يقترب الصوت أكثر، يرتجف قلب الأطفال في حي البستان ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، تسأل الأمهات خوفًا: "جرافة البلدية؟، فيجيب الطفل وائل: لا، ليس بعد!
حالة من القلق والخوف الشديدين، تعيشها العائلات المقدسية مع انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ بلدية الاحتلال هدم منازلهم وتهجيرهم قسرًا من سلوان!
صبيحة اليوم، تحول القلق والخوف واقعا، عندما شرعت آليات الاحتلال بهدم المحل التجاري لعائلة الرجبي في حي البستان.
جس نبض!
جولات مكثفة من بلدية الاحتلال والشرطة لم تتوقف في البلدة منذ صباح الأحد، والتي باتت عملية جس نبض العائلات هناك وردات الفعل، وفق عضو لجنة الدفاع عن بلدة سلوان فخري أبو دياب في حديثه "للرسالة".
انتهت المهلة التي حددتها بلدية الاحتلال الإسرائيلي لهدم 13 منزلًا في حي البستان، بحجة البناء دون ترخيص، وبدأت عملية الهدم!
قبل ساعات من دخول جرافات الاحتلال الى الحي، وصلتنا أسئلة أطفال البلدة، "متى ستأتي جرافات الهدم؟"، كما وصلنا توجس الطفل وائل بدران من المصير المجهول لعائلته، كما خوفه الشديد من النوم في العراء!
يقول أبو دياب "آلمني سؤال الطفل وائل لي هذا الصباح وهو يلح في السؤال "عمو وين راح ننام الليلة؟"، مؤكدًا أن الاحتلال هدم نفسية السكان قبل أن يهدم بيوتهم!
حديث الناس هذه الفترة عن كيفية التصدي للهدم، وعن آلية الهدم، وعن مصير العائلات بعد الهدم مؤلم جدًا بالنسبة للناشط المقدسي، حتى أن الصغار باتوا يقتربون منه بحثًا عن منقذ لهم.
عائلة بدران ليست وحدها التي عاشت حالة الترقب الأصعب، فعائلات جلاجل، وأبو كايد، وأبو دياب، وغيرها من عائلات حي البستان تنتظر تنفيذ قرار الاحتلال هدم منازلهم!
الجدير ذكره أن بلدية الاحتلال كانت قد أمهلت مطلع يونيو الجاري، 13 عائلة من الحي، من أصل 17 ينطبق عليها قانون "كامينتس"، 21 يومًا لهدم منازلها ذاتيًا، أو تتحمل تكاليف ذلك في حال اضطرت البلدية لإرسال طواقمها وجرافاتها لارتكاب تلك الجريمة.
ينتظر التراخي!
الحراك الجماهيري وصمود المقدسي وثباته في حي الشيخ جراح وباب الرحمة والعامود وغيرها ساهم بشكل كبير في تأجيل تعديات الاحتلال وقرارات هدمه في القدس وبلداتها، الأمر الذي أعطى أهل سلوان أملًا جديدًا في معركتهم في وقف بقية قرارات الهدم.
وانسحبت آليات بلدية الاحتلال صباح اليوم الثلاثاء من حي البستان بعد هدم محل المقدسي نضال الرجبي، تخلله مواجهات أدت الى إصابة أربعة شبان بالرصاص المعدني والغاز.
يخبرنا الناشط بتواجد كثيف للطواقم الإعلامية والدبلوماسيين الأمر الذي قد يؤدي إلى تأخير استكمال عملية الهدم وفق قوله، في حين قد ينتظر الاحتلال الفرصة المناسبة لينقض على المنازل ويعود للهدم بشكل مباغت!
ويقول عبر اتصال هاتفي "للرسالة": "الاحتلال ينتظر تراخي تواجد العائلات والحراك الجماهيري أو انصراف الإعلام عن المشهد (...) الاحتلال الإسرائيلي يؤخر الهدم بغية الالتفاف على هذا الزخم".
لسنوات طويلة يدعي هذا المحتل أن حي البستان في سلوان يمثل إرثًا حضاريًا للشعب اليهودي، لذلك عمل على تهويد اسمه وتحويله إلى "حديقة الملك داوود" منذ عام 2005، ويسعى منذ ذلك الوقت إلى هدمه بشكل كامل، إلا أن القدس بأحيائها وثبات رجالها ظلت ثابتة رغم التهويد والتهجير القسري، عصيةُ رغم الهدم!