكري الأخيرة مع (إسرائيل) الشهر الماضي، وتستهدف فئات طلبة الإعدادية والثانوية والجامعية، بالإضافة إلى مرحلة كبار السن بهدف إشعال جذوة الجهاد في جيل التحرير وزرع القيم وإعداد جيش النصر المرتقب لتحرير فلسطين.
ومنذ صيف 2015 تطلق كتائب القسام مخيمات صيفية تحت اسم "طلائع التحرير" في قطاع غزة، وعادةً ما تشمل المخيمات التدريبات والمهارات العسكرية، والرماية بالذخيرة الحية، والمهارات الكشفية والمواعظ، بالإضافة إلى دورات في الدفاع المدني والإسعافات الأولية.