قائد الطوفان قائد الطوفان

الاحتلال يرفع موازنة الاستيطان والسلطة تهبط بموقفها

الرسالة نت- شيماء مرزوق

من مكتبه في مقر المقاطعة برام الله القريب من مستوطنة بيت إيل، يحاول رئيس السلطة محمود عباس إحداث أي اختراق في ملف التسوية السياسية والعودة لطاولة المفاوضات، يأمل كثيراً في اللقاءات مع الساسة الإسرائيليين، يتوق لأيام الطاولة المستديرة، يقول إنه يريد إقامة دولة فلسطينية عبر المفاوضات، لكنه يتجاهل الإجابة على السؤال الأهم: كيف يمكن أن تقوم دولة تفقد يومياً أهم مقوماتها: "الأرض"؟!.
حركة الاستيطان لا تتوقف في الضفة الغربية بل وسبقت كل المشاريع السياسية.
حكومة الاحتلال رصدت ضمن ميزانيتها السنوية التي صادقت عليها صباح الإثنين مبلغ 400 مليون شيقل لصالح الاستيطان في الضفة الغربية، وذلك لصالح تطوير مستوطنات الضفة، وشق طريق التفافي " حزما – آدم" شمالي شرق القدس خلال العام 2022، بالإضافة لرصد 25 مليون شيقل ميزانية لنثريات سنوية للمستوطنات.
الدعم الكبير لمستوطنات الضفة أمر في غاية الأهمية لأي حكومة (إسرائيلية) أيًا كانت توجهاتها السياسية، لأن الاستيطان يشكل أحد أهم ركائز وتمدد المشروع الصهيوني، وهو الذي يوفر لهذا المشروع القدرة والفرصة على التمدد والتغلغل والسيطرة على الأرض، وفي المقابل يمنع قيام أي دولة فلسطينية.
الخطورة تكمن في أن السلطة رفعت من سقف تصريحاتها المتعلقة بالمشروع السياسي، وضرورة العودة للمفاوضات للتوصل إلى حل للصراع، متعللة بتغيير إدارة ترامب وحكومة نتانياهو، وكأنها تختزل قضية ضخمة في شخصين.
في المقابل ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الأرض في الضفة الغربية المحتلة بما فيها مدينة القدس، يندرج ضمن مخطط استراتيجي إسرائيلي تسير وفقه كل الحكومات المتعاقبة سواء كانت ليكودية أو عمالية للسيطرة على الأرض.

ويعمل الاحتلال وفق سياسة واضحة في الاستيطان تهدف إلى توسيع وتمديد الاستيطان في الضفة وجعل البؤر الاستيطان مترابطة، وفي ذات الوقت تحويل التجمعات السكانية الفلسطينية إلى كنتونات محاصرة وغير قادرة على التواصل.
وبات هناك محوران طوليان في الضفة الأول على طول غور الأردن، والثاني على طول الخط الأخضر، و3 محاور قطعية تُقطّع الضفة إلى كانتونات ومساحات منفصلة وتكرس السيطرة على مناطق (ج)، التي تبلغ مساحتها 62% من الضفة وبها كل الخيرات فوق الأرض وتحتها".
وفي وسط كل ما سبق تستجدي السلطة "التفاوض بهدف التفاوض" وتهبط بسقف الموقف الفلسطيني منذ عملية التسوية وحتى الآن، كما تتراجع في مواقفها مقابل زيادة التعنت الإسرائيلي، حيث تكاد لا تذكر مسألة الاستيطان في الحديث عن المشروع السياسي الذي ترغب في إعادة إحيائه.
وتركز السلطة وكبار المسؤولين في حديثهم عن الاستيطان بعيداً عن توصيفه غير الشرعي والقانوني أو ضرورة إزالته كلياً من أراضي الضفة المحتلة، وإنما باعتباره معرقلًا أو عقبة في طريق المفاوضات.
وفي قائمة المطالب التي قدمتها السلطة لواشنطن كشرط لاستئناف مفاوضات التسوية المتوقفة مع إسرائيل منذ أكثر من 7 سنوات، تقدمت المطالب الاقتصادية والمعيشية على ملف الاستيطان، ووردت كمطلب بوقف توسيع المستوطنات، بما في ذلك البناء في القدس الشرقية، ووقف هدم المنازل في غور الأردن شرقي الضفة الغربية.
المفارقة أن سقف السلطة بات أدنى من سقف الكونغرس الأمريكي نفسه الذي تقدمت مجموعة من أعضائه بمذكرة لوزارة الخزانة الأمريكية لإغلاق منظمات موّلت الاستيطان بمئات ملايين الدولارات.
ووقع على المذكرة سبعة من أعضاء الكونغرس، طالبوا فيها بالمراجعة القانونية لوضع مؤسسات غير ربحية معفاة من الضرائب مقرها في الولايات المتحدة وتجمع التبرعات لبناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وطالبت المذكرة بإغلاق هذه المؤسسات والمنظمات الأمريكية ومحاكمة القائمين عليها بتهم خرق القانون الأمريكي. وبحكم القانون الأمريكي فإن على وزيرة الخزانة الرد على المذكرة ضمن مهلة لا تتجاوز الـ 30 يوما.
وطالب الأعضاء الموقعون بالتحقيق بالوضعية القانونية وإغلاق مؤسسات تمول الاستيطان، أهمها الصندوق المركزي لإسرائيل (CFI) ومقره الولايات المتحدة ومسجل في ولاية نيويورك.
وحسب المذكرة فإن الصندوق من بين عدة مجموعات مقرها الولايات تجمع تبرعات لنزع ملكية الفلسطينيين لأراضيهم وتشريدهم لإفساح المجال للمستوطنين للاستيلاء عليها.
هذه التحركات تكشف ضعف الموقف الرسمي الفلسطيني في مواجهة الاستيطان، حيث أن الاستيطان كمشروع استراتيجي للاحتلال والمشروع الصهيوني يحتاج إلى مشروع استراتيجي فلسطيني واضح لمحاربته، وهذا يتجاوز المقاومة الشعبية إلى سياسة واضحة المعالم على كافة الجبهات، وهذا غير موجود لدى النظام السياسي الفلسطيني".

البث المباشر