تدرك قيادة السلطة الفلسطينية أن استمرار وتصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية ضد سياستها ورفضا لقبضتها الأمنية البوليسية على الموطنين؛ من شأنها أن تهدد بقاءها في ظل حالة السخط الشعبي عقب اغتيال أجهزة أمن السلطة للناشط والمعارض السياسي نزار بنات.
منذ يومين تخرج مظاهرات في مدينتي الخليل ورام الله بالضفة الغربية احتجاجا على وفاة الناشط بنات، ويطالب المشاركون في الاحتجاجات برحيل رئيس السلطة محمود عباس واسقاط النظام، مما دفع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة إلى القمع وإطلاق الغاز المسيل للدموع على المشاركين فيها.
ودعا أهالي معتقلي بلدة عوريف للمشاركة في الوقفة التضامنية غدا الأحد في تمام الساعة الـ11 صباحًا أمام دوار نابلس، للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم المضربين عن الطعام رفضًا لاعتقالهم السياسي في سجون السلطة.
ويُعرف نزار بانتقاداته المستمرة للسلطة الفلسطينية وفسادها، وكان آخرها نشره فيديو طالب فيه بالكشف عن فساد صفقة لقاح فيروس كورونا بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي ودعا النائب العام إلى محاسبة المسؤولين عن الصفقة.
وتخشى السلطة من استمرار وتيرة الاحتجاجات وامتدادها لمناطق أخرى بالضفة، مما دفعها إلى عقد اجتماع أمني عالي المستوى في مكتب عباس لمناقشة المخاوف المترتبة على قتل الناشط بنات، وفق ما ذكرته مصادر مُطلعة لوكالة الصحافة الفلسطينية "صفا".
وأفادت المصادر أن الاجتماع كان "مرتبكا" وناقش "سيناريوهات مخيفة" للسلطة وطرق التعامل معها، في ظل رسائل وجهتها جهات محلية وأخرى دولية، ولاسيما أوروبية، للسلطة تطالب بإجراء تحقيق شفاف ومحاسبة منفذي الجريمة.
ويعتبر الكاتب الإسرائيلي في صحيفة يديعوت احرونوت العبرية اليؤور ليفي أن حادثة قتل الناشط نزار بنات جاءت في وقت سيء للغاية بالنسبة للسلطة التي تراجعت شعبيتها في أعقاب التوترات في المسجد الأقصى والمعركة الأخيرة مع قطاع غزة.
ويفيد الكاتب الإسرائيلي بأنه ليس واضحا ما كان يأمل قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في تحقيقه من هذا الاعتقال العنيف ثم القتل في مثل هذا الوقت ومع ذلك قرروا المضي فيه، والآن عليهم أن يدفعوا الثمن أمام جمهور لم يعد يخشى الخروج والتظاهر ضد أبو مازن.
قبضة حديدية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية عقب اغتيال الناشط بنات يشوبها حكم القبضة الحديدية "وشاهدنا كيفية اعتراض أجهزة السلطة لبعض المسيرات التي خرجت في مدن الضفة تطالب برحيل السلطة وإنهاء حكمها".
ويوضح الغريب في حديثه لـ"الرسالة" أن هناك قرارا أمنيا فلسطينيا لاستكمال جريمة قتل واغتيال بنات، باستمرار حالة العربدة والسطوة الأمنية اتجاه المواطن الفلسطيني وحرمانه أبسط حقوقه المشروعة وفق ما كفله القانون الأساسي الفلسطيني.
ويبين أن هناك مخاوف كبيرة وتحذيرات إسرائيلية من أن تكون هذه شرارة بداية اهتزاز السلطة وسقوطها، مما يزيد خشيتهم من الأحداث الجارية حال تصاعد الاحتجاجات وانهيار منظومة السلطة.
ويشير الغريب إلى أن (إسرائيل) حريصة على وجود السلطة ولن تسمح بذلك وربما تدعم بقاءها بطريقة أو أخرى في ظل حالة لا يستفيد منها سوى الاحتلال وقيادات السلطة، خاصة أنه لم يبق مشروع وطني فلسطيني يمكن أن تراهن عليه القيادة الحالية سوى المصالح الشخصية.