برزت بلدة سلوان واحدة من أبرز الأطماع الإسرائيلية التي يستهدفها الاحتلال بشكل يومي خلال السنوات الماضية في القدس المحتلة، لاسيما أنها البلدة الأكثر التصاقا بسور القدس التاريجي، والحامية الجنوبية والجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى.
ويحاذي سلوان من الشمال المسجد الأقصى المبارك وسور البلدة القديمة، وحي المغاربة الذي دمره الاحتلال بعد حرب 1967، ومن الغرب حي النبي داوود وحي الثوري، ومن الجنوب أراضي بيت صفافا والتي أقيم عليها معسكر الجيش البريطاني وجبل المكبر، وعرب السواحرة الغربية، ومن الشرق قرى أبو ديس والعيزرية والطور.
وكانت أراضي بلدة سلوان تمتد حتى منطقة الخان الأحمر بين مدينتي القدس وأريحا، لكن الاحتلال وضمن مخططاته التهويدية صادر معظم أراضيها، واقتصرت البلدة الان على 12 حيا فقط، وبمساحة 5421 دونما.
ويستوطن سلوان 2800 مستوطن يتوزعون في 75 بؤرة استيطانية بالبلدة.
وقسمت بلدية الاحتلال البلدة إلى عدة أحياء، منها: وادي حلوة الذي يعتبر أكثر أحياء سلوان استهدافا من المستوطنين، وحي البستان الذي ينوي الاحتلال إزالته لإقامة حديقة توراتية مكانه، ووادي ياصول الذي يعتبر حديقة وطنية حسب ما يزعم الاحتلال بوصفه، رأس العمود، عين اللوزة، الثوري، بئر أيوب، الشياح، وغيرها.
ويحيط خطر التهجير القسري بنحو 7 آلاف و500 فرد يعيشون في 6 أحياء بسلوان، ويطال التهديد لأهالي البلدة، إما من خلال مزاعم حجة البناء غير المرخص، أو التهجير والطرد لصالح جمعيات استيطانية متطرفة.
ويبلغ عدد سكان حي وادي حلوة حوالي 5 آلاف نسمة، فيما يزيد عدد سكان حي البستان عن 1200، وحي بطن الهوى 700، وحي وادي الربابة 350 وحي وادي ياصول 600 نسمة.
المشاريع التهويدية
ويزعم الاحتلال أن سلوان كانت نواة البداية لدولة اليهود الأولى قبل ٢٥٠٠ عام؛ ويريد إثبات أحقيتهم بها بعد أن فشل في إيجاد أي دليل أو حضارة؛ ولذلك فإن الحفريات مستمرة أسفل أحيائها، ولكن الهدف الحقيقي لتهويد سلوان هو إبعاد السكان عن منازلهم وخاصة المحيطين بالمسجد الأقصى المبارك، كما يذكر الخبير في شؤون الاستيطان والباحث الميداني فخري أبو دياب تحدث سابقا لـ"عربي21".
المشاريع التهويدية تبدأ بالقصور الأموية التي هي جزء من سلوان وملاصقة للسور الجنوبي للمسجد، وذلك لإقامة ما تسمى بمرافق الهيكل وهي البداية والخطوة الأولى لإقامة الهيكل المزعوم، والخطوة الثانية هي منطقة وادي حلوة والتي يدعي الاحتلال أنها كانت منطقة إدارة الحكم لدولة اليهود الأولى حسب زعمهم.
والمخطط الآن يتم لمشروع "كيدم" الضخم بمساحة ١٣ ألف متر مربع لإقامة متحف توراتي ومركز خدماتي لترويج الروايات التهويدية في سلوان؛ وأيضا لمراقبة المسجد الأقصى خاصة أنه يبعد أمتارا عن السور الجنوبي للمسجد.
وقام الاحتلال بحفر 21 نفقا ما زال يعمل عليها حتى الآن لتحطيم الإرث الحضاري في هذه المنطقة والتاريخ؛ وتزوير بعضها ليحيك الخيوط لإقامة حضارة مزورة تثبت أحقية "اليهود" فيها زوراً.
أما منطقة وادي الربابة ففيها الكثير من المشاريع التهويدية على الأرض وتتم تهيئة المنطقة لإقامة القطار الهوائي الذي يبدأ من الجزء الغربي من القدس وصولا إلى باب المغاربة والالتفاف على البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
وفي منطقة واد ياصول هناك محاولة تهويد وعدم إعطاء تراخيص وأوامر هدم للمباني القائمة؛ وهي منطقة مهددة بإقامة مشاريع تهويدية ومسارات توراتية، بحسب أبو دياب.
وفي حي بطن الهوى هناك نية لإقامة مشاريع تهويدية بعد مخطط طرد ٨٦ عائلة والاستيلاء على منازلها بادعاء ملكية اليهود للأراضي منذ عام ١٨٩٠، وإقامة مجمع خدماتي لترويج روايات ومعلومات عن اليهود والحضارة اليهودية.
وأشار أبو دياب، إلى أن مشروع المقابر الوهمية من أهم المشاريع التهويدية في البلدة وهو عبارة عن قبور فارغة لا يوجد فيها شيء لإثبات أنهم كانوا هنا وأنها شاهد على وجودهم، كما أنه يوجد مشروع لإقامة جسر تهويدي من منطقة الثوري وصولا إلى باب المغاربة فوق وادي الربابة، ومشروع آخر لتكملة القطار الذي يبدأ بالساحل الفلسطيني وصولا إلى المالحة والأجزاء الغربية من القدس ليصل إلى مستوطنات شرقي القدس.
وأضاف: "الوجه الحضاري للمنطقة هو هدف من أهداف الاحتلال؛ وذلك لإغلاق الأفق أمام الأقصى وإحاطته بالمشاريع التهويدية لذلك فهو يسعى لتهويدها، ففي سلوان صدر 6817 أمرا بالهدم ما يؤثر على سكانها خاصة في ظل عدم إعطائهم تراخيص لبناء منازلهم مهما حاولوا واستوفوا الشروط القانونية لذلك، ولكنها سياسة بعدم إعطاء تراخيص لادعاءات شتى، بحيث يعطى المستوطن ولكن المقدسي لا يعطى"، بحسب أبو ذياب.
المخطط الرئيسي
حي بطن الهوى في سلوان تصدر الأخبار خلال الفترة الماضية؛ وذلك بسبب نية الاحتلال طرد عشرات العائلات من منازلها لصالح المستوطنين.
وبدأت الهجمة على بطن الهوى منذ عام 2015؛ حيث سلم الاحتلال أوامر بإخلاء عدد من المنازل بحجة أحقية المستوطنين لها منذ عام 1890، ومع حلول عام 2018 تم تسليم 86 عائلة أوامر بالإخلاء.
والمخطط الرئيسي وراء كل هذه الحملة هو الاستيلاء على المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم؛ حيث بدأت القضية من حي وادي حلوة وحفر الأنفاق أسفله وصولا إلى المسجد، وهذا الأمر شعر به أهالي الحي من خلال التشققات لعشرات المنازل التي باتت فارغة بقرار الاحتلال بحجة أنها غير آمنة للسكن بسبب الأنفاق.
ويحاول اليوم الاحتلال أن ينشئ الحدائق التوراتية في أحياء بلدة سلوان؛ فيسعى إلى الاستيلاء على المنازل وهدمها لتوسيع ما يسمى الحوض المقدس الذي يشمل أحياء الشيخ جراح وواد الجوز ورأس العامود وجبل الزيتون وسلوان.