قائد الطوفان قائد الطوفان

مصر والسودان يطالبان باتفاق ملزم والدول الكبرى تحيل الخلاف إلى الاتحاد الأفريقي

سد-النهضة.jpg
سد-النهضة.jpg

الرسالة نت- وكالات

عقد مجلس الأمن جلسة مساء الخميس لبحث أزمة سد النهضة، حيث طالبت مصر والسودان باتفاق قانوني ملزم، بينما أكدت فرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا أن الاتحاد الأفريقي هو المكان الأنسب لحل الخلاف.

وانعقدت الجلسة لمناقشة مشروع قرار قدمته تونس بشأن سد النهضة تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، لكن مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة ذكرت لوكالة الأناضول قبل الانعقاد أنه لن يكون هناك تصويت على مشروع القرار.

وأوضحت المصادر أن هناك عددا متزايدا من الدول الأعضاء بالمجلس على قناعة بأن مجلس الأمن ليس المكان المناسب لمناقشة النزاعات بين الدول حول أنهار المياه العابرة للحدود، كما أن هناك خلافات بشأن تحديد مشروع القرار فترة زمنية بحد أقصى 6 أشهر للتوصل إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان.

وخلال الجلسة، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد "نؤمن أن الاتحاد الأفريقي هو الأنسب لتسوية أزمة سد النهضة".

وأضافت أن بلادها ملتزمة بدعم استقرار القرن الأفريقي وتسوية الخلافات بشأن سد النهضة.

أما مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبيزيا فاعتبر أن رفع عدد الوسطاء في مفاوضات سد النهضة لن يكون له قيمة، مضيفا "نحن قلقون من تنامي الخطاب التهديدي في أزمة سد النهضة".

كما أكد المندوب الروسي أنه لا حل لتسوية النزاع إلا من خلال القنوات السلمية بمشاركة الدول الثلاث، محذرا مما وصفه بصب الزيت على النار والتهديد باستخدام القوة. 

من جانبها، دعت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة بربارا وودوارد الدول الثلاث إلى "تقديم تنازلات من أجل التوصل لاتفاق".

ودعت المندوبة النرويجية في مجلس الأمن الدولي منى جول الأطراف المعنية إلى مواصلة التفاوض تحت قيادة الاتحاد الأفريقي، مؤكدة أن قضية السد مهمة ومصلحة أساسية للبلدان المعنية.

وقال مندوب كينيا في الجلسة "ندعو الأطراف إلى العودة لطاولة المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي".

أما مندوب تونس في الأمم المتحدة طارق الأَدَب، الذي يمثل المجموعة العربية، فشدد على أهمية أن يلعب مجلس الأمن دورا في دعم وساطة الاتحاد الأفريقي، وعبر عن أمله في أن تسهم جلسة مجلس الأمن في إعطاء دفعة جديدة وحاسمة للمفاوضات.

وكان مندوب جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة ماجد عبد العزيز عبد الفتاح قد قال ردا على الانتقادات الإثيوبية لدور الجامعة الداعم للموقفيْن المصري والسوداني، إن الجامعة تعمل على تنفيذ قرار الاجتماع الوزاري الذي انعقد في الدوحة، مشيرا في تصريح للجزيرة إلى أن رد فعل إثيوبيا مرده ضعف موقفها.

وأكد عبد الفتاح أنه في حال تأمين موافقة تسع دول على مشروع القرار التونسي بشأن سد النهضة فسيُدفع به للتصويت حتى لو لم يكن هناك توافق كامل بشأنه في مجلس الأمن.

الدول الثلاث

من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الجلسة إن أساس الأزمة "سياسي"، معتبرا أن "موقف إثيوبيا المؤسف قوض كل محاولات التوصل إلى اتفاق".

وتابع الوزير المصري قائلا "إذا تعرضت حقوقنا للخطر فلن يبقى أمامنا سوى حماية حقنا الأصيل في الحياة"، معتبرا أنه يجب بذل قصارى الجهد وعبر مجلس الأمن لمنع السد من أن يصبح تهديدا لوجود مصر.

وأضاف شكري "لا نعترض على حق إثيوبيا بالاستفادة مياه النيل الأزرق بل نطالبها باحترام التزاماتها الدولية"، مؤكدا أن بلاده لا تطالب مجلس الأمن بفرض تسوية على الأطراف، وأن مشروع القرار هدفه إعادة إطلاق المفاوضات.

كما أكد وزير الخارجية المصري أن 100 مليون مصري و50 مليون سوداني يعيشون تحت الخطر بسبب سد النهضة، وأن مصر ستفقد 120 مليار متر مكعب من المياه بسببه أيضا.

وبعد الجلسة، عقد شكري مؤتمرا صحفيا قال فيه "نعتقد أن مسودة القرار الذي قدمته تونس تتضمن كل الإجراءات التي نسعى لتحقيقها".

وأضاف أن مصر تتطلع لتحمل مجلس الأمن مسؤولياته في إطار الدبلوماسية الوقائية من أجل التدخل وحل الأزمة، معتبرا أنها ليست قضية يصعب حلها وأن إثيوبيا لم تظهر إرادة سياسية للتوصل إلى حل.

وقال أيضا "نأمل أن تترجم روسيا رغبتها في التوصل إلى اتفاق بدعم مشروع القرار التونسي بشأن سد النهضة"، مؤكدا أن مصر ملتزمة بمبادئ مواثيق الأمم المتحدة وأنها ستستمر في إظهار المرونة والرغبة في دعم عملية الاتحاد الأفريقي.

وتابع شكري قائلا "مصر أقرت بأحقية إثيوبيا ببناء السد واستغلال النيل كمورد للتنمية وما نطلبه هو حماية أمننا المائي من أضراره".

من ناحيتها، قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إن بلادها دعمت بناء سد النهضة منذ البداية بشكل يحفظ حقوق الدول الثلاث، مشددة على أهمية الاتفاق الملزم لحماية الأمن البشري والسدود والأمن الإستراتيجي للمنطقة.

واعتبرت المهدي أن "إثيوبيا اتخذت خطوات منفردة في السابق أضرت بحياة الكثير من مواطنينا"، وأن على مجلس الأمن أن يدعو إثيوبيا إلى عدم اتخاذ خطوات أحادية وإعطاء دور أكبر للممثلين الدوليين في المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

وأضافت وزيرة الخارجية السودانية أنه من دون اتفاق على تعبئة السد فإن فوائده ستتحول لمخاطر على نصف سكان السودان وسكان مصر، وأن السد سيقلل مساحة الأراضي الفيضية في السودان بنسبة 50%.

وأكدت المهدي أن استهداف تعطيل قدرات السودان الزراعية "يعد أمرا بالغ الخطورة ومهددا لمستقبل نهضتنا الزراعية".

وعقدت وزيرة الخارجية السودانية مؤتمرا صحفيا قالت فيه "ندعو مجلس الأمن لتشجيع الدول الثلاث على التفاوض في إطار موسع".

وكان مدير سد الروصيرص السوداني عبد الرحمن عبد الله قد قال للجزيرة إن منسوب مياه النيل الأزرق انخفض الخميس لنحو 380 مليون متر مكعب مقارنة بـ 150 مليون متر مكعب قبل عام، كما كشف عن صعوبات تواجه إدارة السدود السودانية للتشغيل في غياب تبادل المعلومات مع سد النهضة.

في المقابل، قال وزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي "اليوم يتم التدقيق في مجلس الأمن بتشغيل سد لتوليد الطاقة وهو أمر غير مسبوق"، مضيفا أن مجلس الأمن هيئة سياسية تعنى بالأمن وأنه من غير المفيد طرح مسألة فنية عليه.

وقال أيضا "إذا وافق مجلس الأمن على مطلب مصر والسودان فسيعلق في نزاعات مماثلة بين دول عدة.. نأسف لكون بلدان شقيقة اختارت أن تطرح ملف سد النهضة على مجلس الأمن".

وتابع بقلي قائلا "مضطرون لاستنتاج أن اعتراض مصر والسودان هدفه منعنا من استخدام مياهنا".

وأكد أن سد النهضة في المكان الصحيح وأن هدفه تحسين حياة سكان المنطقة، وقال إن "مياه النيل تكفينا جميعا وعلينا أن نعي أن الحل لا يمكن أن يأتي من مجلس الأمن".

كما اعتبر الوزير أن السد ليس الأول من نوعه، وأن خزانه أصغر بمرتين ونصف من خزان سد أسوان في مصر، مؤكدا أنه ليس لإثيوبيا مخزون مياه كبير وأنه لا بديل عن سد النهضة.

وتابع بقلي قائلا "مشروع سد النهضة هو محاولة لتحقيق حلم الإثيوبيين واستجابة لمتطلبات حياتهم".

ورأى وزير الري الإثيوبي أن السد سيخزن المياه بشكل يتماشى مع ما تم الاتفاق عليه مع مصر والسودان، مؤكدا أن بلاده لا تستجيب للضغوط وأنها ملتزمة برعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات.

الموقف الأممي

من ناحية أخرى، قال المبعوث الخاص للأمين العام للقرن الأفريقي بارفيه أونانغا أنيانغا إن كل الدول التي تتشارك في الأنهار العابرة للحدود تتمتع بحقوق وعليها واجبات، داعيا الدول الثلاث إلى التعاون فيما بينها وتفادي أي تصريحات تزيد من التوتر.

بدورها، أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أنغر أندرسن في إفادتها أنه من الممكن أن تحرز الأمم المتحدة مع الأطراف المعنية تقدما على نحو سلمي والتوصل إلى اتفاق مثالي، ولكن ذلك يتطلب إظهار الإرادة من الأطراف المعنية وتجاوز الخلافات.

والاثنين، أخطرت إثيوبيا دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراء أحادي الجانب.

وتطالب مسودة القرار العربي، الذي قدمته تونس، كلا من مصر وإثيوبيا والسودان بمواصلة التفاوض لمدة 6 أشهر، بغية التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وتدعوها إلى عدم اتخاذ تدابير أحادية.

المصدر : الجزيرة + وكالات

البث المباشر