قائمة الموقع

سلاح الأمن بالضفة.. اغتيال نزار مسموح والتصدي للاحتلال ممنوع

2021-06-24T09:28:00+03:00
سلاح الأمن بالضفة.. مسموح بقتل نزار وممنوع عن الاحتلال  
 الرسالة نت  - شيماء مرزوق

استيقظت الأراضي الفلسطينية صباح اليوم الخميس على جريمة اغتيال أمن السلطة الفلسطينية في الخليل المحتلة للناشط السياسي نزار بنات، وذلك عقب ساعات قليلة من اعتقاله الساعة الثالثة والنصف فجرا.

وتعرض بنات للضرب العنيف لحظة اعتقاله عندما هاجم منزله أكثر من 25 مسلحا من الأجهزة الأمنية، مما أدى الى وفاته لاحقا بعدما اقتادوه الى جهة مجهولة.

جريمة الاغتيال السياسي تفتح باب التساؤلات حول سلاح الأمن وقوته التي تقتل نزار، وفي الوقت ذاته محرمة أن تتوجه الى الاحتلال.

فبدون سيادة على أراضيها تعمل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث يهيمن جيش الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية بالكامل، حتى تلك الخاضعة لسيطرة السلطة وفقا لاتفاقات أوسلو الموقعة عام 1993.

ورغم هشاشة السلطة الا أنها تمتلك مؤسسة أمنية تحظى بأكثر من 20% من الموازنة العامة، مع عقيدة أمنية باتت تسيطر عليها فكرة الدولة، وتتجاوز مشروع التحرر الوطني.

ومع ضخ الكثير من الإمكانيات والأموال على الأمن في الضفة، الا أن المؤسسة الأمنية للسلطة فشلت منذ تأسيسها في حماية الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمارس بحقهم كل أنواع الانتهاكات والاعتداءات.

ومع الوقت بات واضحاً لدى الفلسطيني أن الأمن لحماية الاحتلال، وبدلًا من تمكين الفلسطينيين من مقاومة هذا الاحتلال، ساهمت السلطة في تجريم النضال الفلسطيني من أجل الحرية.

وبدلاً من الاعتراف بالمقاومة كرد فعل طبيعي على الاضطهاد، تصنِّف السلطةُ الفلسطينية، كما (إسرائيل) والمجتمع الدولي، المقاومةَ بأنها "إرهاب"

اللافت أن كل التعاون الأمني من أجهزة السلطة لم يشفع لها بل كانت في محطات عدة مستهدفة لكونها متواجدة في أراض فلسطينية، وقبل أيام أطلقت قوات الاحتلال النيران على قوات فلسطينية تصدت لمحاولة اجتياح منطقة في جنين، حيث استشهد اثنان من عناصر الامن الفلسطيني.

تلك الحادثة دفعت قوات الأمن إلى اصدار المزيد من التعليمات لعناصرها وضباطها بمنع إطلاق النار أو التصدي لقوات الاحتلال بالمطلق ووصفت التصدي لها بالعمل المتهور، وهو تفسير يتماشى مع فلسفة العمل الأمني في الضفة الذي يعمل لخدمة الاحتلال.

وفي دراسة أعدتها شبكة السياسات الفلسطينية ذكرت أنه بعد العام 2007 جرت عملية إعادة تأهيل لقوات الأمن وضخت أموال هائلة لاستحداث وسائلَ جديدة لحماية المحتل الإسرائيلي، وأوجدت بالتالي مساحات "مؤمَّنة" يستطيع المحتل أن يتحرك بحرية فيها تنفيذًا لمشروعه الاستعماري.

ما كان لهذا التطور أن يُفضي سوى إلى نتيجتين: تعاونٌ "أفضل" مع سلطة الاحتلال على نحو رسَّخ عنه الوضع الراهن الهدام، وانتهاكٌ أكبر لأمن الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية على يد حكومتهم وقوات أمنهم الوطنية.

الإشكالية الأهم أن السلطة تمارس هذا الدور وتكبل يد أجهزتها عن الاحتلال فيما قوات الاحتلال لا تتوانى عن قتل عناصر الامن الفلسطيني، ورغم ذلك باتت هذه المسألة جزءا من عقيدة الأمن في الضفة.

وكان لافتا ما جرى تسريبه من فيديو مدير العلاقات العامة والاعلام في جهاز المخابرات في الضفة والذي انتقد فيه المقاومة في غزة قائلاً "اول صاروخ أطلق من غزة حرف البوصلة عن القدس؟

وأضاف "أقدر وضع الناس العاطفي لكن لا أقدر أن يرفع أبناء فتح (اللي منا وفينا) رايات حماس على المفترقات.. هذا خلل كبير تتحمل القيادة مسؤوليته".

وتعكس هذه الكلمات العقيدة الأمنية التي زرعت لدى أمن الضفة، لكي يجرم المقاومة ويرى فيها حرفا للبوصلة الوطنية عن القدس.

ورغم أن السلطة اعتمدت التنسيق الأمني منذ أوسلو الا أن ما جرى في عهد أبو مازن مختلف للغاية، فقد وضع عقيدة أمنية قائمة على قمع الفلسطيني وإسكات صوته، والتعاون حتى النخاع مع الاحتلال وذلك لمنع تكرار ما جرى خلال الانتفاضة الثانية من توجه سلاح الأمن نحو الاحتلال وضمان أن يبقى مشرعاً في وجه الفلسطيني فقط.

وبعد تأسيس السلطة بقيت ملتزمة بالتنسيق، ولكن بمجرد اندلاع الانتفاضة وجهت عناصر السلطة سلاحها للاحتلال.

وكان أول اختبار لتلك القوات خلال "انتفاضة النفق" العام 1996، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة بينها وبين الجيش الإسرائيلي، قبل أن يتكرر السيناريو نفسه خلال الانتفاضة الثانية مع بداية العام 2000 بتدمير (إسرائيل) معظم مقار الأمن الفلسطيني في المدن كافة، بعد اتهامها بالانخراط في عمليات مسلحة ضد الإسرائيليين.

الحالة السابقة لم تستمر طويلا، فقد طالبت "خريطة الطريق" للجنة الرباعية الدولية عام 2003 "بإعادة بناء أجهزة أمن السلطة وإعادة تركيز رؤيتها" على مواجهة "أولئك الضالعين في الإرهاب"، وتفكيك "قوات الإرهابيين وبناهم التحتية".

وبعد عامين، نُفّذ ذلك عملياً عبر تبني السلطة الفلسطينية استراتيجية "سلاح شرعي واحد، قانون واحد، سلطة واحدة"، بعد إنشاء بعثة الشرطة الأوروبية لتنسيق الدعم مع الشرطة المدنية الفلسطينية، ومكتب التنسيق الأمني الأميركي، وأدى ذلك إلى حسم التناقض بين مشروعي التحرر الوطني والدولة لمصلحة الأخيرة.

وشمل إعادة تأسيس المؤسسة الأمنية إلى جانب إقامة أجهزة دولة يصفها كثيرون "بالمتضخمة"، بحمل عقيدة واحدة وهي محاربة المقاومة والتنسيق الأمني مع الاحتلال.

وتستحوذ المؤسسة الأمنية البالغ عدد أفرادها 53 ألفاً على نحو 20 في المئة من موازنة السلطة الفلسطينية (مليار دولار)، غالبيتها تذهب رواتب، متقدمة بذلك على قطاعات الصحة والتعليم.

اخبار ذات صلة