تشير دراسة جديدة نشرت بتاريخ 17 يونيو/حزيران الجاري في دورية "جيوساينس فرونتيرز" (Geoscience Frontiers) إلى أن لكوكبنا "نبضات" تشبه نبضات قلب الإنسان، إلا أنها بطيئة وتتكرر مع فاصل زمني ثابت يقارب 27.5 مليون سنة.
ووجد فريق الدراسة من جامعة نيويورك (New York University) في الولايات المتحدة الأميركية أن هذا النبض يرتبط ارتباطا وثيقا بالأحداث الجيولوجية الكارثية والفاصلة في تاريخ الأرض، بما في ذلك النشاط البركاني والانقراض الجماعي وإعادة تنظيم الصفائح التكتونية وتغير ارتفاع مستوى سطح البحر، إضافة إلى أحداث المد والجزر الكارثية.
الأحداث الكارثية ترتبط ببعضها بعضا
درس الباحثون 89 حدثا جيولوجيا على مدى 260 مليون سنة ماضية التي شهدت عصر الديناصورات وانقسام القارة الأم بانجيا (Pangea) لتشكل قارات العالم الحديث.
ووجدوا أن مجموعة من الأحداث الجيولوجية الفارقة في تاريخ الأرض، والتي تجاوز عددها الثمانية، كانت قد وقعت ضمن فترات زمنية متقاربة جدا من بعضها بعضا، لتشكل بذلك نبضة كارثية في تاريخ كوكبنا تتكرر كل فاصل زمني يقدر بـ27.5 مليون سنة.
تشمل هذه الأحداث أوقات الانقراض الجماعي الكارثي البحري وغير البحري، وأحداث نقص الأكسجين في المحيطات، والانفجارات القارية، وتقلبات مستوى سطح البحر، والانفجارات البركانية المترافقة مع تغير حركة الصهارة ضمن القشرة الأرضية، وإعادة تنظيم الصفائح التكتونية.
وقد أوضح الباحثون أن العديد من الأحداث التي تمت دراستها كانت مرتبطة بشكل أو بآخر ببقية الأحداث، كارتباط أحداث نقص الأكسجين بأحداث الانقراض البحري الجماعي الكارثي.
وقد صرح مايكل رامبينو، وهو جيولوجي بجامعة نيويورك والمؤلف الرئيسي للدراسة، في البيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurekalert) بأن "العديد من علماء الجيولوجيا بعتقدون أن الأحداث الجيولوجية عشوائية ولا ترتبط بزمن معين، إلا أن دراستنا تقدم دليلا إحصائيا عن التفاعل المتبادل ما بين الأحداث الجيولوجية".
20 مليون سنة تفصلنا عن النبضة التالية
لم تقدم الدراسة توصيفا حقيقيا دقيقا للسبب الكامن وراء تلك النبضات الكارثية، كما أنها لم تقدم تفسيرا لقيمة الدور الزمني لتكرار هذه النبضات.
وأوضح الباحثون في دراستهم أن هذه النبضات التي تحدث بشكل دوري في الصفائح التكتونية وتغير المناخ قد تكون نتيجة للعمليات الجيوفيزيائية المتعلقة بديناميات الصفائح التكتونية وأعمدة طبقة الوشاح.
كما أنهم رجحوا أن تكون الدورات الفلكية المرتبطة بحركات الأرض ضمن كل من النظام الشمسي والمجرة سببا في تسريع تلك الأحداث. ورجح باحثون آخرون أن تكون ضربات المذنبات سببا في تلك النبضات الكارثية أيضا.
ولوقت طويل كانت دورة الأحداث الجيولوجية مثار جدل بين الباحثين، إلا أن الدراسات السابقة عموما قد وضعت مجالا زمنيا لتكرار حدوث تلك الكوارث الجيولوجية التي تغير تاريخ الأرض بشكل كبير، والذي يتراوح ما بين 26.2 و30.6 مليون سنة.
ومع صدور نتائج الدراسة التي قدمها باحثو جامعة نيويورك والتي تتوافق مع سابقاتها، يمكن القول بأنه لا يزال أمامنا "لحسن الحظ" ما يقارب من 20 مليون سنة أخرى قبل وقوع "النبضة" التالية.
المصدر : يوريك ألرت