غزة – وكالات – الرسالة نت
تجذّر حب فريقي برشلونة وريال مدريد في قلوب شباب غزة في السنوات الخمس الأخيرة، إلى درجة تخطت حد المتابعة والتشجيع عبر التلفاز، ووصلت إلى إقامة مباراة رمزية ودية بين مشجعي الفريقين في القطاع وذلك قبل المباراة الأصلية التي ستجمعهما في الدوري الإسباني على أرضيّة ملعب "كامب نو" الإثنين المقبل..
أراد أبناء المخيمات واللجوء في غزة أن يعبروا بطريقتهم الخاصة عن حبهم للمنتخبات الأوروبية، وتشجيعهم المستمر لها وحماسهم الدائم، وانتظارهم على أحر من الجمر المباريات التي تجمع أشهر فرق كرة القدم على الإطلاق وهما برشلونة وريال مدريد الأسبانيين.
نشجع الفرق الأوروبية بحماس ووعي
"ساهر عثمان" أو كما يلقب بـ "أبو سهيل" هو أحد أبرز مشجعي نادي برشلونة على مستوى قطاع غزة، وهو من أدار المباراة بتراضي مشجعي برشلونة وريال مدريد.
يقول: "لم يرغب الشباب أن يكون حبهم لريال مدريد وبرشلونة مقتصر فقط على الذهاب إلى القهوة ومشاهدة مباراة لمدة 90 دقيقة فقط بل أرادوا تطوير هذا التشجيع بحيث لا تقتصر علاقتهم مع النادي الذي يشجعونه على متابعة الأخبار بل أرادوا أن يشعروا به على أرض الواقع من خلال إقامة مباراة بين مشجعي الفريقين".
ويعتقد "أبو سهيل" أن الفكرة جيدة وأن انتماء الشباب للفرق التي يشجعونها قوي جدا وليس له مثيل على مستوى الوطن العربي، ولكنه يبين: "لكن موقع بلدنا المعزول عن العالم الآخر من الناحية السياسية وكذلك الحصار هو ما يجعل الأنظار إلينا قليلة".
ويوضح: "عندما نشجع تلك الفرق فإننا نتابعها عن وعي بعيدا عن التلقائية في التشجيع للفرق الأوروبية، وذلك يكون واضحا عند حضور مباراة حيث ستشعر أن هناك انتماء حقيقيا للفرق وللزي الذي يرتديه".
ويقول "أبو سهيل" بأن غزة بها نسبة كبيرة من المتعلمين وذلك ما يجهله الآخرون، ويضيف: "يعتقد البعض حول العالم أننا نعيش في خيام ولا نملك وسائل الإتصال الحديثة وأن حياتنا مقتصرة على الطعام والشراب فقط، وبالتالي مهمتنا الأساسية أن نوصل رسالة مفادها أننا شعب مثقف في جميع المجالات خاصة الرياضة وأننا شعب يحب الرياضة ويمارسها، ولكن بحكم الحصار أصبحت هذه الرياضة مقصورة على مثل هذه المباريات الودية التي ينظمها الشباب".
ويتمنى من جميع مشجعي ريال مدريد وبرشلونة أن يقوموا بمثل هذا العمل لأنه كما يقول: "يساعد الشباب على كسر حاجز الملل ومقاومة الضغوطات التي تواجههم، ويضيف: "لا يجب أن نستسلم لظروف الحياة اليومية، بل علينا أن نبادر من خلال هذه المبارايات التي تتسم بالمثابرة والحيوية والتي قد تتطور من مباراة واحدة إلى دوري بأسماء أندية مشهورة".
ويوجه "أبو سهيل" رسالة لرابطات ومشجعي ريال مدريد وبرشلونة على مستوى الوطن العربي، فيقول: "هناك مشجعون لهذه الفرق في قطاع غزة ولديهم إنتماء شديد جدا لها، ويتابع: "نسمع أن مشجعين ريال مدريد في مصر والوطن العربي يتم دعوتهم لمشاهدة مباراة واقعية في الوطن الأم للنادي، ونحن نتمنى أن نصل إلى هذه المرحلة".
لقاء وديّ في إطار الروح الرياضية
إسماعيل معين 22 عام، أحد مشجعي نادي برشلونة الأسباني بغزة وهو صاحب فكرة المباراة وكان لاعبا أساسيا فيها يقول :"الفكرة كانت وليدة اللحظة وقد جاءت لأن مباراة الكلاسيكو الرسمية في 29/11 اقتربت ومن باب الروح الرياضية والألفة مع أصدقائنا في نادي ريال مدريد، حيث اتفقت مع صديق لي وهو مشجع فريق ريال مدريد، وبدأنا اللعب على ملعب عشبي صغير مناسب، وإن شاء الله سيكون هناك مباريات أكثر في المستقبل القريب".
ويبين: "هناك تعصب شديد في أندية الدول العربية وخاصة الأهلي والزمالك، بينما تشجيع ريال مدريد وبرشلونة أفضل بكثير، كما أن معظم المشجعين في الوطن العربي يشجعون أندية أوروبية لأن نمط اللعب فيها أفضل بكثير ولا يقاس بالأندية العربية لأن الإمكانيات أفضل وكذلك مفهوم اللعب وأساساته السليمة".
ويضيف: "عندما أذهب للمقاهي في غزة أرى أنه إذا كانت المباراة لأندية عربية فلن تجد إلا 10 إلى 20 شخص فقط ولكن إذا كانت المباراة لأصغر فريق في أوروبا فيصل عدد المشجعين إلى 100 شخص، وأقرب مثال مباراة الريال مدريد وبرشلونة يصل عدد الحضور إلى 300 شخص".
ويقول بأن المشكلة التي تواجههم كشباب هو أن بعض المشجعين من كلا الفريقين غير مثقفين رياضيا ويبدون آرائهم في اللاعبين والمباريات.
ويضيف: "هناك أشخاص لا يعرفوا شيء عن تاريخ النادي والفريق الذي يشجعوه، أما بالنسبة لي فقد بدأت بتشجيع برشلونة منذ 2001 عندما شاهدت الآداء الرائع الذي يقدمه برشلونة والأساطير مثل مارادونا وكوبالا جعلتني أنجذب إليها".
ويتمنى إسماعيل أن يكون هناك تجربة ناجحة لأندية عربية تضاهي أندية أوروبا ويضيف: "خاصة في دول الخليج الذين يحاولون تقليد النمط الأوروبي ولكن ذلك يحتاج إلى عقلية وتفكير وليس مجرد جماهير تحضر مباراة وشراء لاعبين بمبالغ طائلة دون أن يكون هناك نتيجة إيجابية". ويوجه إسماعيل رسالة للعالم قائلا: "على العالم أن يعرف بأن شباب غزة لا تمنعهم الظروف ولا الحصار من تحقيق أهدافهم وطموحاتهم، وأننا شعب يريد العيش بسلام كباقي الشعوب".
ويطالب كل من لاعبي الفريقين أن يأتوا إلى غزة ليشاهدوا ما فيها، لأن ذلك سيشجع الشباب الإهتمام بالكرة ويزيد من عزيمتهم في مواجهة التحديات كما يقول.
مشجعو برشلونة أكثر عدداً في غزة
وسيم الباز والذي ينتمي بتشجيعه إلى نادي ريال مدريد الإسباني ويلعب ضمن فريق مشجعي ريال مدريد بغزة يقول بأنه متمسك بتشجيع فريقه لأنه يحبه حبا يصفه بالأزلي.
ويضيف: "منذ طفولتي وجدت والدي يشجع ريال مدريد وكنت أتابع معه المباريات منذ 10 سنوات، وقد كان له دور قوي في ذلك لأنه رياضي كبير، وأصبحت أقرأ عن تاريخ ريال مدريد وانجازاته فازداد حبي للفريق".
ويتحدث وسيم عن فكرة المباراة التي ستجمع مشجعي الفريقين فيقول: "جميعنا أصدقاء كمشجعين، وقد جاءتنا الفكرة قبل اقتراب موعد مباراة الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد، فدفعنا حبنا لهذه الفرق أن نطبق الفكرة مسبقا ونقوم بعمل نسخة لهذه المباراة وأن نقول لهم أننا نحبكم".
ويبين وسيم أنه يحب فريقه ريال مدريد بدرجة كبيرة لا توصف ويشعر بالحزن عند خسارته ولكن الأمور لا تصل إلى درجة التعصب الأعمى لأنه كما يقول الرياضة فن وروح وأخلاق عالية.
ويوضح قائلا: "كثيرا ما يحدث اختلاف كلامي بيني وبين بعض مشجعي نادي برشلونة، وأحيانا يكون مشجع برشلونة متفهم فيكون النقاش موضوعيا وبناء فنتفق، ولكن أحيانا يكون المشجع متعصبا فلا تصل معه إلى نتيجة".
ورغم أنه مشجع مدريدي إلا أنه يرى بأن جمهور نادي برشلونة أكثر وأكبر في قطاع غزة، ويشير: "السبب في ذلك هو أن مشجعي برشلونة يعتقدون بأن النادي يدعم أطفال غزة كما أن كلمة يونيسيف مكتوبة على زيهم الرسمي، وفي اعتقادي هذا خطأ".
ويشير وسيم إلى أن نادي ريال مدريد ساند القضية الفلسطينية ووقف إلى جانب شعبها، ويوضح ذلك قائلا: "دعم النادي المدريدي لم يكن ماديا ولكنه معنويا فعلى مر الزمن نلاحظ أن راؤول كابت ريال مدريد قد حضر إلى فلسطين وكذلك كريستيانو رونالدو، وزين الدين زيدان الذي حاول أكثر من مرة قبل أشهر أن يأتي إلى فلسطين، وهذا دليل على أن ريال مدريد تناصر قضيتنا".
ويؤكد أن هناك أنشطة أخرى وأفكار عديدة سيكون أولها تكوين رابطة على أسس صحيحة وسليمة، ولكنها كما يقول محكومة بالعنصر المادي.